|
دائرتا الفنون الجميلة والعلوم الموسيقية تشاركان بالمؤتمر الـ 16 للموسيقى العربية في مصر
نشر بتاريخ: 26/11/2007 ( آخر تحديث: 26/11/2007 الساعة: 11:47 )
رام الله- معا- شارك الدكتور معتصم عديلة رئيس دائرتي الفنون الجميلة والعلوم الموسيقية في أعمال مؤتمر الموسيقى العربية السادس عشر، والذي عقد في منتصف شهر تشرين ثاني 2007 في رحاب دار الأوبرا المصرية بالقاهرة /مصر، بمشاركة حشد من الباحثين والمتخصصين من مختلف الدول العربية.
وقد إشتمل المؤتمر على العديد من المحاضرات وورشات العمل، حيث سلط الضوء ومن خلال محاوره المختلفة على أهمية الملحن العربي المعاصر وتأثيره في ذوق المتلقي وكذلك على سمات الأغنية المعاصرة والموجهة للطفل في وسائل الاعلام بالإضافة إلى دراسة المؤتمر للتنظير الموسيقي العربي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وقد عرض د. عديلة ورقة علمية في محور الملحن العربي المعاصر وتأثيره في ذوق المتلقي حملت عنوان:"الملحن العربي المعاصر بين مطرقـة اللحن وسندان النص الشعري"بيـن خلالها إن ما نواجهه كمجتمع عربي في العصر الحالي من تحولات ثقافية وفنية متعددة تحتم علينا تحديد موقفنا تجاه موسيقانا العربية، وكذلك التفكير بكيفية جعلها من الموسيقات ذات اللغة العصرية المميزة، وذلك من أجل تجسيد طموحات أجيالنا الحاضرة والمستقبلية. فالحاجة ملحة للبحث بالذات الموسيقية العربية وما يحيط بها من تحولات معاصرة. موضحاً أنه وبالرجوع للتاريخ الموسيقي العربي يلاحظ بأن الموسيقي العربي القديم استطاع أن يغني الحياة الموسيقية العربية بنظريات وعلوم وارتقاءات مهمة. على مستوى الصوت والآلة، بحيث بقي نبعه فياضاً ومتدفقاً آلاف السنين عبر مدارس موسيقية عديدة أسس أركانها أعلام ورواد ومفكرون كبار. ووضح بأن التدهور الحاصل في نتاج الملحن المعاصر سببه الرئيسي انقطاع وابتعاد هذا الملحن عن قراءة موروثه الموسيقي العظيم قراءة روحية تفضي إلى تقديم حلول موسيقية جديدة بعيداً عن روح الاستهلاك والتبعية والغربنة التي عولمت موسيقانا لتصبح بلا هوية أو لغة خاصة تميزها عن اللون الموسيقي الواحد الذي بات يسيطر على كافة النتاجات الموسيقية في العالم بعد أن توفرت التقنيات والوسائط المتعددة التي سهلت الطريق نحو تبني هذا اللون الوحيد الذي لم يقدم إلا نتاجات هزيلة، لم تستطع أن تؤسس نهضة موسيقية عربية جديدة عمادها الحداثة العقلانية المبنية على جذور راسخة وعلى مفردات مغايرة تثري الحياة الموسيقية لا أن تلوثها بأوبئة باتت تشكل مشكلة حقيقية في غياب حقيقي للملحن العربي الأصيل. كما أظهرت الورقة البحثية العلاقة الوثيقة بين الشعر واللحن حيث وضحت بأن المواضيع التي يتناولها الغناء تعد مقياساً للمستوى الثقافي والحضاري للمجتمع الذي تنتمي إليه لذلك يحمل النص الشعري الغنائي المسؤولية الأولى في تركيبة الأغنية فهو أساس عمودها الفقري. وبالرجوع للتاريخ يلاحظ مدى ارتباط الشعر العربي عبر مختلف عصوره بالغناء والموسيقى والنغم, وليس أدل على ذلك من كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني, الذي حفظ للعرب أجمل ما يحفظ من تراثهم في مجال الغناء والانشاد. خلصت الورقة العلمية الى ان الملحن العربي المعاصر قد انغمست الحانه بمعاني الابتذال التي تسود كافة أغانيه, فأغنياته لا تنفك تخاطب الجسد والغرائز, بألفاظ يخجل المرء من تكرارها حيث العديد من المعاني التي يمقتها الفن وينفر منها الذوق الفني السليم وهي المعاني التي تعتبر البضاعة المفضلة عند العديد من أشباه الملحنين من الذين ابتليت بهم الساحة الفنية في هذا الزمن الردئ الذي يسوده الجهل وتتحكم فيه الأمية الثقافية بأبشع صورها. إنه زمن التخلف والانحطاط في الموسيقى العربية الحالية كنتيجة منطقية لأعمال هؤلاء الملحنين حيث العملة الرديئة تسيطر على مقدرات هذا الفن وحيث يغيب اللحن الموسيقي العربي الأصيل مسافراً في رحلة طويلة مما يدل على أزمة ثقافية وحضارية ممتدة تعيشها الثقافة العربية عموماً بما يؤثر بشكل جلي على مفردات الهوية الإبداعية للموسيقى العربية ومنجزها الأصيل الذي لا ينسى. لذلك على الملحن العربي المعاصر الاهتمام بالحانه ونصوص أغانيه ليرتقي بالذوق الفني العام، بحيث تكون ألحانه معبّرة عن الكثير من مشاعر المتلقي العربي، ومنسجمة مع الكثير من أمنياته ورغباته، وذلك بتنمية ألحانه ونصوصه في كل الجوانب والعناصر - المقامات، والإيقاعات، والتراكيب، والصياغة- بحيث تصبح كفيلة بأن تتحمل كل ما يلقى عليها من مواضيع إنسانية ووجدانية وعاطفية تتماشى ومفاهيم المتلقي العربي المعاصر. وقد لاقت الورقة البحثية إهتمام المشاركين والحضور وأثارت العديد من الأسئلة والمداخلات. 2- إلقاء محاضرة بعنوان: "أبعاد وتداعيات العولمة الثقافية والفنية على خصوصية الهوية الموسيقية العربية". بين من خلالها أخطار العولمة على الهوية الثقافية العربية موضحاً أن العولمة في حقيقتها لا تعدو أن تكون إلا شكلاً من أشكال الهيمنة الأمريكية الغربية الجديدة فمخاطرها على الهوية الثقافية إنما هي مقدمة لمخاطر اعظم على الدولة الوطنية والاستقلال الوطني والإرادة الوطنية والثقافة الوطنية. - بعد ذلك وضح أن عصر العولمة قد زحف بموجة عالمية أنتجت ثقافة موسيقية غنائية هامشية، ليس في الوطن العربي فحسب، بل في كل أنحاء العالم مما يهدد الاجيال القادمة بوباء انعدام المعايير الفنية العليا والحس الوجداني الرفيع بالإضافة إلى الهشاشة الفكرية التي تنعكس سلبا ليس على الثقافة فحسب بل حتى على إنسانية الإنسان وتعامله مع أخيه الإنسان وفي سلوكه الحضاري إزاء الأسرة والمجتمع. - ثم تحدث عن مكانة ومستقبل الموسيقى العربية في ظل العولمة مؤكداً أن مكانة ومستقبل الموسيقى العربية يعتمدان بالدرجة الأولى على مستوى أصالة العناصر الأولية المميزة لها، بالإضافة إلى إرادة الشعب العربي في المحافظة على صفات وخصائص الهوية الموسيقية العربية. وقد خلصت المحاضرة إلى ما يلي: 1- عدم الاهتمام الكافي من الجهات الحكومية العربية وغير الحكومية بتوفير الدعم المطلوب للنهوض بالمؤسسات والمراكز الثقافية العربية. 2- إهمال التراث الموسيقي العربي وعدم التعاطي معه بالشكل المطلوب من قبل الجهات المختصة. 3- عدم الأخذ بالتراث الموسيقي العربي أساسا للإبداع الموسيقي العربي الحديث. 4- إهمال المؤلفين الموسيقيين العرب لخصائص وسمات الموسيقى العربية في التأليف الموسيقي الحديث. 5- عدم قيام وسائل الإعلام العربية من خلال بثها بالدور المطلوب منها تجاه المحافظة على هوية الموسيقى العربية . 6- عدم الاستفادة من التطور التكنولوجي في تعزيز ونشر المفاهيم الثقافية العربية والموسيقية. 7- ندرة المواقع على شبكة الإنترنت والتي تخص الموسيقى العربية ومفاهيمها. 8- أن المعاهد والكليات الموسيقية العربية ما زالت تعتمد في تدريسها المناهج الغربية. التوصيات: 1- ضرورة التعاون بين الدول العربية في المجال الثقافي لإنتاج وتسويق الثقافة العربية بحيث تأخذ مكانتها في خضم العولمة وتحد من تأثيرات الاختراق الثقافي. 2- التمسك بالإرث الثقافي الموسيقي العربي والتعامل معه بكل الإمكانيات لتجنب عولمته بالمفهوم الأمريكي الغربي، وبالتالي طمس وإلغاء هويته الثقافية العربية . 3- توظيف المبتكرات التكنولوجية في المحافظة على الهوية الموسيقية العربية وذلك على النحو التالي: أ. دعوة الموسيقيين العرب إلى تبني تكنولوجيا المعلومات في التوثيق والتحليل للتوصل إلى إبداع موسيقي عربي أصيل وعرضه للأجيال القادمة . ب. دعوة الدول العربية إلى توثيق التراث الموسيقي العربي رقمياً . ج . دعم النشر الإلكتروني للدراسات والأبحاث والموسوعات الموسيقية العربية. د. افتتاح أقسام للتحليل الموسيقي ولتكنولوجيا المعلومات في المعاهد الموسيقية العليا. 4- إبداع أعمال موسيقية مستمدة من روح التراث معبرة عن هويته الثقافية العربية . 5- استخدام الآلات والنظريات الموسيقية الشرقية العربية في عمليتي الإبداع والأداء الموسيقى كونها الأقدر على التعبير عن مشاعر العرب. 6- كسب تأييد الحكومات العربية والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في مسألة الحفاظ على التراث الموسيقي العربي . 7- حشد وسائل الأعلام لقيادة حملة توعية عامة تتناول أهمية الموسيقى العربية كجزء من الإرث الثقافي العربي . 8- التوصل إلى خطة ترسم معالم الاستراتيجية والسياسات والممارسات التي تضمن انتقال التراث الموسيقي العربي إلى الأجيال القادمة. وقد كان لهذه المحاضرة أثر كبير على الحضور ولاقت إهتمام بالغ تجسد في طلب العديد منهم نسخاً من هذه الورقة البحثية. 3- بالإضافة إلى ذلك وعلى هامش المؤتمر تم الإجتماع مع العديد من رؤساء ومدراء المنظمات والمؤسسات الموسيقية العربية والدولية المتواجدين في المؤتمر، تم خلالها بناء العديد من العلاقات المهنية التي من شأنها أن تضع دائرة العلوم الموسيقية بجامعة القدس في قلب الأحداث الموسيقية العربية والدولية بحيث تبقى الدائرة في تواصل مستمر بما يحدث من أنشطة وأحداث موسيقية على المستوى العربي والدولي. |