|
خربشات على ارصفة اللحظة الراهنة ...
نشر بتاريخ: 16/08/2016 ( آخر تحديث: 16/08/2016 الساعة: 14:01 )
الكاتب: يونس العموري
يتربع على عرش اللحظة، وله بدايات الكلام الممزوج بالزمجرة، والتهديد والوعيد سيد الموقف باللحظة الفارقة ما بين خراب البيت، وهدم المعبد على رؤوس المؤمنين المتضرعين للخلاص من قبضة الرعب والارتهان لفراعنة العصر الجديد، ولمن يدعون انهم وكلاء الرب على الارض، ويكون القرار بالخيار والاختيار، وللإختيار اصول وقوانين واحكم باعراف اللحظة الراهنة ما بين ان تختار سدنة الفرعون او صبيان اباطرة روما ، ولكسرى ايضا الكثير من الغلمان والجواري يسبحون بحمده ..
وبذات الوقت نجد انفسنا بالدوائر المغلقة سائرين ارغاما ، وندوس بالطريق على أياتنا المقدسة، والقابع هناك بالعلب الاسمنيتة يستصرخ اخر الاحرار لعل وعسى تأتيه النصرة من بين ركام العبيد الذين اضحوا يرددون جهارا نهارا الكلام الموعود بالغد المنشود، بصرف النظر عن حقيقة هذا الغد، وبالامس كان ينتظروا اليوم واليوم اضحى جزء من طقوس معايشة التصالح ما بين الشاة والسكين ... يا معشر العبيد اصمتوا قليلا واوقفوا هذا الصخب الذي اضحى مزعجا، فهي ليست كلماته الأخيرة، لسبارتاكوس الكثير من الصراخ في الظرف الراهن، والكثير من النداءات لكم يا معشر العبيد الذين استكانوا وسكنوا الكهوف بملء إرادتهم، وراحوا يبحثون عن جنس الملائكة ذكرا كانت أم أنثى، وعن طبيعة حور العين بالجنان الموعودة والطريق إلى جهنم بالنوايا الحسنة معبدة، فالمشانق ما زالت معلقة، والقيصر المتربع على عرشه بصراع العبيد مستمتعا ويحاول بإيماءة منه أن يباشر حكمه من خلال استكانة العبيد. وهو الليل الذي لا بد أن يسود في ظل صمتكم، وفي ظل خنوعكم وهدوئكم، والفتات من موائد الرحمان تكفيكم... ويا أيها الجالسون على جوانب الطرقات بعبور مواكب سادة القوم من أمامكم انحنوا قليلا حتى تمر مواكبهم لتعودوا لممارسة عنتريات رجولتكم بعد أن ضاعت معاني الرجولة بمواقفكم، ولعل هذه الرجولة خُصيت فيكم، ولتتصارعوا على ما تبقى من فتات. كنتم الأسياد والسادة، حينما كنتم تدركون حقيقة المعادلة التي من خلالها تفهمون حقيقة الواقع، وحساباتكم كانت بلحظتها بسيطة الحرية تعني حريتكم، والاستقلال يعني سيادتكم، وحق تقرير المصير يعني أن تكون إنسانا حرا وسيدا بهذا المسمى بالوطن بصرف النظر عن أوامرهم وآراءهم وحساباتهم ومفاوضاتهم.. يا عبيد اللحظة والشهوة انظروا جيدا إلى ما أنتم فاعلون، وكيف تقضون نهاركم وراقبوا سلوككم اليوم، والأمس ليس ببعيد عن غدكم، في ظل كل هذا العبث بموروثكم وبآدميتكم، وهويتكم قد أضحت محل خلاف واختلاف عند أولي الأمر فيكم، وقد تصبحون بلحظة خارج منطق التاريخ، مجرد أرقام في حسبة صناعة الزعماء، ولصناعة القادة مستلزمات وأدوات تستدعي فعل التنسيق تارة، وفعل المهادنة وإجادة العبثية تارة أخرى، وللكلام الموزون والدقيق أيضا حساباته بصرف النظر عن الناظر والمنظور على المدى القريب وذلك البعيد، وتبقى الأهداف في بنوك الاستثمار من تحدد حقيقة وطبيعة المصير، ومصائر الشعوب قد أصبحت خاضعة لمنطق البيع والشراء. يا أرباب اليمين والمتمسكين بالنصوص بصرف النظر عن مكنوناتها، والجالسين عن يسار المشهد أصحاب المعادلات الحسية الملموسة إحساسكم باللحظة قد قتل.... وأصبحت هذه اللحظة مجردة من وقائعها وتفاعلاتها لا معنى لها والقتل بحلبة صراع العبيد متواصل ومستمر والقيصر يعتلي المدرج ويعطي أوامره بمصارعة العبيد، والقاتل لا بد أن يكون مقتولا في الجولة التالية. هي اللحظة الراهنة التي من خلالها نلاحظ أننا نُساق إلى الحلبة، والكل يُباع ويُشترى والمزاد العلني يتواصل على الرابح والخاسر، وحتى يستوي المشهد فالقيصر والنبلاء وسادة القوم والعبيد وجموع الرعاع المصفقون ينحشرون معا في تلك الساحة، والكل هنا يمارس دوره بدقة وعناية. والعبيد أيضا لهم الدور الرئيسي بحلبة القتل والقتال، ومعشر العبيد يُراد لهم أن يعايشوا النمطية والروتين، ولهم أدوار مخطط لها ليصبحوا ورقة في أوراق وملفات مطالباتهم حتى تستوي الرذيلة وممارسة كل أشكال فنون العهر والتعهير بحق إنسانيتكم، لتصبح الثورة بلا عنوان وبلا جدوى في ظل استكانة العبيد، وأن يكون الصراخ مجرد ارتدادات الصدى بالأودية السحيقة ولا حياة لمن تنادي. المجد للفرعون الذي يحيا في كنفكم ومن لا يواجهه بوصايا الأنبياء لا يستحق أن يعيش إلا عبدا منفذا لأوامره وصلواتكم ستصبح مجردة من ابتهالاتها ومفرغة من تراتيل كلام الرب وحكمته من خلقكم لتثوروا فقولوا (اللا) بوجه من قالوا (النعم). وارفضوا كل دساتيرهم وقوانينهم واعملوا لو القليل من خلال قناعاتكم التي لا بد أن تسود في ظل حكم فرعون والفراعنة ومن يتفرعن على حسابكم. مارسوا ضجيجكم وارفضوا كل ما يأتونكم به، واعلموا ان حكمة خلقكم لن تستوي في ظل رضوخكم وهدوئكم وأن تساقون الى مقصلة الحياة... تهرولون في الصباح الباكر عابسة وجوهكم كالقطيع لتكونوا مجرد أرقام في أتون مؤامرات سادة وأولي أمركم أو هكذا هم يعتقدون. أيها الخاضعون الخانعون، لا تستمعوا كثيرا للخطب المنطلقة من حناجرهم ولا تقبلوا زوجاتكم فقد يعلن الرفض على هدوئكم القاتل وهن يغتصبن على مرأى ومسمع منكم، ولا تقبلوا الجميلات بالخفاء فقد أدركن أنكم مجرد ذكور غادرتهم رجولة الموقف والمواقف، واعلموا أن الفارس حينما يمتطي اليمامة الزرقاء تطارده عيون كل النساء، وينتظرن عودته المظفرة، ويكفي أنه مارس قناعاته، وتمرد على من يدعي أنه السيد الآمر الناهي. أيها العابرون بين ثنايا الخيوط الدقيقة ما بين الحلال والحرام، إنما الحرام وجودكم في ظل خوفكم وقعودكم منتظرين عطاياهم. والميدان قد لفظكم ورفضكم وكل ساحات الوغى صارت بلا معنى وصارت بلا أسماء والقتلى يتساقطون، وأنتم كما أنتم تأكلون وتشربون وتمارسون متعة الشهوة بلا رضى. واعلموا أنكم عطشى وإن شربتم من المياه الراكدة والبحر كالصحراء لا يروي العطش. أيها العبيد أخلوا أماكنكم ومساكنكم فالحدائق التوراتية ستشيد على أنقاض أحلامكم. والملك داود سيعود لممارسة فسحة الركض عصرا بجوار البيت العتيق، وحيث أنكم عبيد قاعدون حيث انتم فلا مكان لكم بين أشجار التين والزيتون، وبالتالي اذهبوا حيث يجب أن تكونوا على هوامش صناعة التاريخ... فأمراؤكم يعتلون منصات الكلام لمجرد الكلام، ويبقى من ليس له سوى الانتظار أن يرضى بما سيكون له أن يكون و(سلوام) الاسم المرادف لعبثية الإنسان بالوادي السحيق حينما كانوا متحصنين لحماية المياه الجارية من عيون متفجرة بإرادة الرب وتضرع المؤمنين حينها، ستصبح مدينة داود بالعبرية ناطقة. مارسوا غضبكم وأعلنوا عن نفيركم واعدوا لهم ما استطعتم من الحب والإرادة، وثورتكم أعلنوا عنها بوجه التنين وللتنين أوجه متعددة، وليس بالضرورة أن يكون ذاته ذاك المتغول ببراري الأرض السمراء بل ربما سيكون من أتباعه ممن هم بالضاد أيضا ناطقين، وأنتم تعلمون وتعرفون وتدركون مرامي الكلام ومغازي المعاني. ولتعلموا أن من يرث البيت والمسكن والأرض هم الأقوياء والتاريخ لا يتوقف كثيرا عند تغير الأسماء وسيمحو من ذاكرته أسماءكم ودلالات وجودكم إن بقيتم بإسدال حلبة القتل دائرين دون أن تقاتلوا وتسطروا مواقف تعرفكم الأرض من خلالها، والثورة هي صناعة وحياكة المستحيل ولبس أثواب العزة فانزعوا عنكم ثوب العبيد، ولتكن بداياتكم من حيث أنتم الآن، اخرجوا من عباءات أمرائكم وسيطروا على مشاهد يومكم، ولا تنحنوا للريح وكونوا كما أنتم ولا تزيفوا حقائقكم ولا تجاملوا فالانحناء مر، وعلموا أطفالكم ركوب المستحيل والله سيتكفل باليتامى والمساكين وعابري السبيل إن كانوا ممن يملكون الايمان بحتمية إنسانيتهم وبقدرتهم على أن يكونوا بشرا لهم القدرة على تحدي قوانين الظلم والظالم والمظلوم. أيها القاتل، ويا قاتل أحلامي وغدي ويومي، هذه وصاياي إن تشأ فاسمعها واحفظها عن ظهر قلب.. اقتلني خلسة ولا تجاهر بالقتل ولا تجعل مني بطلا شهيدا، فالجمع قد أضحوا عبيدا عند جلال سلطانك، لكن أرجوك أن ترحم الشجر، وكما هي كلماتي كقائد في غابر الأزمان حينما كانت ثورتي على قياصرة روما أجدد لكنني أوصيك إن تشأ شنق الجميع أن ترحم الشجر، لا تقطع الجذوع كي تنصبها مشانق، لا تقطع الجذوع فربما يأتي الربيع والعام عام جوع. |