وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في يوم اعلان حقوق الطفل.. قاضي المحكمة العسكرية للطفل ماجد جرادات "داوود الصغير قتل جالوت الكبير بالمقلاع"!

نشر بتاريخ: 21/11/2007 ( آخر تحديث: 21/11/2007 الساعة: 15:28 )
الخليل- معا- محمد عويوي- في قراءة لائحة الاتهام الموجهة ضد الطفل ماجد عمر جرادات ( 13 عاماً )، ذكر قاضي المحكمة العسكرية الاسرائيلية، للطفل ماجد, "أن داوود الصغير قتل جالوت الكبير بالمقلاع الصغير".

واضاف القاضي "ونظراً لانك لم تطلب استرحاماً من المحكمة، حكم بسجنك لمدة عام وغرامة مالية وقدرها...، في تلك اللحظة تعالت الاصوات في قاعة المحكمة، وتدافع المحامون، محامي نادي الاسير ومحامي الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال وبعض المحامين المنتظرين في القاعة، تدافعوا للدفاع عن الطفل ماجد، مطالبين القاضي بالتريث في إصدار الحكم.

وقال احدهم: هو طفل ولا يجوز للمحكمة سجنه، وقال آخر: ماجد ما زال قاصراً، ولا يجوز احتجازه في السجن، وقال ثالث: حضرة القاضي أنت بحكمك تخرق اتفاقية حقوق الاطفال العالمية.

وكان الطفل ماجد مكبل اليدين، يجلس في قفص الاتهام ، تخيلت تلك اللحظة ، فرسمت مخيلتي ، أسداً جالساً بهدوء في عرينه ، بإنتظار ما تؤول اليه الامور ، غير عابيء بما يدور في قاعة المحكمة ، رفض طلب الاسترحام من المحكمة ولم يعترف بشرعيتها ، أمام ذلك كله ، لم يتوانى القاضي ، عن إصدار حكمه، "ماجد حكم عليك بالسجن لمدة شهرين ودفع غرامة مالية وقدرها ألف شيكل".

لا أدري ان كان ماجد الطفل يعرف قصة داوود مع جالوت، فأنا نفسي لا أعرفها، لكنني أتذكر ما قاله لي أحد الاسرى في معتقل عوفر، حينما وصلهم ماجد قبل عدة أيام ، " حينما نظرنا اليه ، شعرنا للوهلة الاولى بأننا نقف أمام قائد عظيم، رغم صغر سنه ، وبراءة الطفولة تشع من عينيه".

وقال لي أسير آخر " كان يبتسم ، رغم تقييده بالسلاسل، أحاط به مجموعة من الجنود محاولين، إنتزاع قلادة (سنسال) علق في رقبته موجود عليها صورة الرئيس الشهيد الراحل ياسر عرفات ، رفض خلع (السنسال)، وامام إصراره على عدم خلعه ، اضطر الجنود لتركه يدخل المعتقل ، معلقاً الشهيد عرفات في رقبته، حينها أدركنا في القسم أننا أمام جنرال، افتقدنا لرؤية مثله منذ سنوات".

وأضاف "لم نتمالك أنفسنا لحظتها ، وبدأنا بالصراخ عليه والتكبير.. أعاد الينا الامل، وفجر اسطورة التحدي الفلسطينية في نفوسنا، منذ سنوات لم نشاهد الانسان الفلسطيني بعظمته وثباته وقوته، نظر الينا وهو يبتسم قائلاً: الله أكبر.. حينها أجبره جنود الاحتلال على الدخول للسجن".

"الجنرال ماجد"، هكذا لقبه أسرى عوفر ، كان خارجاً من مدرسته في بلدة سعير شمال شرق الخليل ، صوب منزله ، وفي الطريق شاهد قوة احتلالية ومجموعة من الاطفال يرشقونها بالحجارة ، تقدم من الاطفال ، وبدأ يرشق جنود الاحتلال بالحجارة ، مستخدماً ، مقلاعه الذي صنعه على عجل ، ما هي الا لحظات حتى غافله أحد الجنود ليمسك به، ويقتاده تحت الضرب لدورية الاحتلال التي سارعت لتكبيل يديه ووضعه في الدورية، ونقله للتحقيق ، وفي الطريق رفض ماجد ان ياخذ منه الجنود المقلاع ، ليعالجه الجنود بالضرب، وكلما رفض ماجد إعطائهم المقلاع زاد الجنود من ضربهم له ، حتى خارت قواه وانسل المقلاع من بين يديه.

يبدو ان اصرار ماجد على عدم اعطاء المقلاع للجنود ، دفع بالقاضي لتذكير ماجد ، لحظة نطقه بالحكم ، بأن "داوود الصغير قتل جالوت الكبير بالمقلاع"، لكن الطفل ماجد لا يعرف هذه القصة بعد.. تأتي محاكمة الطفل ماجد تزامناً مع اليوم العالمي لاعلان حقوق الطفل، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة تعزيزاً للجهود الدولية في حماية الأطفال وتوفير الأمن والأمان لهم.

وفي هذا الصدد أصدرت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تقريراً تناولت فيه "الانتهاكات التي تمارسها دولة الاحتلال بحق أطفال فلسطين حيث ما زالوا يتعرضون لأبشع وأقسى أنواع الانتهاكات في تنصل واضح لكل الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تضمن وتصون حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الأطفال بشكل خاص".

ووفقاً لرصد الضميــــــر فقد قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 25/6/2006 ، 82 طفلاً وذلك من خلال عملياتها العسكرية المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين, كما وما زالت تعتقل في سجونها 400 طفل تعرضوا لكافة أشكال التعذيب والتنكيل إضافة إلى المئات من المعتقلين الأطفال الذين تجاوزوا سن الطفولة وهم داخل السجون.

وقد تعرض أكثر من 5 الاف طفل إلى الاعتقال منذ بداية الانتفاضة الحالية 28/9/2000، وفي أحدث تقرير لوزارة الصحة الفلسطينية والذي صدر اليوم ورصد حصيلة الشهداء والجرحى خلال شهر تشرين ثاني الجاري، حيث وصل عدد الشهداء خلال العشرين يوماً الماضية إلى 101 شهيد 26 منهم من الأطفال ورصد أيضاً إجمالي المصابين خلال هذه الفترة والذي بلغ 301 إصابة 100 منهم من الأطفال.

وطالبت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان اسرائيل باحترام وتطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأطفال وعدم استهدافهم أو تعريض حياتهم للخطر, كما طالبت بالإفراج الفوري عن الأسرى الأطفال في سجونها معتبرة أن استمرار اعتقالهم يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل.

وتطالبت المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للأطفال في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإلزام دولة الاحتلال بعدم استهدافهم أو تعريض حياتهم للخطر وتطبيقها للحقوق الواردة للأطفال في الاتفاقيات والقوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل.