وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مع بداية العام الدراسي – نظرة على تدريس الاطفال في الدول المتقدمة

نشر بتاريخ: 05/09/2016 ( آخر تحديث: 05/09/2016 الساعة: 14:16 )
مع بداية العام الدراسي – نظرة على تدريس الاطفال في الدول المتقدمة
الكاتب: د.اسماعيل تلاحمة
يعتبر الشعب الفلسطيني من اكثر شعوب العالم شبابية حيث يمثل طلبة المدارس والاطفال ما يزيد عن نصف مجتمعنا ، وهذه الميزة تعتبر فرصة كبيرة تطمح لها الشعوب التي اعترتها الشيخوخة ، والتي في سبيلها تضع الميزانيات الضخمة وتتبنى البرامج الوطنية الكبيرة والخطط المتكاملة للحد من انقلاب هرم التركيبة السكانية لديها ، ان ما تتميز به فلسطين من هرم سكاني قاعدته العريضة صغار السن يجعلها تمتلك ثروة بشرية واعدة ستساهم في نهضة الامة وتطورها اذا ما استغلت بالطريقة المثلى ، من خلال بناء انسان مؤهل واعي وقادر على المشاركة الفاعلة والابداع مستقبلا ، خصوصا ان العنصر البشري هو الاهم والمركز الاساسي في جميع سياسات وبرامج التنمية المستدامة ، لان الانسان هو محمور وقائد نهضة الامم وتقدمها في كافة المجالات ،ولنا في ذلك امثلة كثيرة لشعوب نهضت من بين الركام في سنوات قليلة واصبحت في مصاف الدول الكبرى بانسانها وتميزه وتفانية ، وشعوب اهملت الانسان فانحدرت الى الحضيض.

يجمع علماء التربية وعلم النفس ان السنوات العشرة الاولى من عمر الانسان تحدد باقي ملامحه وتوجهاته طيلة عمره ، واذا كان الامر كذلك فان العناية بالاطفال من الروضة والصفوف الاولى يجب ان تحتل مركز اهتمامنا كمجتمع وكاباء وامهات على وجه الخصوص ، وهنا ساستعرض ابرز ملامح الدراسة لسنوات الطفولة (الروضة وسنوات المدرسة الاولى ) في احدى الدول الاوربية المتقدمة لعل ما يرد فيها يلقى الاستجابة ولو نسبيا ، من ذوي العلاقة المباشرة سواء كان الاهل ام المعلم ام الجهات الحكومية ام المجتمع بشكل عام ، مع التاكيد انه ليس المطلوب ان يصبح نظام التعليم لدينا مشابها لتلك الدولة/الدول بل المطلوب ان نستفيد قدر الامكان من تجاربهم الناجحة وتكييفها لواقعنا الفلسطيني.

• الطالب : الطفل الطالب دون سن ست سنوات (صفوف الروضة) لا يعطى اي منهاج تدريسي او تعليم يخص اللغة او الرياضات او العلوم ، بل يتم تعليمة اساليب الاكل والشرب واللبس والحديث واللعب ورمي النفايات وترتيب البيت والرسم والتعاون مع زملائه .... الخ ، فالتركيز ينصب على السلوكيات والمهارات وبعد ذلك اذا كان ذهنيا وجسديا مهيئا يتم ادخاله للمدرسة ، وان لم يكن مهيأ يستمر في الروضة حتى سن السابعة ، وبعد دخولة المدرسة يكون التعليم مناصفة بين المهارات السلوكية والمعرفة ولا يتم ارهاق الطالب بالمناهج والمعلومات الكثيرة لانه باختصار ما زال طفلا ، والفلسفة ان يتعلم عبر اللعب . كما تقوم المراكزالصحية وعبر اطباء مختصين باجراء فحوصات طبية شاملة كل فترة لتاكد من سلامة الطفل وسلامة جميع حواسة الخمسة ، ومعالجة اي مشاكل صحة لدية.

• المنهاج : في مراحل الصفوف الدراسية الاولي من اول وحتى رابع فان المنهاج مقسم الى ثلاثة اقسام وهي الكتاب المدرسي المقرر واوراق العمل ، و مهام خاصة لكل طالب ومهاراته وقدراته ، ولا ينحصر المنهاج التدرسي على الصف ، بل هناك زيارات خارج الصف تقريبا كل اسبوع لمعالم المدينة الرئيسية من مصانع ، دوائر، حدائق ، متاحف، جامعات، مستشفيات ....الخ ، من اجل دمج المعلومة بالاطار الحسي والادراكي ليتمكن الطفل من استيعابها بصورة افضل ، لترسخ المعلومة في ذهنه بعيدا عن فلسفة الحفظ والتلقين.

• الصف الدراسي: يتم الحرص على ان يتمتع الطالب بالحرية والانسجام داخل الصف ، فهو يقوم بتعليق ملابسة الثقيلة على رفه المخصص لذلك ، وكذلك يستبدل حذائة باخر مريح ويلبس ملابس فضفاضة لاشعارة باكبر قدر من الراحة والانسجام ، ويجلس مع باقي زملائة في مقاعد كانها غرفة اجتماعات دائرية او مستطيلة بهدف اشعار الطالب بالعمل ضمن روح الفريق الواحد وكل الطلاب سواسية ، كما ان له خزانته ودرجة الخاص لاشعارة بنوع من الخصوصية اذا اراد ذلك ، اضف على ذلك ما يتم تزيين وتجهيز الصف به من وسائل ورسومات واشكال تجذب الاطفال وتحببهم فيه.

• المدرس: لا شك ان مدرسنا الفلسطيني مظلوم مهضوم الحقوق ، لكن كلي ثقة انه اذا اعطي ما يستحق فانه سيعطي افضل ما عنده ، مع الاشارة الى ان المدرس في تلك الدول يعتبر التعليم هواية ومتعة قبل ان تكون وظيفة لكسب العيش ، وهكذا تجده صديقا محبوبا بين طلابة لا يختلف تعامله وتعامل الطلاب معه عن تعامل الاب او الام مع ابنائها.

• المدرسة : لا اريد ان اكون طموحا جدا هنا، فمقدرات المدارس المادية والمالية في تلك الدول لا يمكن مقارنتها بمدارسنا في فلسطين ، بل اود الاشارة الى ان كل مقدارت الدولة مسخرة في خدمة الطالب اذا ما علمنا ان التعليم مجاني والمواصلات مجانية والتامين الصحي لطالب مجاني وحتى حقيبة المدرسة مجانية وفوق ذلك هناك مصروف من الدولة لطالب ، في المدرسة ينتهي التعليم الساعه الثانية عشر والنصف ظهرا ، لكن الطلاب لا يذهبون للبيت بل يبقون في المدرسة حيث الغداء لمدة ساعة ، ثم بعد ذلك اللعب والبرامج الترفيهة حتى الساعة الرابعة عصرا.

• التقويم الدراسي : يبدا العام الدراسي مع بداية شهر ايلول وينتهي بمنتصف شهر تموز ، لكنه مقسم الى ثلاثة فصول ، فبدلا من ان تكون العطلة الصيفية طويلة ومملة للطلبة واهلهم يتم توزيعها على ثلاث مراحل ، وهذا النظام اصبح معمولا به في كثير من دول العالم وهنا دعوة ورسالة لكل من له علاقة بضرورة دراسة امكانية تطبيق ذلك في فلسطين ، اذا كان ذلك يحقق مصلحة افضل للطالب.

• الاهل/اولياء الامور: النصف ساعة الاولى من كل يوم يستطيع الاهل الدخول مع ابنائهم للصف والجلوس معهم ومراجعة الدروس وهذا يهدف لمشاركة الاهل تدريس ابنائهم ولكسر الحاجز النفسي لدى الطفل ، كما ان الاهل يمضون يوما كاملا مع اولادهم في المدرسة في كل فصل دراسي ، وهناك ملف لكل طالب يحفظ فيه سجل الطالب وما يحب وما يكره وما هي افعاله وتفاصيل تفاصيلة ، يتم مناقشتها مع الاهل بين فترة واخرى في اجتماع يحوي المدرسين ايضا بهدف تعزيز الجوانب الايجابية ومعالجة السلبيات ، فالاهل هم الضلع الثالث لنجاح العملية التعليمة .

في الختام ،ما ذكرته اعلاه ما هو الا القدر اليسير ، وهو ليس بعيد المنال في تحقيقه وان كانت المسافة ما زالت بعيدة ، لكن يلزمنا فعل ذلك ، لانه ليس من ادل على نجاح التعليم في تلك الدول المتطورة ان الطفل ينظر للمدرسة بحب وشغف شديد ، ويلح جاهدا ان يبقى فيها اطول وقت ممكن بل ان بعض الاطفال يبكي عندما تحين ساعة العودة للبيت ، هكذا اطفال عندما يكبرون سيكونون قد تعلموا منهجيات وسلوكيات الحياة الصحيحة وكذلك اكتسبوا المعارف المطلوبة ، فينظر الطالب لتاريخة بعين الرضا ، ولمجتمعة واهلة ومدرسية بكل حب وامتنان ، فيكون شابا مستقيما مقبلا على الحياه ساعيا لرد الجميل لوطنه وشعبة ، لان اطفال اليوم هم المستقبل وبيدنا ان يكون مستقبلنا ساطعا متقدما او مظلما متخلفا.