|
العُرس المعلَّق على الحدود
نشر بتاريخ: 07/08/2016 ( آخر تحديث: 07/08/2016 الساعة: 22:32 )
الكاتب: نصير احمد الريماوي
كان الثامن عشر من تشرين الثاني يوما مشهودا
حين الشوارع غصّت بالجماهير والبعض تسمّرَ قدام الشّاشات وتَبرّجت الشّوارع والبنايات أعلام... صور للمعتقلين والمعتقلات يوم الحرّيّة قد اشرق سماء فلسطين انشطرت إلى نصفين النصف الأول حزن وبكاء.. والنصف الآخر يزدان ضياء رحتُ أُقلِّب شاشات القنوات أبحث عن حزنٍ عن أفراح أبصرتُ فلسطين وحيدة باكيةً.. دامعةُ العينين لكنَّ الفرحة تغمرها للنصر على بطشِ الأعداء عرسا وطنيا غاب وجاء رغم الأحزان على مَنْ ظلّوا في الأسر تنقلهم مع أنوار الفجر مركبة السِّجن السَّوداء تحت لهيب الشَّمس الحمراء ليروا النّور من بعد ظلام السِّجن والناس في لهفٍ ورجاء تنتظر اللحظة ...لحظة وصول الأبطال من رسموا طرقا للأجيال عادوا من بعد غياب طال وحشود تهتف للعائد من سجن الأنذال وتبادل قبلات وعناق وحنين تغمره الأشواق وورود ينثرها الأهل على الأبواب ودموع الفرحة تذرفها عين الأحباب وفلول جنود يهوذا من خلف الأسوار يرمون الشعب الثَّائر برصاص غدار بالغاز المدمع للعينين وقنابل صوت يلقيها من خلف جدار لكنّ تبادل أسرانا فورا قد سار بالقرب من معبر رفح وأبواب بيتونيا بأياد خيرة مصريِّة تنقلها شاشات التلفزة العربيّة وقاتل أطفال فلسطين تنقله طائرة سَمتيّة كان الشّعب وكانت كلّ فلسطين يحتفلون بعودة أسرى الحرّيّة وشوارع غزة ورام الله تموج بأفواج بشريّة وهتاف يصدح باسم فلسطين للبطل العائد بعد غياب طال سنين منهم من غادر إلى قطر، تركيا، وبلاد الشّام حُرِموا من ضَمَّةِ عشقٍ في حضن وطن اصحاب الحقِ وأبناء والأرضِ من سجنٍ للمنفى يُنفون أما جندي بني صهيون فيعود إلى عيش مأمون في حضن يهوذا الملعون في أرض فلسطين المحتلة وبين الأهل المبتهجون لعودة جبَّار الأمة شمشون وتعجّ الصّور في الشّاشات ومشاهد عزِّ جياشات أفراح غمرت جو الشّارع والحارات لعروسين من ظلم جنود الإسرائيلية عريس فتحاوي، وعروس حمساوية ديدنهما حب الأرض... عهد وأمل بصمودهما ضربا للعشق خير مَثَل طَرَدوا للأردن عروس الثّورة رحلت والفرحة معها رحلت والعيشة مُرَّة قَتلوا الفَرح فعمَّ الحزن وأدوا الأمل طُغاة الجن زغاريد الأهل مع الأحباب تاهت في الزَّحمة كالأغراب ومراسم حفل العُرس قضت والقلب جريح لكنَّ الفرحة في يوم سيضُوع شذاها صوب الريح قتلوا أزهار ربيع العمر الأخضر طعنوها في القلب فسال الدّم غزيرا أحمر في يوم كان سيأتي بالحرّيّة لعروسين من أبناء فلسطين الغزيّة لكن الحلم يوما سيتحقق وشعاع الفجر سيطل علينا بيوم أبلق شهيدة آل تميمي في عمر الورد قالت : يا ولدي بطريقي للسجن جئت أزورك كلّي شوق.... كلّي فرح لأقبِّل جبهتك الحرَّة احتضنك قليلا واروي عيني بمرآك .... قلبي يشتعل كالجمرة حرموني يا ولدي من فرحة لُقياك في محكمة صهيون الهمجيّة دفعوني بأيادٍ وحشيَّة ودَّعتُ الدُّنيا لكنِّي روحي مازالت باقية تردد رجع الأغنية وتشارككم كلَّ الأفراح ساعات الأنس القادمة مع كلِّ صباح لا تغضب يا ولدي لا تحزن سيكون زواجك يا ولدي أفراح وطن مختلفا عن كل الأعراس لتصدح فيه مآذننا ولتقرع فيه الأجراس رغم العُهر ورغم القهر وأنين عذابات وجراح عرسا لفلسطين الحرة تتعانق فيه الأرواح ملاحظة: كتبت يوم تحرير الدفعة الأولى من الأسرى، وقد قتل الاحتلال فرحة العروسان "أحلام "و"نزار" ، بعدما فَرّقهما عن بعض بعد التحرر من السجن، وقد عقدا قرانهما من سجنيهما تشبثا بالحياة والأمل، وكانا محكومين مدى الحياة. |