وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الاستيطان في فلسطين وقرارات قمة نواكشط

نشر بتاريخ: 27/07/2016 ( آخر تحديث: 27/07/2016 الساعة: 13:40 )
الاستيطان في فلسطين وقرارات قمة نواكشط
الكاتب: غسان مصطفى الشامي
سوريا المكلومة تئن من شدة الحرب الطاحنة التي تدور رحاها في كل حارة وشارع وزقاق، وضاعت الشام ومدنها ولم تبق الحرب فيها شيئًا، ودمرت الحرب الحجر والشجر والبشر، وما زالت الحرب في الشام على مصراعيها وسط مؤامرات دولية رافضة إنهاء الحرب والوصول إلى حل سياسي.
أما الواقع في العراق فهو أليم يئن تحت وطأة الصراعات الطائفية والحزبية وجرائم القتل اليومية، ولا يكاد يمر يوم على العراق منذ احتلال أمريكا لها إلا وتقع جريمة جديدة.
والوضع السياسي في لبنان أليم، فللعام الثالث منصب الرئيس شاغر، والصراع السياسي يحتدم بين الأحزاب على سياسات الحكم هناك.
أما ليبيا فهي في وضع لا تحسد عليه وبانتظار حكومة الوحدة الوطنية، أما اليمن السعيد فلم يعد سعيدًا ويعيش في ظروف بائسة وواقع أليم وسط ظروف عصيبة.

الوصف السابق جزء من المشهد العربي الأليم والواقع العصيب الذي تمر به أمتنا العربية الإسلامية، ونتباكى اليوم على أوضاع الأمة العربية والواقع الأليم، ولم تعد حاضرة بيننا كلمات الشاعر الكبير فخري البارودي، الذي قال في قصيدة ثورية شهيرة: "بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشام لبغدانِ ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ ..".
عقدت القمة العربية السابعة والعشرون في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وانتهت وهي تحمل صورة باهتة، وهي الأضعف في تاريخ القمم العربية، بسبب غياب عدد من الدول العربية عن القمة، وبسبب الواقع السياسي والميداني الصعب والمرير الذي تمر به منطقتنا العربية، والحرب المستعرة في الشام واليمن، والصراعات الداخلية والطائفية في عدد من البلدان العربية.

القمة العربية عقدت وفلسطين ترزح تحت الاحتلال منذ أكثر من ستين سنة، والكيان يواصل المخططات الاحتلالية التهويدية لأرض فلسطين بهدف سرقتها وإحكام السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليها، وتأكيد سياسات الاحتلال على أرض فلسطين.
إن القرارات الصادرة عن القمة العربية قرارات لا ترقى إلى المستوى المطلوب وسط الأوضاع الهشة للأمة العربية، فكيف يمكن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين والأراضي العربية المحتلة عام 1967م؟!، ومن الدول العربية التي سترسل القوات العسكرية لإنهاء الاحتلال؟!
أما المبادرة الفرنسية للسلام فهي رهن موافقة الكيان الصهيوني عليها، وفي حال لم يوافق الكيان لن تنفذ هذه المبادرة ولن يعقد المؤتمر، أما دعوة الرباعية الدولية إلى مراجعة مواقفها فهي دعوة هزيلة وضعيفة، لأن مواقف الرباعية الدولية تتماشى هي وما يراه الصهاينة من مقترحات وأطروحات.
جل القرارات التي صدرت عن قمة نواكشوط وغيرها فيما يخص القضية الفلسطينية يضربها بالاحتلال الإسرائيلي عرض الحائط ولا يعترف بها، ويواصل جرائمه بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.

إن جرائم الصهاينة بحق الأرض الفلسطينية مستمرة وبازدياد، وقد صدق الكيان الصهيوني في يوم عقد قمة نواكشوط على قرار إجرامي يقضي ببناء (770) وحدة استيطانية جديدة من أصل مخطط يشمل بناء (1200) وحدة، في المنطقة الواقعة بين مستوطنة (غيلو) ومدينة بيت جالا جنوب القدس المحتلة، وقبلها أقرت بلدية الاحتلال في القدس مخططات بناء مستوطنة جديدة تشتمل على 15 ألف وحدة سكنية لاستيعاب المستوطنين الجدد، ويأتي هذا القرار بعد أيام من إقرارها مشروعًا استيطانيًّا كبيرًا في المدينة، يضم عشرات الأبنية والبنايات السكنية والرياضية، وأقرت الحكومة الإسرائيلية في شهر حزيران (يونيو) الماضي بناء (800) وحدة استيطانية في مستوطنة (معالي أدوميم) بالقدس المحتلة، ويواصل الكيان العبري مخططات الاستيطان سعيًا لإقامة مشروع "القدس الكبرى" باستكمال عملية التطهير العرقي، وتعزيز الوجود الإسرائيلي على حساب حقوق شعبنا الفلسطيني وأرضه، في إطار سعيه الحثيث إلى اجتثاث شعبنا من أرضه وتهجيره من وطنه.

رسالة فلسطين إلى الزعماء العرب: أنقذوا القدس من مخططات السيطرة الصهيونية على المدينة المقدسة، ومواصلة مشاريع تهويد القدس، ومواصلة الحفريات أسفل المسجد الأقصى، ومواصلة إصدار قرارات الهدم لمنازل الفلسطينيين في القدس المحتلة، وغيرها من السياسات العنصرية الاحتلالية بحق القدس.
ولقد أطلق قبل أيام رئيس بلدية الاحتلال في القدس (مئير ترجمان) تصريحات خطيرة قال فيها: "لا يهمني ما يجري في المستوى السياسي، وإنما ما أسعى إليه هو تأمين الشقق للشباب"، وهذا يدل على أهداف الاحتلال الخبيثة في تقطيع أوصال القدس المحتلة والضفة الغربية، وإن الكيان يسعى من البناء إلى التوسع الاستيطاني في مناطق القدس، وعلى رأسها بيت جالا، ويضرب عرض الحائط بالغضب الفلسطيني والتظاهرات اليومية ضد جرائم المستوطنين، وضد مواصلة بناء الكتل الاستيطانية، والتوسع في مستوطنة (غيلو) كبرى مستوطنات القدس المحتلة.

إن الأرض الفلسطينية تشهد أكبر عملية مصادرة وتهويد وتشريع للبؤر الاستيطانية، وتوسيع المستوطنات، والسعي الجاد إلى ضم مستوطنة (معالي أدوميم) إلى القدس لتصبح ضمن حدود مدينة القدس المحتلة، فضلًا عن الجرائم الإسرائيلية التي تبقى طي الكتمان ولا تنشر على وسائل الإعلام.
الواقع الفلسطيني أليم وأكثر إيلامًا من قبل، والحاجة ماسة إلى الدعم والمساندة العربيين العاجلين والسريعين، للوقوف في وجه جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الأرض والإنسان الفلسطينيين.