|
إنجازات، ولكن ...
نشر بتاريخ: 24/08/2016 ( آخر تحديث: 24/08/2016 الساعة: 10:52 )
الكاتب: صادق الخضور
توالي أفواج الخريجين من الجامعات إنجاز، فخيار التعليم خيار استراتيجي، ومع كل فوج جديد يتمّ تسجيل الاعتزاز بدور مؤسسات التعليم العالي، والإشادة بالحرص الكبير لأبناء شعبنا على الإنجاز، لكن هذه الأفواج التي تحمل معها آمالا كبيرة، تبوح في الوقت ذات بتحديّات كبيرة بضرورة توفير فرص عمل للخريجين ممن اتسعت مساحات طموحهم وضاقت فرص استيعابهم في مجالات العمل.
الأمر بات يتطلب حلولا إبداعية، واستراتيجية وطنية تؤسس لاستيعاب عشرات الآلاف من الخريجين، والشروع في استثمار العلاقات مع دول الخليج العربي لصالح توفير فرص عمل. هي مسؤولية الجميع، والكل مطالب بتجاوز نمطية التعاطي مع حالة باتت تشكّل واقعا يؤرّق متمثلّا في هذا الواقع غير المرضي، ووجود عشرات الآلاف دون عمل كارثة، والقطاع الخاص مطالب بأخذ دوره، وحبذا لو كانت هناك حملة وطنية لمدة عام تقضي بزيادة عدد العاملين في كل مؤسسة من المؤسسات الأهلية والقطاع الخاص ب20% ممثلا لمدة عام، واعتبار ذلك جزءا من المسؤولية الاجتماعية لأنها فعلا مسؤولية اجتماعية تجاه شريحة تشكّل فعليا حضورا طاغيا في المشهد، وأعني بهم الخريجين الذين يظل معظمهم دون عمل. إنجاز آخر، تمثّل في توقيع فلسطين عبر سيادة الرئيس محمود عباس على ميثاق حرية التعبير للصحفيين، لكن هذا الإنجاز الذي يسجّل بالمناسبة لفلسطين باعتبارها أول دولة عربية توقّع على الإعلان؛ يفرض على الصحافيين مزيدا من الدقّة في نقل الأخبار والكتابة والتحليل، فالإنجاز موضع إشادة لكن التنويه بأهمية تدارك ما نشهده أحيانا من عدم دقة ومبالغة في نقل الأخبار أو تحليلها تستوجب التوقف عندها. فحريّة التعبير لا تعني المبالغة والتضخيم، ولا تعني التعميم، ولا تعني إطلاق العنان للكتابة دون وجود ضوابط، حتى أن المغالطات باتت ترد أيانا لا في الأخبار فقط بل وفي التحقيقات مع أن التحقيق الصحفي يجب أن يستوفي عناصر الدقّة والمهنية، واعتماد فلسطين للميثاق حرية التعبير يجب أنْ يقترن بضوابط ومعايير، وهو ما يكفل عدم الانحراف على المسار، وهنا نسجّل لنقابة الصحفيين الفلسطينيين تقديرا خاصا على ما تبذله من جهود في الفترة الأخيرة، تعيد لفلسطين ولإعلامييها مكانتهم المفترضة عربيا ودوليا. إن هذه الإنجازات الاتي تتوالى تباعا سواء من اعتماد هذا الإطار لحرية التعبير، أو تخريج الأفواج إنما يندرج في خانة مواصلة التأسيس لمزيد من آفاق العمل، وحريّ بنا أن نستثمر ما توفره هذه الوقائع الجديدة من معطيات على الأرض. عودة إلى موضوع الخريجين، لنجد أن الأمر يتطلب حلولا لا تقتصر على التفكير في توفير فرص عمل، بل يجب أن يطال التفكير في تغيير الآليات والمنهجيات، وزيادة التوجه نحو التعليم المهني والتقني، واستحداث تخصصات جديدة، فلم يسبق أن علمنا عن جامعة تُغلق تخصصا ما لوجود فائض في خريجيه في السوق، والتوجّه نحو التعليم المهني والتقني وبذل جهود نوعيّة في هذا الاتجاه هو الخيار الأمثل. هي ملاحظات تستحق التوقّف عندها، واستحضار الجوانب العلمية في المعالجة أملا في الوصول إلى معالجة علمية لعديد الظواهر. بانتظار من يبادر، والمبادرات يجب أن تحمل معها وضوحا في الرؤى، فقد بات توالي أعداد الخريجين مما ينبئ بكارثة، فالزيادة المضردة في أعداد الخريجين، والتضاؤل في أعداد فرص العمل، علاقة محمومة بتناسب كارثي، بعد أن كنا نعرف أنّ التناسب بين متغيرين هو تناسب طردي أو عكسي. هي إنجازات يجب أن نحرص على عدم تفريغها من فحوى أي إنجاز، وهذا يستوجب مراجعة متأنية لواقع الحال، وحلولا ترتقي إلى مستوى المشكلات، وأول الحلول القناعات بأن هذا الواقع نتاج واقع أفرز معطيات معينة ألقت بظلالها على واقع معيشي صعب، يتطلب فيما يتطلب شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وإلا تواصل الدوران في حلقة مفرغة من تشخيص أشبعناه تشخيصا!! |