وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المطران حنا يقدم مذكرة حول بعض القضايا خلال ندوة بالقاهرة

نشر بتاريخ: 07/09/2016 ( آخر تحديث: 07/09/2016 الساعة: 13:17 )
المطران حنا يقدم مذكرة حول بعض القضايا خلال ندوة بالقاهرة
القاهرة- معا- شارك المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في ندوة فكرية حوارية ثقافية بعنوان "كيف يمكن لنا جميعا أن نواجه آفة التطرف والكراهية وأن نحافظ على الحضور المسيحي في هذا المشرق العربي"، الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة.

وحضر اللقاء رجال دين مسيحيين ومسلمين من كافة أرجاء المنطقة العربية، وذلك في أجواء أخوية للتداول في هذه القضايا المصيرية التي تعصف بالأمة العربية، والتي هدفها الأساسي هو شطب القضية الفلسطينية، وتصفيتها وابتلاع مدينة القدس.

وقال في كلمته:" إن آفة التطرف والكراهية والعنف التي تعصف بمنطقتنا العربية انما هي ظاهرة تستهدف كافة مكونات هذه الأمة ولا يستثنى من ذلك احد على الإطلاق، وأن مسألة استغلال الدين لأغراض لا دينية تتطلب موقفا واضحا وجريئا من المرجعيات الدينية في منطقتنا، لتوضيح صورة الدين الحقيقي الذي لا يمكن أن يكون أسوارا تفصل الإنسان عن أخيه الإنسان بل هي جسور محبة وأخوة وتواصل بين كافة مكونات أمتنا العربية".

وقدم المطران حنا في اللقاء مذكرة لكي ترفع الى كافة القيادات والرئاسات الدينية المسيحية والإسلامية حول القضايا المطروحة للنقاش، مضيفا بعض الإقتراحات العمليها فيها، ومنها:
"1- إعادة النظر في كثير من المناهج التعليمية والتربوية في مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية فعلينا أن نغرس في نفوس أبناءنا وهم في المراحل التعليمية الأولى أن هذه الأرض هي مقدسة لكل الأديان وتعدد الديانات في منطقتنا لا يجوز أن يتحول الى كراهية وتعصب وإقصاء وعنصرية، وعلينا أن نعلم أبناءنا أن منطقتنا هي الأرض التي بزغت منها الديانات التوحيدية الإبراهيمية الثلاث، فلا يجوز أن نعادي أو نكره إنسانا بناء على انتمائه الديني، ونحن نكره الشر والعنصرية وكافة الممارسات الظالمة ولكن لا يجوز لنا ان نكره او نعادي أي إنسان لانه ينتمي الى هذه الديانة او تلك.

إن مناهجنا التعليمية يجب ان تبرز التاريخ الحقيقي لهذه المنطقة فلا يجوز تجاهل ان المسيحية المشرقية بزغت من هذه الارض، فالسيد المسيح عاش في هذه المنطقة من مهده الى لحده وبعد قيامته من بين الأموات وحتى صعوده الى السماء والكنيسة المسيحية الاولى انطلقت رسالتها من هذه الارض والتاريخ المسيحي ابتدأ من هذه المنطقة والمسيحية لم تأتنا من اي مكان في هذا العالم فهي مشرقية الهوية وإن كانت رسالتها هي لكافة شعوب واصقاع العالم.

2- في مناهجنا التعليمية في كافة بلداننا العربية يجب ان يكون هنالك حضور للقدس باعتبارها مدينة السلام وحاضنة المقدسات وباعتبارها مدينة مقدسة حاضنة لتراثنا الروحي والانساني، انها المدينة التي يقدسها المؤمنون في الديانات التوحيدية الثلاث، ففي الديانة الاسلامية هي اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، أما في المسيحية فهي القبلة الاولى والوحيدة، انها المدينة التي يكرمها المسيحيون في كل مكان لانها مدينة ايماننا وحاضنة اهم مقدساتنا وفيها القبر المقدس وغيرها من المعالم الدينية، فلا يجوز اظهار مدينة القدس وكأنها لون واحد يحتكرها البعض في حين انها مدينة يلتقي فيها الموحدون ومن المفترض ان تكون مدينة سلام واخوة ومحبة ولكن الاحتلال حولها بسياساته الى مدينة صراعات وعنف واستهداف لابناء شعبنا الفلسطيني.

3- وسائل الإعلام المتعددة هي مطالبة بتأدية دورها الإيجابي وان تقوم برسالتها الوطنية والانسانية والحضارية فهنالك بعض الوسائل الإعلامية في منطقتنا وفي عالمنا التي هدفها الأساسي إثارة الفتن والنعرات المذهبية والتحريض الديني والتطاول على الاخرين وبأساليب غير مقبولة من شأنها ان تكرس ثقافة الكراهية والتعصب بدل التسامح الديني والتعايش، هنالك وسائل إعلامية في عالمنا همها الأساسي هو زرع الكراهية والتحريض والإساءة للآخرين وإثارة الفتن ونشر بذور الكراهية والتعصب في مجتمعاتنا وهذه ظاهرة خطيرة يجب أن تواجه، نتمنى من وسائل الاعلام في منطقتنا الا تكون سببا في إثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية فلا تصب الزيت على النار الملتهبة لان هذه النار في النهاية ستحرق الجميع، نحن نتمنى من اعلامنا العربي ان يكون رصينا وطنيا إنسانيا روحيا حضاريا وان يساهم في وئد الفتن وتوحيد الصفوف، نريد اعلاما وطنيا يكون جسرا بين الاخوة موحدا للصفوف وداعيا لتكريس ثقافة الاخوة الانسانية والوطنية في مجتمعاتنا، لا ننكر بأن هنالك الوسائل الاعلامية تقوم بهذا الدور وهي تتواصل معنا وتؤدي دورها ولكننا نتمنى أن تتسع رقعة وسائل الإعلام العربية التي ترفض التطرف والكراهية وتنادي بوحدة ابناء الامة وان تكون بوصلتنا القدس وفلسطين.

4- المؤسسات الدينية الاسلامية والمسيحية في مشرقنا العربي هي مطالبة اليوم ان تتعاون فيما بينها اكثر من اي وقت مضى ، اعداءنا يريدوننا ان نبتعد عن بعضنا البعض وان نخاف من بعضنا البعض، أعدائنا يريدون بناء اسوار وهمية فيما بيننا خدمة لاطماعهم واجنداتهم في منطقتنا ونحن بدورنا يجب ان ننتفض وان ننسف هذه الاسوار الوهمية لكي تكون مكانها جسور المحبة والتواصل والتآخي، ففي كل بلد عربي وفي كل مدينة وقرية يجب ان يلتقي الجميع في بوتقة واحدة اسمها الوطن والدفاع عن قضايا الوطن ونود ان نشيد بنوع خاص بمبادرة الازهر الشريف والكنيسة المصرية بإنشاء ما يسمى "ببيت العائلة" ونحن نتمنى ان ينتشر هذا النموذج في كافة أنحاء مشرقنا العربي فبيت العائلة يجب ان يكون في كل مكان، بيت يجمعنا بمحبة والفة وتلاق وحوار وتفاهم، بيت نكرس فيه اخوتنا ووحدتنا الانسانية والوطنية، انا لست من المعتقدين ان داعش واخواتها من المنظمات الارهابية الدموية الهمجية يمكن ان تختزل مواجهتها بحملات عسكرية او أمنية فحسب فهذه الظاهرة تحتاج الى معالجة فكرية ثقافية انسانية يلتقي فيها المسلمون والمسيحيون معا لكي يفشلوا كافة المؤامرات والمخططات التي تحيط بنا وتستهدف وحدتنا ولحمتنا وتاريخنا المشترك، ان القيادات الدينية الاسلامية والمسيحية في منطقتنا يجب ان يقوموا معا وسويا بمبادرات خلاقة فبيت العائلة هو واحد منها وكذلك المؤتمرات واللقاءات المشتركة وزيارة المدارس والمؤسسات التعليمية والاهم من هذا وذاك هو الا تستغل منابر دور العبادة من اجل التحريض الديني والمذهبي فمنابر دور العبادة يجب أن تستغل من اجل بث روح المحبة والاخوة والمصالحة والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان، فلا يجوز ان تستغل منابر دور العبادة من اجل التكفير والتحريض وإثارة الفتن، فخطابنا الديني يجب ان يكون خطابا يقرب ولا يفرق، خطابا يزرع في النفوس المحبة والتسامح واحترام الآخر حتى وأن اختلف عنا في دينه او مذهبة".

كما قدم عددا من الإقتراحات الأخرى، وعبر جميع المشاركين في هذا اللقاء عن احترامهم وتقديرهم لللمطران الآتي من مدينة القدس حاملا معه رسالة القدس الى الوطن العربي والى المسلمين والمسيحيين في كل مكان، وآلام ومعاناة شعبه الفلسطيني وهو داعية السلام والمحبة والأخوة والحوار، مؤكدين على أنهم يتبنون اقتراحات وأفكار المطران.

وأكد الجميع في اللقاء على أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية الجميع ومن واجبهم أن يؤازروا، وأن يقفوا الى جانب هذا الشعب، مؤكدين حرصهم على تكريس ثقافة الوحدة والأخوة والتلاقي ونبذ مظاهر التطرف والتخلف التي تتغلغل في مجتمعاتنا العربية بشكل خطير مما يشكل تهديدا جديا لهويتها وتاريخها وحضارتها وتراثها، كما كان هنالك حوار ونقاش بناء بين كافة المشاركين.