وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عيسى: الخطاب الديني المتزن يؤدي لوأد الفتنة الطائفية

نشر بتاريخ: 19/07/2016 ( آخر تحديث: 19/07/2016 الساعة: 13:36 )
رام الله- معا- قال الدكتور حنا عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، إنه يجب اعتماد الإعتدال كأساس مهم في الخطاب الديني، ونبذ التطرف للمساعدة في البناء بدلا من التهديم، حيث يجب أن يركز الخطاب الديني على الإرشاد والتوجيه بدلاً من التحريض والتخوين، فثقافة العنف لايمكن أن تساعد في البناء.

وأشار عيسى إلى وضع الخطاب الديني المعتدل، الذي يؤدي بالنهاية إلى عدم التشدد والفوضى والشتائم والسباب ونبذ الآخر والإساءة إليه، وبالتالي الحفاظ على المصلحة العامة، والحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي، ووأد الفتنة الطائفية من خلال خطاب ديني متزن معتدل.

ولفت عيسى إلى أن الأصل في الخطاب الديني هو الاعتدال، لكن طرأت على الأمة مراحل علا فيها أصوات التطرف، والمجتمع الإنساني بطبيعته يوجد فيه المتطرف والمعتدل حسب ظروف ونفسيات تتعلق بالمتطرف والمعتدل نفسه، لكن في حالة استقرار الأمة فإن أصحاب الغلو لا يجدون مجالاً للتمدد في مساحة الأمة، بل ينحصرون على أنفسهم ويتبوتقون بحيث لا يكون لهم أثر، إلى أن تمر الأمة بمراحل ضعف، فإذا مرت بدأت فرصة التمدد للآراء الشاذة استغلالاً للضعف، فالمتشدد لا يمكن أن يستمر، والتطرف والتشدد بطبيعته منفر، والاعتدال هو الأصل في الخطاب الديني المسيحي الاسلامي.

وشدد على تحمل دور العبادة من كنائس ومساجد مسؤولية كبيرة في قيادة المجتمع المدني، فالأديان يجب أن تتحالف، ولا بد من تكرس خطاب ديني موحد من أجل وضع أسس أخلاقية وروحية مشتركة، وهذا التحالف والخطاب يجب ألا يرمي إلى تصادم، بل يهدف إلى تحرير الإنسان وتحقيق الخير له في مختلف القطاعات ونواحي الحياة، إضافة لنشر الثقة والمسامحة والتضامن، كما عليه أن يسمو إلى تجدد روحي وأخلاقي، بعيدًا عن العنف والكراهية.

وأوضح أسباب الغلو والتطرف الديني في المنطفة، وتعود للخطاب الديني العاطفي غير المبني على علم ومعرفة، ونتيجة للتعصب للجماعة أو الطائفة، ولغياب العامل التربوي الذي يعتبر سبب نفسي قوي؛ فالعلم والمعرفة والذكاء والفطانة يجنبان الشخص التشدد والغلو والتطرف.

وأضاف عيسى أن أسباب الخلل في مناهج الدراسة، خاصة العلوم التطبيقية التي لا تنتهي مقرراتها بزرع الخشية وحقائق اليقين في نفوس الطلاب، وغياب القدوة داخل الأسرة، والنشأة الأسرية المنحرفة، واليأس والقنوط بسبب الفشل في غايات وأهداف تتعلق بضرورات الحياة فيجد في الخطاب الديني متنفساً ووسيلة للتعبير عن الكبت والحرمان.

وأكد على ضرورة معالجتها ببناء خطاب ديني معتدل للنهوض بمجتمع متزن، من خلال إصلاح مناهج التعليم بتأصيل العلوم والمعارف الطبيعية، وبتقديم القدوة الصالحة في الخطاب الديني بمختلف أنواعه من قيادات لها كارزمة، وبإدخال الوسائط الحديثة في تقديم الخطاب، وبحث الأذكياء على الخطابة وذلك بالالتحاق بالمعاهد الدينية ولو بعد التخرج، وبمعالجة الخطاب الديني بالفكر وليس بالعنف.

وقال عيسى: "إن الدين  يعتبر روح الانسان وهديه، ومنذ أن وجدت البشرية والانسان يبحث عن إله يعبده، ودين يوحده، ورحمة الله بعبده وهداه الى معرفة خالقه وتوحيده، وللدين أهمية بالغة في حياة الفرد، حيث يؤدب تصرفاته، ويهذب تعاملاته، ويفهم الانسان نشأته وماضيه، وارتأى الى معرفة غاية خلقه ووجوده ومصيره".

وبين أن الدين هو الذى يحل ألغاز الوجود ويجيب عن أسئلة الإنسان الكبرى والخالدة من أين أنا؟ و إلى أين أمضي؟ ولم؟. مبيناً أنه نداء لفطرة الانسان التي خلق عليها. فالإيمان الدينى فطرة عامة فى البشر، والدين ضرورى للإنسان، فهو الذى يمنحه الحوافز التى تدفعه الى الخير، كما أن الدين يمنحه الروادع التى تردع الإنسان عن أقتراف الشر والرذيلة، وارتكاب الجريمة بأنواعها، خشية حساب الله عز وجل، وعقابه فى الدنيا والآخرة، كما يقيم الدين أوثق الروابط بين الإنسان وأخيه الإنسان، بحيث يتجاوز الدم واللون واللغة والإقليم والطبقة، ويجعل الناس إخوة بعضهم لبعض، و يجعل لأخيه ما يحب لنفسه.

وأكد على أهمية الخطاب الديني الذي ينبع من تعريف الانسان سر وغاية وجوده في الارض، ومن أين، وإلى أين يسير، ولماذا؟، ومختلف الأديان السماوية كلها تؤكد أن سر وجود الإنسان أن يعبد الله، والعبادة في أدق تعاريفها (طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية).

واستطرد عيسى أن الخطاب الديني يبني الإنسان المؤمن على فهم عميق، ونظرة موضوعية، فهي قيمة علمية، وأن نجعله يتمسك بالخلق، لأن الإيمان هو الخلق، والأنبياء جميعاً إنما بعثوا ليتمموا مكارم الأخلاق، فكلمة مؤمن تعني أنها مرتبة علمية، وخُلقية، وجمالية، ويجب لهذا الإنسان الذي يعبد خالق الكون أن يؤمن بكل خلية في جسمه، وبكل قطرة في دمه أن الإنسان أخو الإنسان.