وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المسّ بمشاعري

نشر بتاريخ: 28/07/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
المسّ بمشاعري

جدعون ليفي- هارتس
ترجمة: أمين خير الدين

ككل شيء إنساني، ثمّة مشاعر في إسرائيل فقط لليهود. خاصّة للمتدينين. ويضيف المتشددون منهم أيضا، للناجين من الكارثة، وللثكلى، وفقط هؤلاء لا يجوز المسّ بمشاعرهم، أمّا الباقون ليس لهم مشاعر، أو يمكن عدم الاهتمام بمشاعرهم، ليس ثمّة أي مسّ بمشاعر العلمانيين، أو اليسار، أو عامّة الناس، وطبعا العرب أيضا. قد تمسّ مسيرة المثليين الفخورين بمشاعر المتدينين، ولذلك لن تمر مسيرتهم في الشارع الرئيسي في بئر السبع.وفي أورشليم لن تطأ اليوم قدما رئيس البلدية، ذي الشعبية، نير بريكت "حتى لا يمس المشاعر". مسيرة الأعلام، في نفس المدينة تجرح مشاعري سنويا.ويغمرني الخجل لكن مشاعر العلمانيين أو الليبراليين، أو العرب لا وجود لها.


اتضح لي أن لي أيضا مشاعر، مع أنني لست من الناجين من الكارثة، ولست من عائلة ثكلى، وأن مشاعري تُجْرح يوميا، بمشاعري ومشاعر مثالي لا أحد يهتم،. صحيح، إننا أقلية، لكن المتدينين أقلية أيضا، ويجب الاهتمام بمشاعر الأقليّة التي لا تمتلك غير مشاعرها.


جُرحت مشاعري عندا أثارت إذاعة برنامج إذاعي عن شاعر مرموق، وعزيز على قلبي مثل محمود درويش عاصفة قوميّة، تُجْرح مشاعري من حقيقة أنني أعيش في دولة فيها وزيرة المعارف ميري ريغب، وفيها وزير الدفاع ابيغددور ليبرمان.


تجْرح مشاعري ، حتى الأعماق من كل يوم احتلال، ومن كل يوم حصار على غزّة، ومن كل يوم ينفذ فيه قتل، أو اعتقال، أو معاناة، أو مصادرة، أو استيطان. هذا ما يجرح مشاعري التي لا يهتم بها أحد، تُجْرح مشاعري حتى الأعماق مما يجري باسمي، تُجْرح مشاعري عندما أزور الخليل وأرى أحياء الأبرتهايد هناك، تُجْرح مشاعري عندما أزور منطقة المغُر جنوب جبل الخليل، وأرى المعاناة هناك. تُجْرح مشاعري من مستوطنة أو جندي يصرخ على الحواجز فأحِسّ بالخجل، ليس ثمّة زيارة للأرض المحتلة لا تجرح مشاعري حتى الأعماق، مشاعري التي لا تهمّ أحدا.


أُصْدم من المناخ غير الديمقراطي الذي يسود بلادي وتُجْرح مشاعري، وتجرح مشاعري ثرثرة يئير لبيد عن الوطنيّة، وعندما يتكلم روني دانيئيل عادة أُصْدم، ولكن أقلّ، كل نشرة أخبار في القنال الثانية، وكل عدد من "يسرائيل هيوم" و "يديعوت أحرونوت" هي جَرْح للمشاعر. ومكارثية* إيلانا ديان في برنامج "عوبدا " هي جَرْح للمشاعر. لا أقبل التحريض وشطف الدماغ، ولا أقبل الدعاية وإثارة الغرائز في الإعلام الإسرائيلي.


لا أرتاح لشعائر الموت، والتمرّغ التهكمي، ومعاناة طالبي اللجوء من الأفارقة،


مجرّد أن الدولة التي يلجئون إليها، لم تصادق على طلب واحد من آل - 15 ألف لطالبي اللجوء، تثير عندي مشاعر الاحتقار والشعور بالذنب.
قتل شخصية حنين الزعبي يجرح مشاعري، "المعسكر الصهيوني" يجرح مشاعري، وأحيانا الصهيونية، وكَوْن نافا بوكر وعنات باركو عضوتي كنيست يجرح مشاعري، وصراخ ميكي ليفي، والصمت المخجل لعوفر شيلح، وأيضا وزيرة العدل تجرح مشاعري، ويجرح مشاعري بيبي نتنياهو عندما يقول إنه يريد السلام. وهدم البيوت، والحصار المستمرعلى بلدة سعير، ومعاناة الرعاة في بقعة الأردن من قلة الماء، ومجرد تَذَكُّر مَنْ صادر لهم الصهاريج، ورؤية المستوطنات حولهم، والالتقاء بعائلة مريض نفسانيا، ومَن يُعاني من متلازمة داون ، وطفل مشلول دماغيا، وحقيقة أن الجنود أطلقوا النار عليهم، كل هذا يجرح مشاعري.
قد أغفر لمشاعر، لكن في المرة القادمة، عند الكلام عن مَسِّ المشاعر، من الضروري أن نتذكر أن للجميع مشاعر، حتى الليبراليين والعرب.