وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

امنستي: محادثات أنابوليس يجب أن تؤدي إلى إجراءات فورية وعملية بشأن حقوق الإنسان

نشر بتاريخ: 24/11/2007 ( آخر تحديث: 24/11/2007 الساعة: 14:08 )
بيت لحم- معا- حثت منظمة "امنستي" الاطراف المشاركة في مؤتمر انابوليس الى احراز تقدم باتجاه حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني القائم منذ زمن طويل.

وقالت المنظمة في تقرير أصدرته بهذه المناسبة "يجب أن تقترن تعهدات السلام بخطوات واضحة وملموسة لوضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي التي ما برحت تدمر حياة الناس في كلا الجانبين، ولتوفير سبل تظلم للذين يتعرضون لها".

ودعت المنظمة أطراف المحادثات الى وضع معايير- مصحوبة بآلية محددة بوضوح لتنفيذها وأن تشمل نظاماً لتدابير قابلة للتنفيذ - لضمان تقيد الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية بالواجبات المترتبة عليهما بموجب القانون الدولي واحترام الحقوق الأساسية للفلسطينيين والإسرائيليين على السواء.

وأضافت "في سبيل هذه الغاية، ولتجنب تكرار إخفاقات الماضي، ينبغي على الأطراف الاتفاق على نشر مراقبين دوليين لحقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنحهم صلاحيات للمراقبة ورفع تقارير علنية حول تقيد أي من الطرفين بالواجبات المترتبة عليه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وحول انتهاك هذه الواجبات".

كما قالت "إنه يترتب على أعضاء اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا) ودول الشرق الأوسط المشاركة في المفاوضات ، كدول أطراف في اتفاقيات جنيف وغيرها من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، واجب ضمان الاحترام للقانون الدولي. وعليها استخدام هذه الحقوق الخاصة كقوة دفع إيجابية من أجل التغيير والإصرار على تقيد الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية على السواء بواجباتهما تجاه حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي".

ومن ضمن القضايا الأكثر إلحاحاً الواجب معالجتها- حسب امنستي- تلك التي تؤثر بصورة يومية على الحقوق الإنسانية لملايين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتغذي دوامة العنف وتعيق إحراز تقدم على الجبهات الأخرى. ويجب معالجتها كأولوية كي يتم تحقيق تقدم باتجاه إرساء الأساس للوصول إلى حل دائم للأزمة القائمة منذ عقود. وبشكل خاص:

. ينبغي على كل من القوات الإسرائيلية والجماعات المسلحة الفلسطينية أن تضع حداً فورياً لعمليات القتل غير القانونية وجميع الهجمات الأخرى ضد المدنيين، ويتعين على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تقدما كلاهما للعدالة جميع مرتكبي هذه الانتهاكات - بصرف النظر عن رتبتهم وعلو مستواهم وانتمائهم أو مرجعيتهم السياسي.

. ينبغي على الحكومة الإسرائيلية أن ترفع دون تأخير النظام الراهن لعمليات الحصار والقيود المفروضة على تنقل الأشخاص والسلع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي أصابت فعلياً الاقتصاد الفلسطيني بالشلل وحرمت الـ 3,5 مليون فلسطيني من أي شكل من أشكال الحياة العادية.

. كذلك ينبغي على الحكومة الإسرائيلية أن ترفع فوراً الحصار الذي فرضته على قطاع غزة، والذي أدى إلى نشوب أزمة إنسانية، متسبباً بفقر مدقع وواسع الانتشار والاعتماد على المساعدات الغذائية، ووفاة الأشخاص المحتاجين للرعاية الطبية غير المتوافرة في قطاع غزة.

. ينبغي على السلطات الإسرائيلية أن توقف كل أعمال بناء أو توسعة المستوطنات الإسرائيلية والبنية التحتية المرتبطة بها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية - ومن بينها نسبة الثمانين بالمائة من السور/الجدار البالغ طوله 700 كيلومتر والمقام داخل الضفة الغربية المحتلة - وأن تباشر بالاستعدادات لنقل المستوطنين الإسرائيليين من الضفة الغربية وإعادتهم إلى إسرائيل. فإذا كان السور/الجدار لازماً لحماية أمن إسرائيل، فيجب إقامته على الحدود الفاصلة بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة وليس داخل تلك الأراضي.

. ينبغي على السلطات الإسرائيلية أن تكف عن تدمير منازل الفلسطينيين وأراضيهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن تلغي أوامر الهدم غير المنفذة، وأن تنقل مسؤولية أنظمة التخطيط والبناء في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الجيش الإسرائيلي إلى المجتمعات الفلسطينية المحلية.

. يجب على السلطات الإسرائيلية أن تطلق سراح الفلسطينيين المعتقلين بصورة تعسفية، لاسيما المعتقلون الإداريون الذين يتجاوز عددهم الثمانمائة والمحتجزون بدون تهمة أو محاكمة، وأن تعيد النظر في حالات حوالي 300 طفل فلسطيني تجري محاكمتهم أو ينتظرون محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية بدون أن يستفيدوا من الإجراءات الضرورية الهادفة إلى حماية الأطفال، وذلك في انتهاك للنصوص الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

خسارة الأرواح
يظل المدنيون العزل يدفعون ثمناً باهظاً للإخفاقات المتكررة للأطراف المتناحرة، وللمجتمع الدولي، في تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. ومنذ انهيار عملية أوسلو واندلاع الانتفاضة الفلسطينية قبل سبع سنوات، قُتل قرابة 4,300 فلسطيني. من بينهم حوالي 850 طفلاً، على يد القوات الإسرائيلية، وقُتل زهاء 1,100 إسرائيلي، بينهم 120 طفلاً، على أيدي الجماعات المسلحة الفلسطينية. وأُصيب عشرات الآلاف غيرهم بجروح، بينهم العديد من الذين أُصيبوا بعاهات دائمة. وكان معظم الضحايا لدى كلا الطرفين من المدنيين العزل غير المشاركين في النـزاع الذين قُتلوا بصورة غير قانونية.

ومنذ وضع "خريطة الطريق" في العام 2003 - الاتفاقية الأخيرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية المدعومة دولياً لكن التي لم تُنفَّذ قط - لقي أكثر من 2,200 فلسطيني وأكثر من 300 إسرائيلي حتفهم.

وبينما شهدت السنوات الأخيرة تراجعاً مستحسناً وملحوظاً في عدد الضحايا الإسرائيليين، إلا أن قتل الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية استمر بوتيرة عالية. ففي هذا العام وحده قُتل ما يقرب من 300 فلسطيني على يد القوات الإسرائيلية، بينهم عشرات الأطفال، وقُتل 11 إسرائيلياً على أيدي الجماعات المسلحة الفلسطينية. وتمكَّن الجناة، لدى كلا الطرفين، من اقتراف أفعالهم دون أن ينالوا عقاباً؛ ولم تبدِ الحكومة الإسرائيلية ولا السلطة الفلسطينية أي اتجاه جدي لمساءلة الذين يرتكبون الانتهاكات، ما أدى إلى تأجيج نار العنف أكثر.

المستوطنات و"البؤر الاستيطانية"
يجب أن تطلب الدول الأعضاء في اللجنة الرباعية من الحكومة الإسرائيلية وضع حد لمصادرتها غير القانونية للأراضي الفلسطينية والموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة على أساس "الأمن" المزعوم ولتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. وبموجب اتفاقية "خريطة الطريق"، تعهدت الحكومة الإسرائيلية بتجميد جميع أنشطة الاستيطان، بما في ذلك التوسعة اللازمة لما يسمى "بالنمو الطبيعي"، وتفكيك جميع "البؤر" الاستيطانية المقامة منذ العام 2001، لكنها فشلت في ذلك فشلاً ذريعاً - وعوضاً عن ذلك جرت توسعة العشرات من هذه "البؤر الاستيطانية"، فضلاً عن حوالي 150 مستوطنة معترف بها رسمياً من جانب الحكومة الإسرائيلية في كافة أرجاء الضفة الغربية. وفي حين أن إجلاء حوالي 8000 مستوطن إسرائيلي عن قطاع غزة في العام 2005 شكَّل خطوة إيجابية، إلا أنه تم التعويض عنه بزيادة كبيرة في عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة.

الحواجزو الحصار
قصرت الحكومة الإسرائيلية عن الوفاء بالالتزام الذي قدمته في الشهر الماضي إلى الإدارة الأمريكية استعداداً لاجتماع أنابوليس بإزالة حوالي 560 حاجزاّ عسكرياّ ورفع عمليات الحصار التي تعيق تنقل الفلسطينيين بين بلدات الضفة الغربية وقراها، والسماح للمزارعين الفلسطينيين الذين عُزلوا الآن عن أراضيهم بواسطة السور/الجدار. وقد ذكر مكتب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأسبوع الماضي أن الجيش الإسرائيلي لم يُزل إلا طوقين من أصل 24 كان يفترض إزالتها، ولم يتمكن إلا 18 بالمائة من الثلاثين ألف فلسطيني الذين عزلهم السور/الجدار عن أراضيهم من الحصول على أذون من الجيش الإسرائيلي للدخول إلى أراضيهم.

غزة
وفي الوقت ذاته، تظل تترتب على تشديد إسرائيل الحصار على قطاع غزة عواقب مدمرة بالنسبة لسكانه البالغ عددهم 1,5 مليون نسمة. ومع استثناءات نادرة، يظل يُمنع الأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة من مغادرة قطاع غزة الذي لا تتوافر فيه المعالجة الطبية التي يحتاجونها، وقد توفي عدد منهم نتيجة لذلك. وأشارت منظمة الصحة العالمية في فترة سابقة من هذا الشهر إلى حدوث نقص في بعض العقاقير الضرورية ومزيد من التدهور في صحة سكان غزة، حيث تتأثر المستشفيات أيضاً بالنقص في الأغذية، بما في ذلك مشتقات الحليب واللحوم. وأعربت هيئات المساعدة الدولية عن قلقها من أن القيود الإسرائيلية المفروضة على إدخال السلع إلى قطاع غزة تعيق بشدة قدرتها على تلبية الاحتياجات الإنسانية لسكانه الذين يضطر بالمائة منهم الآن إلى الاعتماد على المساعدات الدولية.

وينبغي على المجتمع الدولي أن يواصل الإصرار على السلطة الفلسطينية وعلى إدارة الأمر الواقع من جانب حماس في غزة، لكي تتخذا خطوات فورية لوضع حد لإطلاق صواريخ "القسام" محلية الصنع من جانب الجماعات المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل.

كذلك ينبغي على المجتمع الدولي أن يطلب أيضاً الرفع الفوري للحصار التعسفي وغير المتناسب الذي تفرضه إسرائيل على غزة والذي يمثل شكلاً من أشكال العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، بمن فيه مئات الآلاف من الأطفال وسواهم الذين لا يتحملون أية مسؤولية عن العنف والذين يعيشون في حالة مزرية من الفقر القسري.