وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في غزة- القضاء العشائري يحمي الارواح ويصون حقوق لا يحميها القانون

نشر بتاريخ: 02/06/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:10 )
في غزة- القضاء العشائري يحمي الارواح ويصون حقوق لا يحميها القانون

غزة- تقرير معا - في ظل ارتفاع معدلات الجريمة في قطاع غزة واستمرار الانقسام الفلسطيني منذ نحو عشر سنوات ، يلجأ كثير من الفلسطينيين إلى القضاء العشائري لحل خلافاتهم لسرعة البت في القضايا وخصوصا في قضايا الدماء.

ويؤكد القاضي العشائري الشيخ محمود سالم ثابت "أبو السعيد" أن العرف العشائري هو المظلة الآمنة التي يحتمي تحتها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وأنه مكمل للقضاء الوضعي ومساعد له وليس بديلا عنه خصوصا في ظل عدم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حتى الآن.

وقال "أبو السعيد" وهو شيخ عشيرة "الثوابتة قلازين" من قبيلة "الجبارات" إحدى قبائل النقب في حديث لمراسل "معا" :"قانون العرف والعادة وجد في ظل غياب الدولة وأدواتها ولابد من وجود نظام أو قانون ينظم العلاقة ما بين الفرد والجماعة" .

وأردف:"فلسطين على مر العصور حكمت من الأجنبي المحتل ، وبالتالي كان الاتجاه للعرف العشائري وقضائه نوعا من أنواع الوطنية ، ولغاية الآن الدولة لم تسيطر بمؤسساتها ومراكز شرطتها ومحاكمها على فلسطين ، وأتمني اقامة الدولة الفلسطينية حتى يبدأ قانون العرف العشائري في الانحسار".

واستدرك قائلا: "لكن في هذا الوقت العرف العشائري هو المظلة الآمنة التي يحتمي تحتها الشعب الفلسطيني ، والقانون الوضعي يستطيع تحصين الحقوق لكن لا يستطع تأمين الارواح.. نحن في القضاء العرفي نستطع تحصين الحقوق وتأمين الارواح من خلال المصالحات التي نعقدها .. وأرجو ألا يقترب أحد من القضاء العرفي في وقتنا الحاضر".


وتابع :"نحن لا نلغي القانون نحن أداة لمساعدة القانون ، وعندما نقوم بـ"بناء العمار" بين العائلات نؤمن المجتمع من ردات الفعل غير المحسوبة ، ونجهز القضية بعد موافقة المجني عليه على استرداد حقوقه المادية والمعنوية عن طريق العرف والعادة وذلك دون المساس بالحق العام.. فنحن نأخذ عن القانون 75% من المشكلة ونبقي الـ 25% للحق العام".

وسرد يقول :"من خلال عملي واهتمامي بقضايا الأمن والسلم المجتمعي وقضايا الدماء التي سالت أؤكد ان القانون العرفي هو صمام الأمان لشعبنا في قطاع غزة".

وبحسب "أبو السعيد" ثابت ، فإن القضاء العرفي يتميز بالقسوة في أحكامه والتشدد فيها ، كما يتميز بالسرعة في إصدار القرارات والأحكام وفي تنفيذها في وجه الكفلاء، كما يتميز بخاصية الاصلاح والقدرة على ازالة الاحقاد بين المتخاصمين وتصفية القلوب بعد اعادة الحقوق لأصحابها على عكس القانون الوضعي الذي رغم قدرته على تنفيذ الأحكام إلا أنه لا يستطيع ازالة الأحقاد من النفوس.

وبين أن المجرم في القضاء العرفي ليس مسئولا عن جرمه إلا في جرائم السرقة والاعتداء على العرض فقط ، وفي باقي الجرائم كالدم تطال المسئولية خمسة المجرم وهم (الولد والأب والجد وجد الأب وجد الجد) .

وأوضح أن درجات التقاضي في العرف تتكون من ثلاث طبقات ، فالقاضي الأول يعتبر محكمة اول درجة "ابتدائية" والقاضي الثاني "المعدوف ومعناه الاختيار لقاضي يتوخى منه العدالة والانصاف" ويعتبر استئناف ، والقاضي الثالث يعتبر قاضي تمييز لترجيح حكم على حكم في حال اختلاف قرار القاضي الثاني عن الأول.

وحول رأى القاضي العشائري بالجرائم ارتكبت والاعدامات التي حدثت مؤخرا من قبل النيابة العامة في قطاع غزة ، قال ثابت:"نحن مجتمع قبلي عشائري تسري فينا العشائرية ، والمسؤولية في العرف الجماعي مسؤولية جماعية وعلى هذا الأساس فإن تنفيذ القصاص في القتلة هو نوع من أنواع القضاء على الجريمة في مهدها، وإن لم تقم الجهات المعنية القائمة في البلد بتنفيذ الأحكام فإنها تفتح الباب على مصرعيه للثأر.. وبالتالي نكون في خطر والأمن والسلم المجتمعي يكون في خطر".


وأضاف : " بالنسبة للغطاء السياسي أنا استطيع أن أتفهم الخطاب السياسي لكن نحن مع القصاص من يرد أن يلغي القصاص فليخرج من الدين الاسلامي.. نحن شعب مسلم والقصاص قاعدة شرعية وإذا وجد النص بطل الاجتهاد".


وحول دور القضاء العشائري في المصالحة المجتمعية عقب الانقسام بين حركتي فتح وحماس عام 2007 ، أكد أن المصالحة المجتمعية مهمة لمعالجة الجراح والدماء التي سالت إثر الانقسام لإعادة ترميم النسيج المجتمعي الفلسطيني.


وقال ثابت :"مهمة لجنة المصالحة المجتمعية مؤقتة لمعالجة آثار الانقسام المجتمعي لأن ما حدث في قطاع غزة وسالت فيه من دماء جعل قطاع غزة بالكامل بين طالب ومطلوب"، مضيفا "أن اتفاق القاهرة للمصالحة شدد على أهمية ملف المصالحة المجتمعية".


وتابع: "أعددنا خطة للمصالحة المجتمعية وهي جيدة بشرط أن تكون هناك نية لدى طرفي الخصومة "فتح وحماس" في المصالحة".