وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

جزرة الدولة

نشر بتاريخ: 31/07/2016 ( آخر تحديث: 31/07/2016 الساعة: 12:10 )
جزرة الدولة
الكاتب: رامي مهداوي
سأدخل في الموضوع مباشرة دون مقدمات، فالمقدمة التي أريد كتابتها هي ما نعيشه كفلسطينيين كل يوم منذ توقيع اتفاق أوسلو وتوابعه. اغراقنا في الدولة جعلنا نتعامل مع مفهوم التحرير بأساليب لا تحمل مضمون التحرير بقدر ما هو ادارة الذات الفلسطينية لكن بشروط ومحددات كولونيالية تهدف العقلية الصهيونيةأولاً وأخيراً من خلاله إنشاء الوطن القومي لليهود لا أكثر ولا أقل.

حلم الدولة أفقدنا الحلم الرئيسي لنا كشعب وهو التحرر، مما جعل حلم الدولة عبارة عن كابوس للقيادة الفلسطينية لأنه تم إغراقها في متطلبات الدولة دون خوض معركة التحرر حتى بالمفاوضات بالطريقة الصحيحة التي يجب ان تكون عليها المفاوضات، فبحثنا عن إمتيازات الدولة وفقدنا أدوات تحرير دولتنا، بحثنا عن الشكليات وفقدنا المضمون الأساسي ومتطلبات إنشاء اي دولة بحق تقرير مصيرها.

ما حدث ويحدث معنا هو ما حدث مع السكان الأصليين _الهنود الحمر_ بتوقعيهم معاهدة فورت بيت عام 1778م، وفيها بند خاص عن إنشاء الدولة الهندية وعن حقها في الانضمام الى الولايات المتحدة وأن يكون لها ممثلون في الكونغرس. أغلب المؤرخين يتفقون بأنه بعد توقيع الإتفاقية بدأ يخسر الهندي أرضه أمام زحف المستوطن البريطاني، وعندما حاول الهندي مقاومة المستوطن، سحقهم جيش واشنطن وتم طرد الهندي من "دولته" للمرة الثانية!! ثم طالب الأمريكان عقد اتفاقية سلام مع مطالبة المفاوض الأمريكي "مراعاة الوقائع الحالية على الأرض" والإعتراف بشرعية المستوطنات التي إمتلأت مثل خلايا السرطان، وفي ذات الوقت جيوش واشنطن تطهر "دولة الهنود". حتى خدعة "تبادل الأراضي" التي نقع فيها وقع فيها الهنود، فبإسم الوطن البديل الدائم تم تهجير القبائل الهندية الى ما كان يسموه " المنافي المؤقته"!!

ما حدث مع الهنود يحدث معنا رغم إختلاف الزمن والمكان والمستعمر؛ فما بين سكرة الدولة والوطن الخالد حتى وجدوا الهنود أنفسهم في معسكرات اعتقال ومعازل وموت بأدوات مختلفة مثل المرض المدروس، قرنين وراء جزرة الدولة ليكونوا في معازل، ونحن الآن في معازل من لا يشاهد ذلك أنصحه بالخروج من الكهف الذي يعيش به والنظر حوله جيداً، نحن الآن نعيش في معازل يسيطر عليها جيش الإحتلال لن تستطيع دخول أو خروج أي مدينة/معزل دون المرور من حاجز عسكري. والأخطر من ذلك بأننا داخل المعازل لا نملك مقومات الدولة سوى الشكليات التي نحاول أن نسيطر من خلالها على واقع الإدارة والحكم والتنمية دون أي جدوى، حتى لا نظلم أنفسنا نقوم بما يجب أن نقوم به مع ما نمتلكه من قوة لكن دون جدوى بسبب سياسة الكولونيالي بطحن ماء التنمية وتعزيز تنمية الإضمحلال.

على الرغم من قبولنا الجزرة، إلاّ أن الكيان الصهيوني استخدم/يستخدم بشكل متواصل العصا بأشكال وأدوات مختلفة تجعلنا نتألم بشكل يومي، سأدعي هنا بأنه خلال السنوات القادمة القريبة سيتم سحب الجزرة والإكتفاء بالعصا، وإستخدامها ليس فقط من قبل الإحتلال وإنما من دول مختلفة عربية وغير عربية، ملامح ذلك أصبحت واضحة وفاقد البصيرة من لا يشاهد الخطوات الأولى لمأسسة ذلك بأيادي متنوعة تحت ذريعة الحفاظ على القضية الفلسطينية.

للتواصل:
[email protected]
فيسبوكRamiMehdawiPage