وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

يطا تختبر مراجل ليبرمان

نشر بتاريخ: 09/06/2016 ( آخر تحديث: 09/06/2016 الساعة: 11:43 )
يطا تختبر مراجل ليبرمان
الكاتب: سفيان أبو زايدة
كانت مسألة وقت فقط ان يتعرض ليبرمان للاختبار العملي الاول له بعد ان اصبح وزيرا للجيش قبل اقل من اسبوعين، لكن ما لم يكن متوقعا ان يكون بهذه السرعه و بهذه القسوة . لم يكن يتوقع ان يكون الامتحان الاول له عباره عن هجوم مسلح على بعد امتار معدودة من مكتبه في وزارة الدفاع الواقع في شارع كابلان ليسمع ازيز الرصاص و في اكثر الاماكن حيوية في تل ابيب.

اي عاقل كان يدرك ان ليبرمان لا يمتلك حلول سحريه او ابداعيه لمثل هكذا هجمات، و الجميع كان يدرك ان ايام شهر رمضان هي من اكثر الايام توقعا لمثل هكذا اختبارات. كل الخيارات تم فحصها في السابق ، و كل الخطوات الممكنه تم اتخاذها. ربما تستطيع ان تقلص من حجم الاضرار او تقلص من عدد الهجمات و لكنها جميعا لم تعطي الرد الشافي و الوافي رغم كل ما تملك اسرائيل من امكانيات .

قادة الجيش قبل غيرهم يقرون ان لا حلول عسكرية مطلقة لديهم و ان الحل لهذا الصراع الدامي هو سياسي فقط. جربوا الاغلاق الكلي و الجزئي و جربوا الاعتقالات المكثفه و جربوا تكثيف الحواجز و منع العمال و جربوا رفع الحواجز و فتح الحدود، جربوا منح تسهيلات و جربوا فرض عقوبات جماعية. جربوا الاعتقالات الجماعيه و الفرديه و جربوا الافراجات احيانا من باب تخفيف الاحتقان ، جميعها لم يعطي حلول شافيه و كافيه للوضع القائم .

ليس هناك مفاجآت في الهجوم الذي وقع في وسط تل ابيب امس و ادي الى سقوط اربع اسرائيليين و جرح تسعه اخرين اربعه منهم جراح خطيرة. هو نموذج للعمليات الفردية المتكررة منذ اندلاع " الانتفاضه الفردية" او " الهبة الجماهيرية" قبل ما يزيد عن الثمانية شهور. تخطيط فردي في الغالب دون وقوف اي من التنظيمات الفلسطينية خلفها مما يصعب على اجهزة الامن الاسرائيلية اكتشافها قبل وقوعها. باستثناء حاله فرديه واحده جميع من نفذوا عمليات خارج نطاق حدود الضفة الغربية وصلوا دون ان يكون لديهم تصاريح عمل او تصاريح دخول اسرائيل.

الجديد الوحيد الذي حمله الهجوم الاخير الذي نفذه اثنان من الفلسطينيين يقال انهم من يطا و هم ابناء عم قد استخدموا اسلوب تمويه نجح في اختراق المنظومة الامنية المشددة في هذة المنطقة الحساسة، حيث كان يرتديان البدلات و ربطات العنق و كأنهما رجال اعمال او محاميان وصلا الى المركز التجاري لكي يحصلا على قسط من الراحه و يتناولا قليلا من الطعام بعد يوم عمل شاق.

لم يكن مفاجأة انهما قدما من محافظة الخليل ، حيث وفقا للاحصائيات الاسرائيلية ٤٠٪ من الهجمات خلال هذه الانتفاضه كانت من محافظة الخليل، و ٢٥٪ من محافظة رام الله و البيرة و ١٢٪ من جنين و ٨.٥ ٪ في كل من محافظتي نابلس و بيت لحم و٦٪ من محافظتي طولكرم و قلقيلية.
لم تكن مفاجأة انهم استخدموا اسلحة بدائية وهي عبارة عن كارلو ستاف صناعه محلية، و لم تكن مفاجأة على انهم لم يتلقوا تدريب عسكري في احدا الكليات الحربية. نموذج فردي بعيدا عن رادار اجهزة الامن الاسرائيلية و بعيدا عن رادار اي اجهزة امنية اخرى.

رد الفعل الطبيعي و المتوقع ان تجمد اسرائيل كل ما اتخذته من قرارات ( تسهيلات) بمناسبة شهر رمضان، سواء كان بشكل مؤقت او بشكل نهائي، رغم ادراكهم ان لا علاقة لما حدث من هجوم نفذه اثنان من الشباب الفلسطيني وبين رجال ونساء تجاوزوا الاربعين من اعمارهم يرغبون في ممارسة حقهم في العبادة و الصلاة في الاقصى.
لكنها ردود افعال اعتاد عليها الفلسطينيين ليس فقط كنوع من العقاب الجماعي بل ايضا هدفها امتصاص رد الفعل الاسرائيلي الداخلي .

خلاصة القول ان ليبرمان لا يملك في جعبته اي حلول سحريه ، و ان ما كان هو الذي سيكون، وان الهجوم في تل ابيب امس هو تذكير لقادة العالم الذين اجتمعوا في باريس يوم الجمعه الماضي وكل ما خرج عنهم هو بيان تافه بلا لون و بلا طعم بأن الواقع على الارض اكثر تعقيدا مما تتخيلون.
و هو تذكير لنتنياهو ايضا الذي الذي كان في طريقه عائدا من موسكو بعد لقاءه الرئيس الروسي بوتين ان الهروب من الواقع نحو تحالفات وهمية لن يوفر له الامن و الامان في عقر داره .

هو تذكير ايضا لقادة اليمين في اسرائيل وخاصة نفتالي بينت الذي دعى قبل يومين الى ضم الضفة الغربية الاعلان صراحة ان " ارض اسرائيل لشعب اسرائيل" ، هو تذكير لكل الغوغائيين ان الواقع اكثر مراره و اكثر قسوة مما تتخيلون. وان الحل الوحيد الذي يمكن ان يوفر لهم الامن و الامان هو حصول الفلسطينيين على حقوقهم المسلوبة واقامة دولتهم المستقله.