|
ماذا يعني تعيين ليبرمان وزيرا للجيش؟
نشر بتاريخ: 19/05/2016 ( آخر تحديث: 19/05/2016 الساعة: 10:09 )
الكاتب: سفيان أبو زايدة
هناك امور غير مفهومة تجري في اسرائيل ، ليس فقط بالنسبة لنا كفلسطينيين او كمراقبين خارجيين، بل غير مفهومه ايضا للاسرائيليين انفسهم.
في اسرائيل غير قادرين على فهم سلوك نتنياهو في تفضيل ليبرمان المتطرف في مواقفه و الذي يعتبر اشد المعارضين له على هرتسوق المعتدل نسبيا . حيث في الوقت الذي يحتاج فيه نتنياهو الى تجميل صورة اسرائيل امام العالم في ظل النفور من حكومته اليمينية المتطرفه يزيد الطين بله بأضافة متطرف اخر الى هذه الحكومة. غير مفهوم لديهم كيف يمكن استبدال وزير حرب بحجم بوجي يعلون الذي كان رئيسا للاركان و خدم في الجيش طوال حياته من جندي الى رئيس اركان ، وشغل كل المناصب العسكرية الممكنة ، يعرف المؤسسة العسكرية بكل تفاصيلها و خاض كل حروب اسرائيل ، كيف يمكن استبداله بشخص لا يمتلك اي تجربه عسكرية و لم يشارك في اي معركة في حياته؟ كيف لنتنياهو ان يبيع حليفه الاستراتيجي بوجي يعلون الذي وقف بجانبه طوال الفترة السابقة ، كيف له ان يبيعه على اول مفترق و يتنازل عنه بهذه السهولة دون اي تردد. قد يكون هذا الامر اقل مفاجأة بالنسبة لغالبية الاسرائيليين حيث معروف عن نتنياهو بعدم الوفاء لاصدقائه و حلفائه. كيف لنتياهو ان يجلب الثعبان ( ليبرمان) و يضعه في ( عبه ) وهو يعرف ان الاخير يسعى الى استبداله كرئيس وزراء ، مع العلم ان القاعدة في اسرائيل تقول ان من يصبح وزيرا للجيش تُمهد له الطريق ليصبح رئيسا للوزراء. صحيح هذه القاعدة كانت تنطبق على يعلون الذي اعتبره نتنياهو الخطر الحقيقي و المباشر عليه ، ولكن استبدال خطر بخطر اكبر شيء غير مفهوم بالنسبة لغالبية الاسرائيليين. مع ذلك ، تعيين ليبرمان سيكون له تداعيات على السياسة الاسرائيلية، ليس على الصعيد الاستراتيجي، حيث هناك حكومة يمينية فقط ليبرمان سيعزز من تشددها ، ولكن التغيير سيكون على الصعيد التكتيكي، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع السلطة الفلسطينية و كذلك حركة حماس. هناك من يقول ان وزير الجيش ايفيت ليبرمان هو عبارة عن شخصين و ليس شخص واحد. ايفيت المتطرف الذي يدعو الى اقتلاع حركة حماس و اغتيال اسماعيل هنية، و يدعوا الى انهاء السلطة بشكلها الحالي، و خاصة انهاء دور الرئيس عباس و البحث عن بديل عنه. ايفيت الذي يدعو الى اعادة احتلال غزة و تغيير الوضع هناك ، و ايفيت الذي قال في السابق انه يجب قصف السد العالي في مصر. وهناك ليبرمان البرغماتي الذي لديه الاستعداد للتعاطي مع المبادرات السياسية، ليس لديه مشكلة في اقامة دولة فلسطينية و الانسحاب من غالبية المستوطنات و لكن بشرط ان يتم ضم ام الفحم و سكان وادي عارة الى مناطق الدولة الفلسطينية. ليبرمان الذي ليس لديه مشكله حتى في تقسيم القدس و التخلي عن السيادة في الحرم. ليس هناك تخوف في اسرائيل ان وزير الجيش الجديد سيتصرف وفقا لمزاجيته و أهوائه و يتخذ ما يراه مناسبا من قرارات. لا شك سيكون له تأثير في اطار محدود، ولكن قرار الحرب و السلام تتخذه الحكومة و ليس شخص ، حيث يشارك في جلساتها ايضا رئيس الموساد و رئيس الشاباك و رئيس الاركان و مدير الشرطة . ان تكون في المعارضة بأمكانك ان تقول اي شيء وقتما تشاء و تجري مقابلات تلفزيونية و بعدها تذهب للبيت لتنام بعد ان تلعب مع اولادك و احفادك، اما ان تكون في موقع المسؤولية ، فهذا شيء مختلف تماما . ليبرمان كوزير للجيش سيتغلب على ايفيت. مع ذلك تجربة الاسرائيليين مع وزراء للجيش ليس لهم خبرة او خلفية عسكرية هي تجربة مريرة ، حيث في العهد القريب كان عمير بيرتس وزيرا للجيش حيث قاد ذلك الى حرب لبنان الثانية عام ٢٠٠٧، و قبل اكثر من نصف قرن كان في اسرائيل وزيرا للجيش اسمه اسحاق لافون ، و بالتحديد في مطلع الخمسينات، لم يمتلك ايضا خبرة او خلفية عسكرية ، خلال سنواته الاربعه ورط اسرائيل في اكثر من عملية عسكرية فاشلة، اشهرها فضيحة لافون و التي اعتقل فيها عملاء للموساد كان هدفهم التخريب في مصر وبعد ذلك العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦. على اية حال ، لم يكن نتنياهو مضطرا الى اللجوء الى هذا الخيار ، حيث من الصعب التخيل ان وجود ليبرمان كوزيرا للجيش سيخدم اهداف نتنياهو التكتيكية. عندما يجلس في الحكومة على يمينة ايفيت ليبرمان و على يساره نفتالي بينت ، حيث جميعهم يتنافسون على اصوات اليمين و اليمين المتطرف ، حينها صوت العقل سيكون غائبا في كثير من الاحيان. |