|
عوني المشني يكتب عن د. أميرة الهندي
نشر بتاريخ: 25/08/2016 ( آخر تحديث: 25/08/2016 الساعة: 17:27 )
الكاتب: عوني المشني
تستشهد من اجل الوطن عظمة ، وجرأة ، وإيثار ، لكن ان نعيش من اجل الوطن هو العظمة بعينها ، هو الجرأة على حقيقتها ، هو الإيثار في أبهى صوره الموت لحظة ، قد يحتملها المرء ويجترح الفعل الأعظم فيها . لكن الحياة هي العمر كله ، وان تقرر في كل لحظة منها ان تكون لغيرك فتلك هي عظمة التجلي ، ان تحول العمر كله الى شلال عطاء ، هذه هي التضحية الحقيقية وهذه هي البطولة الحقيقية . كثيرة هي الحكايات حكايات الشهداء ، فما اكثر الشهداء على دروب الوطن وما اكثر ما كتب عنهم ، انهم شارات مضيئة على الدروب ، لكن حكايات من عاشو لأجل الوطن قلما ان كتب عنها او حتى التفت احد اليها ، ربما لأننا لا نرى من الأحياء سوى الفاسدون رغم انهم قلة ، او وبما لان الجيدون لا يقدمون أنفسهم تواضعا او لا يقدمهم احد غيرة منهم . أميرة الهندي ، مديرة التحويلات الطبية في وزارة الصحة الفلسطينية ، امرأة لا أستطيع وصفها ببساطة لأنني لا اعرفها ولم يتح لي شرف اللقاء بها او معرفتها ، لم احتاجها مرة في حياتي لأنني ببساطة لم احتاج اي تحويلة طبية سواء لي او لمن يخصوني ، في مرتين كانت هناك حاجة او شبهة حاجة لتحويلة طبية ، والدتي رحمها الله اصيبت بجلطة دماغية وعولجت طيلة الفترة في مستشفى بيت جالا الحكومي حتى توفاها الله رغم ان فرصة التحويلة كانت متوفرة حيث كان مدير التحويلات صديقي الصدوق المرحوم ابراهيم العبد ، وفي المرة الثانية شقيقي في الاْردن أصيب لسرطان معدة وعولج في مستشفى البشير تحديدا وهو مستشفى حكومي أردني على نفقة التأمين الصحي الأردني وغم انه كادر على ملاك منظمة التحرير حتى الان وتوفرت إمكانية التحويلة من الخدمات الطبية العسكرية ، وشفي من المرض تماما بعلاجه هناك . لهذا فإنني اكتب عن انسانة لم احتاجها يوما ولم اعرفها يوما ، والمعلومات التي اذكرها فقد علمت بها من صديق اثق به ثقتي بالخير في بلادنا ، واثارت تلك المعلومات في اكثر من إعجاب لهذا تراني اكتب أميرة الهندي هذه الطبيبة الإنسانة شاء القدر ان تتسلم مهمة مديرة التحويلات في وزارة الصحة ، وهي من الذين عاشو الوطن كحياة ، فماذا عملت ؟؟؟؟؟ قررت ان لا وساطات في التحويلات ، فقط اللجنة الطبية هي التي تمتلك الحق بتقرير الحاجة لتحويل اي مريض قررت ان لا تحويلات عبر ترشيحات وزراء او مسئولين او مناشدات ، كل محاولة للترشيحات او مناشدات هي تعبير عن تحويلات لا تستحق لان من يستحق لا يلجأ لأساليب يتجاوز بها قرارات لجنة التحويلات الطبية ببساطة هذا ما عملته ليس اكثر ، ليس اقل هذا فقط فقامت الدنيا ولم تقعد !!!!! تهديدات من هنا ، محاولات إساءة من هناك ، محاولات ابعاد عن الموقع ، لماذا ؟؟؟؟ لان هناك مسئولين يريدون ان يحولو أقاربهم حتى لو أصيب بزكام الى المستشفيات الاسرائيلية ، وبعض تلك المستشفيات هي فنادق اكثر منها مستشفيات لان هناك سماسرة دواء يريدون الاستفادة من تمرير نوع دواء محدد حتى لو كلّف السلطة ملايين الشواكل الإضافية رغم ان ذات الدواء وباسم شركة مختلف موجود في أدوية وزارة الصحة وبسعر افضل لان هناك محسوبية تريد ان تعزز علاقات مصلحية على حساب التحويلات لان هناك مافيا طبية اسرائيلية فلسطينية مشتركة لم تعد تستفيد أميرة الهندي امرأة وفرت عشرين مليون شيكل شهري ، فاتورة التحويلات نزلت من خمسة واربعين مليون شيكل الى خمسة وعشرين مليون شيكل شهريا ، نعم هذه أموال الشعب الفلسطيني من تلك التوفيرات تم بناء مستشفى المحتسب في البلدة القديمة في الخليل وعندما نقول البلدة القديمة فإننا نتكلم عن حكاية صمود حقيقية في وجه التهويد والاستيطان بهذه التوفيرات تم تطوير أقسام عديدة في مستشفيات الوطن الحكومية بهذه التوفيرات تم تغطية نفقات علاج كل جرحى الانتفاضة مجانا سواء في المستشفيات الخاصة او الحكومية مع ذلك هناك ما يسعى ومن يحاول ان يتخلص من الدكتورة اميرة الهندي !!!! هناك فرق بين من يستخدم مصطلح مريضي كما تستخدمه الدكتورة أميرة الهندي وبين من يستخدم مصطلح زبوني كما يستخدمه تجار وسماسرة الموت والمرض هناك فرق بين من يحقق العدالة امام المرض وبين من يحقق مصالحة وامتيازاته مستغلا المرض أميرة الهندي ببساطة قاربت على سن التقاعد ، ليس لديها طموع في وزارة او منصب ، امرأة تتقي الله في وطنها وشعبها ، امرأة تخاف الله اكثر مما تخاف اصحاب الامتيازات ، وفية لضميرها اكثر مما هي وفية لامتيازات وهمية زائلة ، منحازة لوطن اكثر مما هي منحازة لمصالحها الذاتية . اميرة الهندي قدمت نموذجا مختلفا ، متميزا ، مبشرا ، وامينا ، العطاء والإيثار بالنسبة لها حياة وليست مجرد لحظة تجلي ، الوطن بالنسبة لها قيمة عليا وليس شعار للاستهلاك ، الضمير الحي ضابط لمسلكها وممارساتها وليس مجرد قيمة نظرية . انها الطبيبة الإنسانة اميرة ، أنها اميرة حقا . |