وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حُمى الترشح والانتخابات

نشر بتاريخ: 12/08/2016 ( آخر تحديث: 12/08/2016 الساعة: 14:10 )
حُمى الترشح والانتخابات
الكاتب: بهاء رحال
اعرف كثيراً من المرشحين لانتخابات المجالس البلدية والمحلية يجددون ترشحهم هذه المرة في الدورة الجديدة المنوي عقدها، منهم من جاوز عدد مرات ترشحه ثلاث دورات ومنهم من واكب الانتخابات منذ اكثر من ذلك وهو يصر في كل مرة تجري فيها الانتخابات ان يتقدم للترشح لعضوية المجلس البلدي أو المحلي، واعرف ايضاً كثيراً من اولئك المرشحين في كل مرة يترشحون فيها يسعون للوصول الى كرسي الرئيس البلدي او المحلي ثم وبعد ان تخرج النتائج يكتفي الواحد منهم بعضوية ولو على الهامش إلا ان اصراره على كرسي الرئاسة يجعله مشوش التفكير طوال الفترة الممتدة الى اربعة سنوات او اكثر قليلاً ويبقى منكباً على نفسه وعينه على كرسي رئاسة البلدية او المجلس المحلي، واعرف كثيرين وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها اعضاء، يوم صادفهم الحظ وحصلت قائمتهم على عدد من الاصوات اعلى من كل التوقعات واستطلاعات الرأي، واعرف ان البعض ينجح فقط بسبب انقسام واختلاف الاخرين فيحصل على اصوات مشتته من هذه القائمة او تلك، ويجد نفسه عضواً دون ان يصدق هو نفسه النتيجة، وبين ليلة وضحاها يتشكل مجلساً قد يكون اكثر من نصف اعضاءه يجهلون ماذا يعني المجلس البلدي او المحلي، وفي النتيجة فان الخاسر الوحيد هو المواطن الذي يعاني من نقص الخدمات وقلة الموارد وضعف التخطيط وخراب البنى التحتية وشح المياه والكهرباء والصرف الصحي والتخطيط العمراني والازدحامات المرورية وغيرها، وهذا ما يجعل البلدات والمدن والقرى الفلسطينية تفتقر الى كل سبل النجاة بمدن صالحة للعيش البشري، وهذا يعود الى ضعف المجالس والبلديات التي تُنتخب وفق تعصب حزبي او طائفي او عشائري، وهذا جهل عميق وعقيم اذا استمر فإننا نجلب الخراب اكثر لنحن، فلن يتأثر من ذلك غير المواطن، المواطن الذي يتطلع الى خدمات حياتية اساسية تقدمها المجالس البلدية والمحلية على قاعدة التطوير والتقدم في الاداء والجودة وان لا يبقى الحال في هذا التراجع .

عودة الى بعض المرشحين، والكثير منهم يتطلع الى هذا الموقع وكأنه تشريف لا تكليف، وينظر اليه من نواحي شخصية خالصة، ويسعى دائماً للحفاظ على ذلك الكرسي الذي جلب له الجاه والنفوذ والقدرة وأشياء أخرى، ومكنه من الاحتفاظ بمكتسبات شخصية حصل عليها نتيجة لهذا المنصب، المنصب الذي يجعله يفكر في كل انتخابات ان يعيد ترشيح نفسه، فيترشح كونه مصاب بحُمى الانتخابات ومرض سبب له عقد كثيرة على مر السنوات، مرض اسمه كرسي رئيس البلدية، او المجلس المحلي او العضوية اذا لم يحالفه حظ امنياته، وما دعاني للكتابة عن هذا هو اني علمت ان كثيراً من هؤلاء اعادوا ترشيح انفسهم مرة رابعة لهذه الدورة التي نقترب من موعد انعقادها، والسؤال هنا، لماذا كل هذا الافراط في المشاحنات ولماذا هذا التدافع في المنافسة؟ ولماذا كل هذا التزاحم على بلديات فقيرة، غير قادرة على ضمان ايصال المياه او الكهرباء للمواطنين على مدار الساعة؟ وغير قادرة على تسديد رواتب موظفيها والعاملين فيها؟ ولماذا هذا الصدام الحاد على انتخابات محلية لبلدات ومدن شوارعها محطمة وضيقة وارصفتها ترابية، مظلمة في الليل، وفقيرة في النهار، وكما يقولون عاجزة مالياً وديونها المستحقة باهظة، ومتراكمة، وايراداتها محدودة، فلماذا كل هذا التناحر؟!

المجالس المحلية، هي مجالس خدماتية بحتة، وهي مجالس يتطلع المواطن من خلالها بان توفر له بنى تحتية مناسبة للحياة، وتسعى لتخطيط دائم لكي تذلل عقبات الحياة اليومية عبر توفير شبكات طرق مناسبة، وحدائق عامة، ومياه تصل للبيوت عبر الشبكات لا عبر التنكات والسوق السوداء وبعض تجار المياه، وكهرباء لا تنقطع عن البيوت والمصانع والشركات والفنادق وغيرها، وشبكات صرف صحي لا تعطل الطريق كل شتاء ولا تفيض بالاوساخ والروائح الكريهة، ونظام يكفل للمواطن حق المساواة في الحقوق التي يتلقاها فلا تجد حارة متمايزة عن الاخرى في أي شكل من الخدمات المقدمة، نحن بحاجة لمجالس بلدية تعيد النظر في التخطيط العمراني، وفي التراخيص الممنوحة لاسكانات لا توجد بها مواقف للسيارات او مصاعد كهربائية وهي تعلو لتصل اكثر من عشر طوابق او اكثر، والى معاقبة المعتدين على الشارع والارصفة، نحن بحاجة الى من يتقن العمل ويتقن الخدمة ويواصل نهاره كاملاً يتابع ادق التفاصيل التي على تلك المجالس المحلية والبلدية تقديمها للمواطن، ولا نريد عضواً يتقن الخطابة والسياسة ويقضي نهاره على كسل.