ندور حول الفكرة لسنوات ولا ننفذها

في اطار التمكين ، وتوفير سبل صمود الجمهور في الارض المحتلة ، يبحث القادة والمثقفون أفكارا عدة ، ويدور الحديث عنها لاشهر ، وغالبا لسنوات . ولكن لا تصل هذه الافكار الى مستوى التنفيذ رغم الاجماع عليها او اقرارها . وهو دليل على التردد ، وعدم استخدام الادوات المناسبة ، وعدم توكيلها للجهات القادرة على التنفيذ ، الى جانب " الخوف " من الفشل والانتقاد .

مئات والاف الأفكار الحميدة جرى دفنها في خزائن الخوف قبل ان ترى النور ، وهذا يفسر عدم مواكبتنا للاختراعات .ويشمل ذلك المدارس والتعليم والمصانع والمختبرات وهندسة المدن والمشافي ، ولولا القطاع الخاص في فلسطين ( لا يزال خائفا ) لكان المجتمع يلف حول نفسه  ، فقد ارتجفت القلوب ، واختبأ القادة والمؤسسات وراء ذريعة الحصار والوضع العام وقبلوا بالحد الادنى بسلبية دفعت المجتمع نحو زاوية النكوص للخلف والتباكي على الحاضر .

هناك فرق بين بحث الفكرة بشكل مستفيض وبين الخوف من تنفيذها ، ولذلك نرى قبولا واسعا لاي فكرة تأتي من الخارج ، ونرى حجم الرفض لأية فكرة تنشا من الداخل ، وذلك بعكس الامم الصناعية التي ترفض وتتردد في قبول افكار من الخارج وتدعم الافكار الداخلية .
قال لي احد الاصدقاء ان صاحب فكرة بنك الدم ، خجل من طرح الفكرة حتى لا يهزأ منه الناس ، ولكن صديقه عثر على الاوراق خلال مساعدته في الانتقال من شقة الى اخرى ، والح عليه طرح الفكرة !!! تخيلو لا انه لم يجد التحفيز الكافي للفكرة .

معظم الاوقات ، وفي معظم البلدان العربية نجد ان الاصدقاء يحفزون صاحب الفكرة الاستهلاكية البحتة، ويعتقدون أن التكرار يعني النجاح ، ولان صاحب ملحمة الدجاج نجح في مشروعه فان على الجميع ان يفتح ملحمة دجاج ، وهذا نقتل الفكرة ونصل الى ما يسمى بلغة الاقصتاد ( تاّكل الرأسمال الوطني ) ، فيفشل جميع من فتح ملحمة دجاج لان الربح يصبح ضئيلا جدا .
من الافكار التي سمعتها منذ سنوات ولم ينفذ أيا منها : المناطق الصناعية - الغاء امتحان التوجيهي - تكنولوجيا المعلومات - الهاي تك - المصالحة الوطنية . وعشرات الافكار مثلها .
وأكثر ما يشدني ان الرئيس التقى بالعلماء والمفكرين بالبحث العلمي وطلب منهم قبل نحو 3 سنوات تشكيل مجلس أعلى للابداع والتفوق العلمي . ومن ذلك الحين لم نسمع عنه شيئا .
لدينا أفكار طيبة . لكن تحتاج الى ادوات والى كسر حاجز الخوف .