![]() |
الحزن في بلاد الغربة - المبعد من كنيسة المهد جهاد جعارة فقد والدته ووالده اثناء فترة الابعاد - متى العودة ?
نشر بتاريخ: 16/11/2007 ( آخر تحديث: 16/11/2007 الساعة: 11:41 )
جهاد جعارة ... رجل يشبه بندقيته - بقلم ناصر اللحام
شاهدت اناسا يشبهون اولادهم, وآخرين يشبهون كلابهم, والبعض يشبه رقم هاتفه الخلوي, ولكن لم ار في حياتي رجلا يشبه بندقيته بألمها وانفعالها, بشجاعتها , ومساومتها بهجومها ودفاعها ، مثل جهاد جعارة . وجهاد جعارة لاجيء من مخيم العروب شمال مدينة الخليل تزوج من القدس ثم تزوج من اريحا ثم تزوج من البندقية , حملها فحمل الدم على يده ومنذ ذلك الحين وهو يأخذ الوطن مثل حقنة في العضل , وبينما هو يشعر بابرة الوطن تنغرز في عضله وتتشنج ساقه من الألم, يشاهد الآخرين يشربون الوطن مثلما يشربون الكولا, فيعض على قلبه, وغالبا ما يعض جهاد على قلبه. وفي ذروة الانتفاضة حذرني ضابط الشاباك من علاقتي بجهاد جعارة وقال : جهاد مجنون, ترك منصبا جيدا في جهاز الأمن الوقائي ليصبح قائدا في كتائب شهداء الأقصى ، ويخبرني اصدقائي ببراءة ان علي ان أقطع علاقتي بجهاد لئلا اؤذي نفسي فأضحك . وحين اخرج الرهبان جهاد من كنيسة المهد على نقالة ورموه في طائرة عسكرية اوروبية نقلته بسرعة نفاثة الى صقيع اوروبا اعتقدت ان جهاد سيغرق في ملذات دبلن ويلتحم بمكوك الحضارة , لكن عملية الالتحام فشلت وحين ذهبت هناك وجدته في بلفاست مثل شال من حرير سقط عن كتف اميرة مغرورة بجمالها ويتهافت الجميع لالتقاط الشال لكن ..... انتهى المشهد . ما علينا ، حين التقيت جهاد جعارة في مكتبي يتحدث بسرعة وانفعال ويلبس الكاكي تذكرت فورا قصة غسان كنفاني جسر الى الأبد ولأنني كنت اعتقد انه لم يقرأ القصة فلم أخبره بذلك ولكنني كلما كنت اراه ينزف , كان تعلّقي به يزداد لأنني كنت أشعر انني انا الذي ينزف . " اطفيء, لقد ايبستك النار يا رجل " قلت له على حين غرة - ولكنه كان مستعد للإجابة واذهلني حين فضّل السجن في زنزانة نفحة او عسقلان على عواصم الغرب . كان لويس الرابع عشر قال " انا الوطن والوطن انا" وعادة ما تكون الحياة خارج نطاق المنطق وما يفكر به العقلاء يقوم به المجانين , وفي حالتنا علينا ان نسأل من هو الوطن ؟ وليس ما هو الوطن؟؟؟ فالوطن عاقل ولكننا نحن المجانون . حين حوصر جهاد جعارة في كنيسة المهد وغرق في هاجس ان الأطباء سيقطعوا ساقه المصابة برصاصة ، وضعه رفاقه في المكان الذي ولدت فيه مريم العذراء عيسى المسيح .... ثم...... ثم انتهى المشهد. الممثلون جاهزون, المنتج من اثرياء الغرب والمخرج ممثل فاشل . قلت: تموت الزريبة وتحيا الحمير. قال: ولماذا تتركون الحصان وحيداً ؟ قلت: كتائب شهداء الاقصى مثل الفهد الاسود . قال: تونس مثل مصر. قلت: ما الذي لا يعجبك في العولمة ؟ قال: لا تسألني عن الحياة فأنا رجل ميت. قلت: ليس ثمة اصدق من حكم يطلقه على نفسه رجل ميت. قال: اريد ان اعود لأربّي اولادي في مخيم العروب . قلت: نريد ان نأتي الى اوروبا. قال : مجانين. قلت: رجل يشبه بندقيته, ثائر اوتوماتيك.ضحكنا في شوارع ايرلندا وكان صائما . سلامي لك يا جهاد ولأيام كنتم فيها فوارس الليل والنهار على اسوار القدس ، ثم جاء البنك الدولي وحول تاريخ ميلادكم الى ارقام بنكنوت في حساب غيركم . |