وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

إبداع المعلم: حقوق ذوي الإعاقة أحد أولوياتنا وركائز عملنا

نشر بتاريخ: 13/08/2016 ( آخر تحديث: 13/08/2016 الساعة: 10:42 )
إبداع المعلم: حقوق ذوي الإعاقة أحد أولوياتنا وركائز عملنا
رام الله- معا- قال مركز "إبداع المعلم" إن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم لا سيما على الصعيد التعليمي، شكلت أحد أولويات وركائز عمله، منذ انطلاق نشاطه قبل نحو عقدين من الزمن.

وأوضح المركز في بيان له، أنه ركّز عبر برامجه وآليات عمله المختلفة على طرح واقع وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبار ذلك أحد مكونات استراتجيته التي تعنى بالارتقاء بالمنظومة التعليمية على مختلف الصعد.

وتعود عناية المركز بقضايا ذوي الإعاقة وحقوقهم منذ البدايات، لكنها تعمقت خلال السنوات الأخيرة سواء عبر تنفيذ برامج تتناول حقوق هذه الفئة، أو تضمين مسائل تتعلق بها ضمن مشاريعه المتنوعة.

وتذكر مسؤولة برنامج حقوق الإنسان في المركز انتصار حمدان، أن موضوع الأشخاص ذوي الإعاقة يندرج ضمن رؤية المركز في مجال حقوق الإنسان، خاصة لجهة تكريس حق التعليم للجميع، لا سيما ذوي الإعاقة، باعتبار أن هذه الشريحة تعاني من التهميش على الصعيد المجتمعي.

وتشير إلى أن المركز يركز على هذه الشريحة على ثلاثة مستويات، تتمثل الأولى في مجال السياسات، حيث يسعى إلى المساهمة في بلورة سياسات تنسجم مع القوانين وما هو منصوص عليه في الخطط والاستراتيجيات الوطنية، سواء على الصعيد العام أو ضمن منظومة عمل وزارة التربية والتعليم العالي.

ويعتمد المركز عدة وسائل لتحقيق هذه الغاية، ما يشمل في أحد جوانبه إطلاق حملات تستهدف احداث تغيير في السياسات القائمة، أو إيجاد أخرى جديدة تسهل عملية دمج ذوي الإعاقة، ومواءمة الأماكن العامة لا سيما المدارس مع متطلبات واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتتضمن جهود المركز التركيز على مسألة اعتماد موازنات لصالح دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، بما يشمل الموازنة العامة، والموازنات القطاعية لا سيما تلك الخاصة بوزارة التربية والتعليم العالي.

أما المستوى الثاني الذي يعنى به المركز، فيتمثل في احداث تغيير في توجهات المجتمع، ما يرتكز على تنظيم ورشات عمل، وفعاليات تدريبية وحملات موجهة لفئات مختلفة، من ضمنها أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبار أن ادراكهم لحقوق أبنائهم أمر أساسي لتمكينهم من الدفاع بنجاح عن هذه الحقوق.

وتقول حمدان: المركز يعمل من أجل تغيير التوجهات التي لا تزال سلبية أو نمطية في التعاطي مع الأشخاص ذوي الإعاقة، لأن تغيير الثقافة والتوجهات السائدة متطلب أساسي للوصول إلى التغيير المنشود.

ويكمن المستوى الثالث في عملية التوعية والتمكين، ما يتم على عدة أصعدة، بما يشمل فئات عديدة مثل أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة، عدا الجيل الشاب وتحديدا داخل المدارس، عبر تنفيذ برامج وأنشطة تدريبية تستهدف الطلبة والمعلمين، تنعكس ببلورة مبادرات طلابية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتقول حمدان: يتم عبر المبادرات الطلابية تحليل الواقع الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة سواء على صعيد المدارس أو المنطقة التي يوجد فيها ذوو الإعاقة، وفحص امكانيات المجتمع المحلي لتسهيل دمجهم.

ويعد من اللافت في عمل المركز عدم استثنائه أية اعاقة، بما فيها الإعاقة الذهنية، التي تشير حمدان إلى ضعف التركيز عليها في المجتمع، مضيفة "يلاحظ في مدارسنا أن عملية دمج الطلبة ممن لديهم اعاقة ذهنية تتم على نطاق محدود يتعاطى مع الطلبة الذين لديهم اعاقة بسيطة، بينما من لديه اعاقة ذهنية متوسطة أو شديدة، فإن السياسات القائمة في النظام التربوي تلفظهم خارجه ولا يستوعبهم، لذا نجدهم في المنازل أو الشارع، الأمر الذي نعمل من أجل تغييره".

ويشكل مشروع "نحو بيئة دامجة" الذي ينفذه المركز بدعم من المؤسسة السويدية للإغاثة الفردية، وبدأ العام الماضي، أحد النماذج الدالة على عناية المركز بالإعاقات المختلفة لا سيما الأكثر تهميشا بينها، وتتمثل في الإعاقة الذهنية.

ويهدف المشروع إلى دمج الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية في المدارس الحكومية، وتعزيز الوعي المجتمعي بحقوق هذه الشريحة، علما أنه ينفذ في 15 موقعا في شمال الضفة.

وجاء اختيار هذه المواقع، وتشمل غير محافظة وتحديدا جنين، ونابلس، وطولكرم، إلى كون غالبية الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية فيها، وفق ما تشير إليه بيانات الجهاز المركزي للاحصاء.

وتقول منسقة المشروع روان الخياط: المشروع يشمل 15 مدرسة أساسية، و30 أخرى ثانوية، حيث سيتم في كل مدرسة انجاز مبادرات طلابية، سيتم عرضها ونقاشها مع المجتمع المحلي في اطار لقاءات موسعة.

ومن المقرر إنجاز 60 مبادرة طلابية ضمن المشروع، نصفها سيعد العام الحالي، ليتم انجاز البقية العام المقبل، علما أن المبادرات ستركز على قضايا وصعوبات تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وحقوقهم، وتشكل ركائز لإطلاق حملات لتوعية مختلف مكونات المجتمع بحقوق وواقع ذوي الإعاقة.

وحول المبادرات تقول الخياط: المبادرات تعتبر نشاطا مشتركا يعد بمبادرة من الطلبة وأساتذتهم، للخروج بحلول وبدائل ومقترحات لمشكلات تتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة.

ويقوم إنجاز المبادرات على اعتماد منهجي البحث العلمي، والتعلم بالعمل، التي تهدف إلى وتركز على إكساب الطلبة العديد من المهارات الأساسية، ويتضمن المشروع فتح غرف مصادر، يمكن الاستفادة منها من قبل الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، اضافة إلى أطفال من صعوبات في التعلم.

وتردف: هذه الغرف ستكون غرفا تفاعلية، سيمارس فيها الطلبة التعلم النشط، والتعلم عن طريق اللعب، ما سيمكنهم من اكتساب مهارات جديدة.

وعمد المركز ضمن المشروع ومدته ثلاث سنوات، إلى تدريب عشرات المعلمين على كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، إضافة إلى أخرى للتعريف بمنهجية التعلم بالعمل.

كما يتضمن المشروع تنظيم مخيمات صيفية دامجة، بمشاركة أطفال من ذوي الإعاقة، مع أطفال من غير اعاقة. 

وتقام هذه المخيمات في كل من "كفر عبوش" و"ياصيد" في طولكرم، و"جلبون" و"قباطية"، و"سيلة الظهر" في جنين، علما أنها تستهدف الأطفال ضمن الفئة العمرية (7-12 عاما).

واختتم جانب من هذه المخيمات في "كفر عبوش" و"سيلة الظهر"، حيث بلغ عدد المشاركين فيها 172 طفلا، من ضمنهم 42 طفلا من ذوي الإعاقة، علما أن عدد الأطفال المشاركين في بقية المخيمات سيصل إلى 150 طفلا، من ضمنهم 20% من ذوي الإعاقة.

ومن اللافت في هذه المخيمات الاقبال الكبير عليها، علاوة على الحماسة التي تبديها أوساط مجتمعية مختلفة إزاءها.

وتقول الخياط: المخيم الواحد كان مصمما لـ 50 طالبا، لكننا وجدنا تفاعلا كبيرا من قبل المجتمع المحلي، فعدا المشاركة الواسعة فيها، ساهم العديد من الأهالي، والمحال والشركات المحلية في تقديم بعض الدعم لهذه المخيمات، مثل توفير باصات لنقل الطلبة، ووجبات الطعام بشكل يومي، إلى غير ذلك.

وتتضمن هذه المخيمات، التي تقام بتمويل من اللجنة الوطنية للمخيمات الصيفية، وتنفذ بالشّراكة مع برنامج "التأهيل المجتمعي" العديد من الفعاليات علاوة على ألعاب وأنشطة ورحلات ترفيهية، إضافة إلى زوايا الفن والرياضة والدراما والمسرح والكتابة الإداعية والتربية الوطنية.

وتدار المخيمات بمشاركة مجموعة من المتطوعين والمشرفين المؤهلين للتعامل مع ذوي الإعاقة، عبر المشاركة في ألعاب ترفيهية مختلفة مثل الدبكة والرقص، إضافة إلى لعبة التركيز وألعاب رياضية، ما من شأنه المساهمة في صقل شخصيتهم وتركيزهم، وتعزيز دمجهم مع غيرهم من الأطفال.

كما ترى الخياط، أن المخيمات ستسهم في تعزيز التوجهات الإيجابية لدى الطلبة المشاركين حول الأشخاص ذوي الإعاقة، الأمر الذي يسعى "إبداع المعلم" إلى تحقيقه، لتهسيل عملية دمج ذوي الإعاقة في المجتمع في مختلف المجالات.

وتضيف: من المهم أن يكون أن هناك ادماج حقيقي للأشخاص ذوي الإعاقة، ونحن نركز على المدارس الحكومية لتكون نموذجا، نأمل أن يصار إلى تعميمه على أوسع نطاق ممكن.

وهي ترى أن تحقيق عملية الدمج، تستدعي عدة عناصر، من ضمنها تعزيز الوعي المجتمعي حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وعملية تقبلهم على أساس احترام الاختلاف، والتعامل معهم بشكل طبيعي.

وتردف: يجب على المجتمع أن يتقبل وجود هذه الشريحة، وأن يعمل على تمكينها من نيل حقوقها، باعتبار ذلك متطلبا للارتقاء بالمجتمع.

وفي الإطار ذاته، تذكر انتصار حمدان مديرة برنامج حقوق الانسان أن تدخلات المركز وبرامجه خاصة فيما يتصل بمشروع "نحو بيئة دامجة"، تقوم على تشكيل لجان محلية تتولى متابعة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل لتحسين واقعهم.

وتلفت إلى دور المركز منذ انطلاقته وتحديدا العام 1999، في اطلاق جائزة مخصصة لأفضل مبادرة تتعلق بتغيير التوجهات المجتمعية حول الأشخاص ذوي الإعاقة، مضيفة "قضايا هذه الشريحة وحقوقها كانت منذ البدايات جزءا من اهتمامات المركز، لكن بعيد تأسيس برنامج لحقوق الإنسان فيه قبل سنوات، أخذ هذا الملف حيزا أكبر ضمن أجندة عمل المركز وأولوياته، وبات ركنا أساسيا في مختلف مشاريع وبرامج المركز".