وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نميمة البلد: تجديد فتح 3 "الفكر الاجتماعي"

نشر بتاريخ: 25/06/2016 ( آخر تحديث: 25/06/2016 الساعة: 15:25 )
نميمة البلد: تجديد فتح 3 "الفكر الاجتماعي"
الكاتب: جهاد حرب
توضح المنطلقات الفكرية لحركة فتح الملامح الاساسية للوجهة الحاكمة في معالجة القضايا أو الظواهر الاجتماعية. لكن عدم تبني رؤية اجتماعية صريحة أو تبني ايديولوجي محدد يثير بين الفينة والأخرى، خاصة عند التصدي لقضايا اجتماعية أو تطوير فكر اجتماعي، اختلافا أو اختلافات مفاهيمية لدى قياداتها وكوادرها في معالجة هذه القضايا.

مِثلُ هذه النقاشات،بكل تأكيد،مفيدة وصحيّة، وهي تؤسس لتطوير الرؤية الاجتماعية لحركة فتح وبرنامجها في اطار "توحيد" الناتج عن نقاش "محتدم" ما بين القطاعات أو التيارات أو الثقافات أو التجارب المتعددة الناشئة عن تعدد المواقع الجغرافية واختلاف البيئة الحاضنة "للمجتمعات الفلسطينية". وان كان عدم تبني رؤية اجتماعية محددة في مرحلة التحرير الوطني قد ساهم في حماية الجبهة "الوطنية" الداخلية لحركة فتح والتحشيد لفكرة النضال الوطني إلا أنه بات من الضروري اليوم في اطار السلطة أو الدولة وضوح الرؤية الاجتماعية لتنعكس في وضع القوانين الناظمة لحياة المواطنين من ناحية وكذلك سلوك المؤسسات والأجهزة القائمة على انفاذ القانون.

تضع المنطلقات الفكرية لحركة "قواعد المنهج" لتطوير الرؤية الاجتماعية لحركة فتح والمدخل الاساسي أو القويم لبنائها، وهذة المنطلقات تتمثل أولا: أن حركة فتح تعرف نفسها، في المبدأ العاشر، بأنها حركة وطنية ثورية أي أنها، أو بالأحرى هي، اداة للتغيير الجذري للواقع من خلال التمرد على الاحتلال والظلم من جهة، وتغير التقاليد والأعراف البالية وتطوير القيم المجتمعية من جهة ثانية. وهي طليعية في التغيير مما يتطلب منها الاطلاع بالدور التنويري في قيادة عملية التغيير وتوجيه حركة المجتمع. وثانيا: هذان الامران "الوطنية الثورية والطليعية" منسجمان مع هدفها "الثالث" المتمثل ببناء مجتمع تقدمي يضمن حقوق الانسان ويكفل الحريات العامة لكافة المواطنين. وضمان الحقوق والحريات يتطلبان رؤية تقدمية تحافظ على الانسان وترفض قتله بناء على خرافات أو ادعاءات، في كثير من الاحيان، وتعزز من سيادة القانون وعدم القبول بالفوضى او الفلتان الاجتماعي كما هو الامني.

وثالثا: اقامة دولة ديمقراطية "الهدف الثاني" قائمة على العدل والمساواة ترفض التمييز والتسلط، أي إحلال النهج المؤسسي الذي يحفظ للدولة هيبتها ويضمن المساواة لمواطنيها. ورابعا: في الطريق لتحقيق المجتمع التقدمي والدولة الديمقراطية "تسعى الحركة للقاء كل القوى الوطنية"، ما يعني أن الحركة توسع من رقعة الوفاق والاتفاق مع القوى الوطنية باعتباره وسيلة استراتيجية لاجتياز المعركة من ناحية، والاستفادة من أدوات التحليل الفكري الاخرى المستمدة من مقاربات علمية في صياغة أو تطوير البنى الاجتماعية.

بعد اثنين وعشرين عاما على الحكم في السلطة الفلسطينية، بات يتطلب الامر الاجابة على مجمل الاسئلة المطروحة في القضايا الاجتماعية خاصة تلك المتعلقة بالمساواة والحريات العامة، والنظرة للمجتمع بما فيه مؤسسات المجتمع المدني "NGOs" وديناميكيات التطور المجتمعي وتفعيل قواه الحية. كما يتطلب أيضا توحيد الخطاب لدى اقطاب وكوادر حركة فتح في هذه القضايا.

هذا لا يعني بالمطلق الانتقاص من تجسيمها "لفكرها التقدمي" في أحكام وقواعد قانونية في القانون الفلسطيني كما ورد في القانون الاساسي أو قوانين ومراسيم رئاسية. لكن بات من غير المعقول أو المقبول ان تبقى حركة شعبية كبيرة بحجم حركة فتح "ذات فكر تقدمي" وتمسك بزمام الحكم لسنوات طوال لا تتبنى خيارا اجتماعيا واضحا ينسجم مع الاسس والمنطلقات الفكرية التي وضعها الاباء المؤسسون في دستورها.