نشر بتاريخ: 14/07/2016 ( آخر تحديث: 17/07/2016 الساعة: 14:10 )
بيت لحم- معا- ساعد كثيرا في فرض العقوبات الدولية على ايران وادخال حزب الله الى قائمة "الارهاب" وحذر قبل فترة من عملية "الجرف الصامد" من اندلاع مواجهة وشيكة في قطاع غزة، لكنه لا يحظى تقريبا باي اهتمام او سمعة صاخبة مثل الموساد والاستخبارات العسكرية، رغم انه يعتبر جهازا استخباريا من الدرجة الاولى ويتمتع بمهنية وعمق غير مسبوقين انه بكل بساطة مركز الابحاث السياسية في وزارة الخارجية الاسرائيلية "مماد" والمعرف كقسم المخابرات الخاص بالخارجية ويطلق عليه ذوي العلاقة بهذا الشان الاسم المختصر "كمان" وهو عبارة عن الاحرف الاولى لعبارة "قسم المخابرات" باللغة العبرية.
واقيم هذا القسم الاستخباري السري وغير المعروف لمعظم الناس ضمن عملية استخلاص العبر والدروس من حرب "اكتوبر" عام 1973 لتؤدي حربا اخرى وقعت بعد عقد من الزمان الى ادخال تغيرات جوهرية على طبيعة وشكل هذا القسم الخطير حسب ما اورده، اليوم الخميس، موقع "ynet" الالكتروني ضمن سياق تقرير موسع تناول فيه قسم مخابرات الخارجية الاسرائيلية الاشد خطرا واحترافا بين مختلف جهات جمع المعلومات وتقديم التقديرات الاسرائيلية، الذي بقي وما زال قابعا تحت عباءة "مركز الابحاث السياسية" مخفيا فيها وتحت ظلها طبيعته الاستخبارية، ما جعله بعيدا عن الانظار دون ان يلحظ احد تقريبا وجوده على ساحة جمع المعلومات الاستخبارية.
ونقل موقع "ynet" عن "بني دغان" رئيس مركز الابحاث السياسية "مماد" قوله ان كافة وزارات الخارجية في العالم تتلقى معلومات داخلية او تعتمد على مراكز الابحاث ولا يوجد في وزارات الخارجية قسم يقوم بإعمال البحث والاستخبارات".
"نحن دبلوماسيون محترفون نعمل في تقديم المساعدات اضافة لإجراء الدراسات في الدول والساحات الدولية ما يعطيني خبرات تخصصية واسعة النطاق، لأننا نشكل ببساط قسم الاستخبارات في وزارة الخارجية ونقوم بالعمليات الخاصة، فعلى سبيل المثال اهتممنا كثيرا ومن على مختلف المنابر والمنصات العالمية بموضوع فرض العقوبات على ايران وإدخال حزب الله على قائمة الارهاب، وقمنا بذلك بالتعاون مع جهات في وزارة الخارجية وجهات اخرى خارج اطار الوزارة" اضاف "دغان".
وضمن قائمة النجاحات التي يتفاخر بها مركز الابحاث السياسية عدم التسرع في " نعي وتأبين " النظام السوري مؤكدا ان هذا " النعي" سابق لاوانه اضافة لتوقعه نشوب مواجهة عسكرية وشيكة مع قطاع غزة وذلك قبل اندلاع الحرب الاخيرة " 2014 " بانيا تقديره على دراسته للأوضاع المتدهورة في القطاع لكن هذا القسم لم يحقق نجاحا كبيرا في توقع مدى انتشار " داعش" لكن هذا ايضا ما فشلت به الكثير من اقسام وجهات المخابرات في الاقليم حسب تعبير موقع " ynet".
هناك عشرات الباحثين فقط ممن يمكن لهم الاطلاع على المعلومات المتدفقة بلا نهاية وبمختلف المجالات والمقاييس تلك المعلومات التي تجد نفسها في كثير من الاحيان على شكل تقارير معمقة ونوعية تتناول مختلف المواضيع، مثل: ارتباك حول الوضع السائد في سوريا، اليوم التالي لعهد محمود عباس، الوضع في الكويت، او قضية اسعار النفط وهكذا.
" نقوم باعمال تقع في صلب العمل الدبلوماسي وجوهره ونتمتع بميزة هامة تتمثل بقدرتنا على الوصول الى معلومات الكثير من وزارات الخارجية في العالم" قال رئيس مركز الابحاث السياسية "دغان".
وأضاف" نحن قسم يزود كافة الممثليات الخارجية الاسرائيلية بالمعلومات وأخر التقديرات ومن ناحيتنا من الافضل ان تحتوي تقاريرنا على اقل قدر ممكن من المعلومات السرية، لأننا نفضل ان تكون هذه المعلومات على الطاولة لاستخدامها وقت الحاجة واكبر ميزاتنا تتمثل بكوننا من يقوم بالعملية بكافة مراحلها من الحصول على المعلومات واستيعابها وتصنيفها ومن ثم نقلها للجهات المعنية، اضافة لخبراتنا الكبيرة والمتشعبة التي اكتسبناها على مدى عشرات السنين في مجالات التنبؤ والتقديرات ومعالجة الاحداث الدولية المعقدة".
ويتشكل مركز "مماد" من باحثين ودبلوماسيين وعملية الدمج هذه منحته خصوصية هامة وحولته لمركز نوعي ففيما يتم اختيار الدبلوماسيين اصحاب الخلفيات الغنية في العمل الدبلوماسي الخارجي ويحملون معهم خبرات وتجارب غنية جدا فيما يوجد مسارا خاصا بالباحثين فمن الناحية العملية يتم توظيف باحثون من حملة الدرجة الجامعية الاولى "بكالوريوس" فيما تتولى "خدمة الدول" او ما يعادل عندنا ديوان الموظفين عملية فرز المتقدمين من خلال عقد امتحانات وإخضاع المتقدمين للاختبارات المختلفة.
تشكل مركز "مماد" حتى عام 2006 وبعيد حرب لبنان الثانية بغالبية من دبلوماسيين وكان اصغر بكثير مما هو ليه اليوم وهناك من يقدر حجمه انذاك بنصف المركز القائم حاليا، لكن وبعد انتهاء حرب لبنان الثانية التي اثبتت صدق وصوابية توقعات "مماد" وأظهرت ان تقديراته التي قدمها كانت الافضل والأدق اوصت لجنة التحقيق التي بحثت اخفاقات هذه الحرب المعروفة باسم لجنة "فينو غراد" بتوسيع وتعزيز امكانيات هذا "المركز" وذلك كجزء من العبر والدروس المستخلصة من الحرب، ما احدث مضاعفة حجمه عديد كوادره كما ارتفعت وتيرة نقل المعلومات الاستخبارية من اجهزة المخابرات الاخرى الى "المركز" الذي يضم الكثير من النساء ضمن طواقم الباحثين.
يشارك"مماد" في طرح التصورات الاستخبارية السنوية التي تقدمها مختلف الاجهزة الاستخبارية الى الكابينيت الاسرائيلي حيث يقوم "مماد" بطرح تصوره لطبيعة الاحداث المتوقعة ويرسم صورة استخبارية وبحثية لواقع الساحة الدولية وقضايا الشرق الاوسط ويرتبط المركز بعلاقات عمل جدا مع مجتمع المخابرات الاسرائيلي ويشارك في مختلف النقاشات وقد تحسنت هذه العلاقات وازدادت مساحة العمل المشتركة بين المركز وأجهزة المخابرات الاخرى خلال السنوات القليلة الماضية ولا زال هناك مجالا لتتحسن اكثر خاصة من زاوية النظر لـ"مماد" كشريك استخباري كامل حسب تعبير موقع "ynet".
وقال "امير فيسبورد" نائب رئيس "مماد" للموقع الالكتروني "يوجد للمركز شبكة علاقات متشعبة ومتفرعة على الساحة الدولية توسعت وازدادت تشعبا خلال السنوات الاخيرة من خلال اقامة علاقات مع اقسام ومراكز مماثلة في العديد من دول العالم الغربي ودول اسيا وفي الفترة الاخيرة دولا في القارة الافريقية وتتضمن هذه العلاقات الكثير من المباحثات والنقاشات وتبادل واسع للمعلومات وتبادل للتقديرات ما يساعد في تطوير العلاقات الخارجية الاسرائيلية وبلورة صورة التقديرات الدولية".
مناقشة اتفاقية سايكسو بيكو : شكلت الذكرى المئوية الاولى لاتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الشرق الاوسط ورغم تراجع اهمية هذا الاتفاق الفرنسي البريطاني فرصة كبيرة لتقدير الموقف الاقليمي خاصة في ظل انتفاء اهمية اتفاقية تقسيم المنطقة في السنوات الاخيرة.
واستضاف مركز " مماد" اهم النقاشات التي جرت حول هذا الموضوع حيث عقد " المركز " مؤتمرا داخليا شارك فيه باحثين كبار في الاكاديمية الاسرائيلية وخبراء كبار في الشؤون الاسلامية والتركية والإيرانية وشاركوا بعملية العصف الذهني في محاولة من " مماد" "تنظيم الفوضى الاقليمية " التي لا يبدو انها ستنتهي قريبا.
وافتتح المؤتمر بشكل رمزي حين تم بث فيلم قصير شهير بثه سابقا تنظيم "داعش" تحت عنوان " تحطيم الحدود " ظهر فيه رجال التنظيم وهم يلغون اتفاقية ساكس بيكو محطيم خط الحدود السورية العراقية ومعلنين اقامة خلافتهم.
وعلى الجانب الاخر من المتراس شاهد المشاركون في المؤتمر الداخلي فيلم صوره اكراد سوريا الذين ظهروا وهم يلقون بصورة اتفاق التقسيم في حاوية للنفايات في اشارة واضحة لما يعتقدونه ويهدفون اليه.
" ليذهب سياكس بيكو الى الجحيم فه و لم يعد مهم مطلقا الان" قال احد المشاركين في المؤتمر بطريقة ممازحة لكن هناك من حاول شرح المنطق من وراء الاتفاق خاصة فيما يتعلق بلبنان وسوريا.
" هناك وجهة نظر تقول ان اتفاق سايكسبيكو جاء ليعطي العلمانيين الحكم لكن هذا منافي للحقيقة لان الفكرة من ورائه كانت تقول بإيجاد أي نظام او ترتيب في منطقة بلاد الشام خاصة ان بلاد الشام " سوريا ولبنان" تضم وخلافا لما هو الحال في مصر مجموعات مختلفة كثيرا سواء من حيث اللغة والثقافة والدين وهكذا دواليك لهذا توجب على اصحاب فكرة التقسيم ايجاد نظام يوحدهم ويمنع نشوب الحروب الاهلية بينهم " قال احد الخبراء المشاركين في المؤتمر الداخلي لمركز "مماد".
" ولكن الزلزال الهائل ضرب المنطقة قبل الذكرى المؤوية لسايكس بيكو بخمس سنوات وجاء على شكل " الربيع العربي" الذي ترجع بعض النظريات بدأت هذا الربيع الى اجتياح العراق وإسقاط صدام حسين لكن ما ظهر وكأنه نجاحا في تونس ومصر لم يناسب الحالة في بلاد الشام وأماكن اخرى " هناك صعوبة في توحيد مجتمع شرقي سوري لان الدولة والحكم في سوريا وخلافا لاماكن اخرى لم تستند فقط على نظام مستبد وقمعي بل حماية مصالح عدد من الاقليات ايضا " قال باحث اخر.
ومن سخريات الاقدار ان يصطدم مشروع داعش القائم على بناء خلافة وإقامة قوة اسلامية سنية تسيطر على المنطقة بذات العوامل والتعقيدات التي تجاهلها اتفاق سايكسبيكو حين حاول بناء شرق جديد حل مع الزمن مكان مركزية مصر في العالم السني فمن هم اليوم اكبر اعداء "داعش" ؟ انهم الاكراد الذين تجاهل اتفاق سايكس بيكو وجودهم لهذا يحاولون الان استعادة من اخذوه منهم " اضاف الباحث الذي لم يذكر اسمه.
وهناك خبراء فسروا الامور من زاوية ديموغرافية قائلين " كان عدد سكان بلاد الشام عام 19207 ملايين نسمة فيما وصل هذا العدد حاليا الى 70 مليون فيما حظي المسيحيون بوزن اكبر بكثير مما حظي به السنة والشيعة لكن بلاد الشام تحولت على مدى السنوات الخمسين الى منطقة هامشية من الناحية الاقتصادية لصالح دول الخليج واصبح تدخل القوى الغربية في الشام اكثر صعوبة وذلك بسبب الزيادة الديموغرافية".
اذا من الجهة التي ستعيد تنظيم الاوضاع ؟ هذا بالضبط السؤال الاساسي الذي ناقشه المجتمعون في مؤتمر " مماد " الداخلي الذين اهتموا بكلمات اخرى بالرد على السؤال من هي الجهات الدولية والإقليمية القادرة على اعادة الاستقرار للمنطقة اذ كان الغرب لا يستطيع التدخل؟ فمن السعودية التي تطرح نفسها كزعيمة للعالم لسني رغم صعوباتها الاقتصادية الى ايران التي زادت من حجم تأثيرها ودورها في %u06