|
مع هذه الدّراجة يمكن فقط التدحرج: زيارة إلى حيّ الأشباح في الخليل
نشر بتاريخ: 15/08/2016 ( آخر تحديث: 17/08/2016 الساعة: 15:38 )
جدعون ليفي و أليكس ليبك
هآرتس 2016/8/12 ترجمة أمين خير الدين أنوار بركان، ابنة أل - 8 سنوات، اضطرت إلى الانفصال عن درّاجتها، لأنها تجرأت على أن تركبها في شارع لليهود فقط، بعد أيّام تحطّم الكرسي المتحرك الخاص لأبيها ذي الرجل المقطوعة، ومن حينه مقيّد لسريره. هذه هي الدراجة، أو على الأصح هذا ما تبقّى منها: محطّمة لقطعتين. عجلتين منفصلتين. وعندما كانتا متحدتين لم تساويا أكثر من عشرة شواقل لدى تاجر خردة في سوق الخليل. دراجة هوائية، زرقاء، بلا دوّاسة وبلا فرامل، كأنها لا تصلح إلاّ للتدحرج عليها في انحدار الشارع قدر مكتوب عليهم. كانت اللعبة الوحيدة لعشرة أطفال عائلة بركان. والآن سيحاولون ركوب بقاياها صادرها شرطي حرس الحدود من أنوار، طفلة عمرها ثمان سنوات، تجرأت وركبتها في الشارع المُعدّ لليهود فقط. في حي لا عنصري في الخليل ، رماها بين الأشجار، أمام عدسة كاميرة المتطوّع في منظمة "بتسيلم". وقد نشرت المنظمة شريط الفيديو، وقد لاقى النشر صدى في البلاد وفي العالم. رجعت أنوار إلى البيت تشهق بالبكاء، تخاف من الشرطي ومن إخوتها لأنها فقدت الدراجة. أسرعت أختها الأكبر إلى مكان الحادث، حيث منحدر الشارع الصاعد إلى بيتها، فوجدت عجلة واحدة مرميّة على الشارع، وباقي الدراجة تُبْرِق بين الأشجار. نُشِر شريط الفيديو يوم الأحد من الأسبوع الماضي، بعد أيام من تاريخ تصويره، وبعد ثلاثة أيام من تاريخ الحادث، والذي كان يوم 25 تموز سقط عامر والد أنوار عن الكرسي المتحرك الخاص به وتحطم الكرسي كالدراجة. ومن حينه يلازم سريره ولا يخرج من البيت. تستيقظ أنوار من نومها مذهولة، كما تقول أمّها عُبَيْده. منذ الحادث، تنام معها في سرير واحد، تتشبث بعنق أمّها، تمثل لنا أمها ذلك، وتقول إنها بدأت تمشي أثناء نومها، وتقريبا لم تخرج أنوار من البيت منذ الحادث، تخاف. تخرج إلى القاعة الحجرية المؤدية إلى بيتهم، لكنها لا تخرج إلى الشارع. في الشارع شرطة وجنود ومستوطنون.عائلة بركان من بقايا الذين بقوا في حي الأشباح هذا في الخليل. والذي كان مرّة قلب الخليل النابض واليوم صار عبارة عن شوارع خالية من البشر. بسبب التهجير الهادئ. بقي الفقراء المتمردون يسكنون هنا، بين شوارع الفصل والأسلاك العالية، وبين والحواجز.والبيوت المهجورة والحوانيت المُقْفِلة وبين المستوطنين وحرس الحدود. فُصِل الشارع المؤدي إلى البيت من وسطه، جانبه الأيمن للفلسطينيين فقط، وجانبه الأيسر لليهود فقط - ولا كلام عن الفصل العنصري.رافقنا فتى من الشارع الفلسطيني، مبتور اليد، يقود دراجته بمهارة، بيد واحدة، بلا فرامل يدوية، يكبحها برجله ويرافقنا إلى البيت. يهودا شاؤول من قادة منظمة "يكسرون الصمت" يقود مجموعة من المنظمة في الشوارع المهجورة، في ساعة من بعد الظهر. بيت العائلة بيت حجري قديم، تتساقط طينته عن حيطانه، بالقرب من الحرم الإبراهيمي ، مُحاصَر بين الحواجز، "حاجز المخبز" أقرب الحواجز، في الحي الذي لا يسمح للمركبات الفلسطينية بالدخول، بالقرب من هناك قَتَلَ الجنديُّ اليئور أزاريا الفتى الفلسطيني الجريح عبد الفتّاح الشريف، أُعْطي هذا البيت مجانا للعالة تقريبا، فقط ليبقوا فيه بدلا من الهروب مع مَنْ استطاع الهروب للنجاة، أول خمس سنوات كانت مجانية، وبعدها بأجرة رمزية، هذه هي الصفقة مع اللجنة الخاصة التي أقامتها السلطة الفلسطينية. يجمعون التبرعات لا تمتلك عائلة بركان أيّ مصدر للدخل، بعد أن أُصيب الأب بحادث طرق قبل خمس سنوات، وقُطِعت رجله من الفخذ، يعيشون من تبرعات غذائية والتي يقوم بها تنظيم للزكاة في الخليل، أحيانا يحاول أبناء العائلة استكمال الدخل من بيع كيزان الذرة في الشارع. حتى تطردهم الشرطة أو المستوطنون. أحيانا بالحجارة كما تُطْرد الكلاب الضالة في الشوارع، لا يستنكف الأبناء من طلب الصدقات من الأغراب يقول الوالدان أن أحد الأبناء تلقى ضربا مبرحا قبل سنة من أحد الجنود. يكبر هؤلاء الفتيان في ظل الخوف من الجنود ومن المستوطنين المرابطين على عتبات البيوت. يعيش أبناء عائلة بركان ال- 12 في ثلاث غرف في طابقين. سقفها مُقَبّب، يلبسون أسمالا بالية، ويبدو الفقر والإهمال عليهم. يرقد الأب عامر الذي نمت ذقنه بدون عناية، وتساقطت بعض أسنانه، كالكيس على سريره الحديدي في الصالون، المُغطى بحرام مُنَمَّر وبالـٍ، يحكّ جروحه في رجله الوحيدة، عمره 45 سنة، كان قبل الحاث ينقل أجهزة هندسية، دخلت أنوار إلى الغرفة: فتاة رقيقة وجميلة، شعرها فاتح، صاعدة للصف الثالثـ ، قبقابها برجلها، ترتدي ثوبا صفر باهت كُتِب عليه "FREE STYLE.GIRLS WANNA HAVE FUN" البنات يرغبن في التمتع بالحياة، كشغف سيندي لوبر(مغنية أمريكية - المترجم)، التي أشك أنها سمعت باسمها. تتقلد سلسلة بعنقها، وخاتما وأسورة رخيصة، وتبدو عليها السيماء النسوية الأولى، تشد شعرها إلى الخلف دها، ، جاءت القنال الفلسطينية "معا" لإجراء مقابلة معها، فركت عينيها بارتباك عندما رأت الكاميرا وبدأت تصلي على الكنبة، تتكلم بتردد وبتقطع، وقد أحضرت لها بعثة القنال الفلسطيني بعد الحادث هدية، دُمْية كبيرة. قال أبوها "نحن نعيش من حاجز إلى حاجز"، وهذا الشارع ( الخاص بالمستوطنين) هو المكان الوحيد الذي يلعب به ألأولاد إنه من الإسفلت الجيد". يمكن على دراجة أنوار التي بلا دواسة التدحرج في منحدر الشارع الموصل للبيت والخاص لليهود فقط، يصعدون مع الدراجة سيرا ويتدحرجون عليها إلى الأسفل، هذا هو الشارع الإبراهيمي، والذي تقسمه الأسلاك إلى قسمين: شارع إسفلت معبد جيدا لليهود فقط، وممر مشوّش للمشاة الفلسطينيين، ولا يسمح لهم بإدخال أية مركبة إليه. دائما وعلى مدار السنين تنكر إسرائيل أن الأسلاك من أجل الفصل بين اليهود والفلسطينيين، ولكن عمليا، رجال حرس الحدود لا يسمحون للفلسطينيين بالسير على الشارع. في موقع بتسيلم ثمّ توثيق شريط بالفيديو منذ سنة، لمحقق المنظمة موسى أبو هشهش، وهو يحاول أن يخطو على الشارع، يسرع رجال حرس الحدود بالسؤال عن انتمائه ومنعه: "أنت عربي؟ من هنا فقط يمر اليهود. قرر القائد أنك تمر من هناك، هذا الجانب لليهود وذاك الجانب للعرب هذا هو القانون، هذا كل شيء هكذا قرروا" "تكلمي ، تكلمي" ثمّة مرآة مكسورة معلقة على الحائط غير النظيف في بيت عائلة بركان. مضيق مظلم يؤدي إلى البيت، تقول أنوار إن شرطي حرس الحدود الذي صادر لها الدراجة داس على رجلها وسبب لها الألم. بعد نشر الشريط فُصِل الشرطي عن عمله مؤقتا، نزلت يوم الاثنين مع درّاجتها إلى الشارع، لم تجد ما تعمله خلال ذلك اليوم، فحدث ما حدث.اقترب منها شرطيان من حرس الحدود مسلّحان وزجراها، داس احدهم على الدراجة، صادرها ثم رماها بين الأشجار. تظهر أنوار في الشريط وهي تهرب باكية. كل هذا موثّق بكاميرة بتسيلم، بما في ذلك بكاء الطفلة. قالت بعد ذلك إنها خافت من غضب أخيها إبراهيم ابن السادسة لأنها فقدت الدراجة: وهو الذي أعارها إيّاها، يجلس أخوها إبراهيم بجانبها، على الكنبة ويحثّها قائلا: "تكلّمي تكلّمي" وهي تخجل من الأغراب غير المدعوّين المتواجدين في بيتها.الابنان الأكبران محمود ابن - 13 وعبد الرحمن ابن أل- 14يتكلمون العبرية بطلاقة، تعلموها من رجال حرس الحدود يبدو أنهما تعوّدا ولا يخافان، والدهم نصف إنسان، يرقد في سريره، يحلم بمن يتبرع له بكرسي كهربائي مُتَحرّك، "حتى لو كان مستعملا" ، يغيّر حياته. سُجا ابنة العاشرة أسرعت بالعودة لمكان الحادث، بعدة أن رجعت أختها إلى البيت باكية، ووجدت الدراجة تلمع بين الأشجار، وهي أيضا قامت بعمل ممنوع: اقتحمت للحظة شارع اليهود، يبدون ان الجنود سمحوا لها بذلك، نزلت معنا الآن إلى الشارع وأرتنا من خلال الأسلاك الشائكة التي تفصل، أين وجدت الدراجة وأين وجدت العجلة، ورجال حرس الحدود يحدقون بنا بشك يتزايد. 20216/8/14 |