|
تقرير معا- هل تستطيع فلسطين محاكمة بريطانيا؟
نشر بتاريخ: 25/07/2016 ( آخر تحديث: 26/07/2016 الساعة: 17:25 )
بيت لحم- تقرير أحمد تنوح- معا- وجهت القيادة الفلسطينية في خطاب أمام القمة العربية بنواكشوط طلباً من الامانة العامة للجامعة العربية، بمساعدة الفلسطينيين في تحريك قضية ضد بريطانيا لإصدارها وعد بلفور، فهل كانت هذه التصريحات مجرد طرح سياسي لكسب تأييد معنوي؟ أم أنها قرار مدروس وقادر على استرداد الحق الفلسطيني الضائع منذ أكثر من 60 عاماً؟ وكالة معا حاولت الغوص أكثر في اعماق هذه التصريحات، فطرقت باب قانونيين ومحللين سياسيين فلسطينيين للاستيضاح أكثر حول الموضوع، فمنهم من رأى امكانية نجاح هذا الطرح في تقديم دعوة دولية ضد بريطانيا، وهناك من رأى صعوبة واستحالة التنفيذ لاسباب عدة. ورقة ضغط سياسي مجردة من القيمة القانونية الخبير والمختص في القانون والعلاقات الدولية د. رائد أبو بدوية، رأى أنه ليس هناك امكانية لتقديم وتحريك دعوى قانونية في الوقت الراهن، ضد وعد بلفور الذي اصدرته الحكومة البريطانية في العام 1917، وأن تصريحات القيادة الفلسطينية في هذا الموضوع ربما تشكل ورقة ضغط سياسي مجردة من القيمة القانونية. وأوضح أبو بدوبة في حديث لـغـرفـة تـحـريـر مـعـا أن وعد بلفور بعد انهيار الدولة العثمانية لم يعد مجرد وعد سياسي وإنما أخذ صفة قانونية وتم تقنينه ضمن صك الانتداب الذي صدر عن عصبة الامم المتحدة في حينه، وبذلك أصبح قانونياً من وجهة نظر دولية وذا قيمة. وقال: من الممكن إجراء تحرك دبلوماسي وليس قانوني بمساعدة الدول العربية؛ للحصول على اعتذار بريطاني عن السياسة التميزية ضد الشعب الفلسطيني آبان الانتداب، ولكن أيضا لن يحمل ذلك قيمة وأهمية كبيرة بالنسبة للقضية الفلسطينية من الناحية القانونية. ويعتقد أبو بدوية أنه كان الاهم بالنسبة للسلطة الفلسطينية والأجدر أن لا تعود إلى الوراء كثيراً، وإنما أن توجه تركيزها القانوني بمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها وجرائمها اليومية بحق شعبنا، والحصول على قرارات تجرم مجازر إسرائيل في العام 1948، الأمر الذي من الممكن يفيد المفاوض الفلسطيني بقادم الايام. وكان الرئيس أبو مازن قال في خطاب القاه نيابة عنه وزير الخارجية الفلسطيني: "نعمل من أجل فتح ملف الجرائم الدولية التي ارتكبت بحق شعبنا من الانتداب مروراً بالمجازر عام 1948، وما بعدها ومع حلول 100 عام على هذه المجزرة التاريخية، ومع استمرار هذه الكارثة، فإننا نطلب من الامانة العامة لجامعة الدول العربية بمساعدتنا لرفع قضية ضد الحكومة البريطانية لإصدارها وعد بلفور ما تسبب في نكبة الشعب الفلسطيني". عليان: "يمكن توجيه دعوى في المحاكم البريطانية" من جهته، رئيس دائرة الرصد والتوثيق في مؤسسة الحق أ. تحسين عليان، كان له رأي أخر بهذا الخصوص، فقال إنه من ناحية قانونية بالإمكان رفع قضية ودعوى قانونية ضد الحكومة البريطانية بسبب اصدارها لوعد بلفور، ويتم توجيه القضية للمحاكم البريطانية، انطلاقاً من مبدأ في القانون الدولي وهو (لا يجوز أن تقوم دولة على أرض الواقع دون وجود موافقة من صاحب الارض الاصلي). وأضاف في حديثه لـ معا أن منظمة التحرير كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بامكانه رفع دعوى في هذا الشأن لكن الأمر لن يكون سهلا على الاطلاق لوجود اعتبارات ومصالح سياسية ودولية، ولأن إسرائيل ستحارب هذا التحرك لإفشاله قبل أن ينطلق. ويرى عليان أنه "بالإمكان أيضا التوجه بالدعوى القانونية في محكمة الجنايات الدولية لكن ذلك يتطلب موافقة بريطانيا، وما سيحول دون ذلك أيضا هو عدم حصولنا على عضوية دائمة في الامم المتحدة ولسنا اعضاء في محكمة الجنايات الدولية، لذلك أعتقد أن الرئيس لجأ للدول العربية في هذه التصريحات". وكان الرئيس عباس قد حذر من مفهوم يتم تداوله ويُروج له تحت مسمى "التعاون الإقليمي أو الأمن الإقليمي"، بهدف خلق تنسيق أمني إقليمي بين إسرائيل والدول العربية، يهدف إلى تطبيع تلك العلاقات قبل تحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية. "اشكالية في التوقيت وعودة للمربع الأول" من ناحيته، الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض، قلل من أهمية هذه التصريحات، معتقداً أنها مجرد ورقة سياسية ونوع من الادانة الاخلاقية والسياسية لبريطانيا وإسرائيل ومردودها قليل جداً، والعرب حالياً ليس من الوارد أن يرفعوا قضية ضد بريطانيا لانشغالهم بأزماتهم الداخلية ولاعتبارات ومصالح سياسية. وفي حديثه لوكالة معا، يرى عوض أن هناك اشكالية في توقيت هذه التصريحات في ظل وجود قضايا أكثر اهمية حالياً يمكن الحديث عنها دولياً كالجدار والاستيطان، وسياسية القتل الميداني للفلسطينيين.. الخ، متسائلاً :"سياسياً ما الذي سنجنيه من ذلك، وهل سيكون هناك نتائج أم مجرد دخول إلى نفق طويل مظلم؟". وتابع: أن مسألة تجريم بريطانيا هي عودة للمربع الأول، وإدانة ومحاكمة للمشروع الاستعماري والمسؤول عن وجود إسرائيل على أرض فلسطين. وتوقع عوض أنه ليس هناك من محكمة أو جهة دولية من الممكن أن تقبل بهذه الدعوى، فإسرائيل أصبحت واقع وعضو في هيئة الامم المتحدة منذ عشرات السنين، ومنظمة التحرير الفلسطينية أيضا اعترفت بها، لذلك أعتقد أن رفع السقف إلى هذا الحد لربما سيجعل من الموضوع قليل الأثر. و "وعد بلفور" أصدرته الحكومة البريطانية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وذلك في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1917. |