|
هل توفر توصيات المؤتمرات حلولا عملية للاقتصاد الفلسطيني؟
نشر بتاريخ: 11/09/2016 ( آخر تحديث: 11/09/2016 الساعة: 11:04 )
الكاتب: عقل أبو قرع
رغم المؤتمرات والندوات والتوصيات، والتي كان أخرها ألمؤتمر الذي قام بتنظيمة معهد "ماس" في مدينة رام اللة، وحتى رغم التفاؤل والحديث عن النمو الكبير ألمتوقع في الناتج القومي ألاجمالي، يبقى ألاقتصاد الفلسطيني، وفي ظل محدودية المصادر الطبيعية، وفي ظل عدم التحكم في هذه المصادر المحدودة، من أرض ومن مياة ومعابر وثروات طبيعية، وفي ظل معيقات وقيود تعيق تطورة ونموة، وفي ظل اوضاع مثل أوضاعنا، يبقى هذا ألاقتصاد بعيدا عن التغيير الكبير الذي يتحدث عنة أو ينادي بة العديد من ألخبراء والمحللين والذي تدعو اليه ألتوصيات، وتبقى نسب البطالة المرتفعة بشكل قياسي، ترتفع أكثر وأكثر كل عام، ويبقى ألاعتماد ألهش وألمسيس على المساعدات الخارجية جزءا أساسيا من ألميزانية ومن نسب الناتج ألقومي ألاجمالي، ومن بند تنفيذ ألمشاريع ألتطويرية، ويبقى تحكم الجانب ألأخر بمفتاح هذا ألاقتصاد واقعا، لا يمكن تجاهلة أوعدم القبول بة أو عدم الاعتراف بتكبيلة لجوانب عديدة من هذا ألاقتصاد.
حيث حسب الاحصائيات الحديثة، فأن الفلسطينيون يستوردون ما قيمتة أكثر من اربعة مليار دولار سنويا، من البضائع مباشرة من خلال الجانب الاسرائيلي، مع تصور الفائدة التي يجنيها الاقتصاد الاسرائيلي من ذلك، بينما لا تتجاوز الصادرات الفلسطينية الى اسرائيل، بضع مئات من ملايين الدولارت الامريكية، وان هناك قيود على الصادرات والواردات الفلسطينية، او ما يعرف بالكوتة، والتي تم تقييدها حسب الاتفاقيات الاقتصادية. ومن ألمعروف أن أتفاق "باريس الاقتصادي"، بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، قد تم توقيعة وبالتالي تطبيقة، قبل أكثر من عشرين عاما، ومعروف ان هذا الاتفاق الذي ينظم العلاقات او المعاملات الاقتصادية والتجارية ونواحي العمل وألضرائب والجمارك والاستيراد والمعابر وغير ذلك بين الجانبين، قد جاء في اطار تبعات اتفاق اوسلو وملحقاتة، وبالتالي يمكن اعتبار اتفاق باريس الاقتصادي، جزء او امتداد للاتفاقيات السياسية التي تم توقيعها في حينة، والتي تمثلت بأتفاق " اوسلو"، وبالتالي فأن التعامل مع اتفاق باريس الاقتصادي، سواء من حيث التعديل او من حيث الالغاء، من المفترض ان يتم في اطار النظرة الشاملة الى اتفاق اوسلو، الذي رسميا ما زال قائما، وما زال ألاساس الذي توجد علية ألسلطة ألفلسطينية وما يتبعها من مؤسسات، ومنها ألمؤسسات ألاقتصادية. وفي أقتصاديات دول أخرى، ومنها ألاقتصاديات ألمتقدمة والتي تنمو بسرعة، بات الابداع والابتكار، هو مفتاح اساسي من اجل النمو والتقدم، وصحيح انة لا يوجد عندنا بنية تحتية تمتاز بالجودة لجذب الابداع، ولكن وبالاضافة الى البنية التحتية، من المفترض توفر الكفاءات والعقول البشرية وهذا عندنا، ومن المفترض توفر الخطط والاستراتيجيات وتوفر القوانين والتشريعات، وهذا من المفترض ان يكون عندنا، ونحن وفي ظل ضحالة المصادر الطبيعية، نحن الاحوج الى الاعتماد على الريادة وعلى الابداع والاختراع والتجديد، لكي نبقى وننافس ويتقدم الاقتصاد، وهذا يأتي بالاساس، من خلال الاستثمار في التعليم والتعلم والابحاث المرتبطة بأحتياجات ألمجتمع والتدريب. ومن ضمن هذه ألاقتصاديات، ألاقتصاد ألاسرائيلي، حيث حسب استطلاعات اجراها" المنتدى الاقتصادي العالمي"، تحتل اسرائيل المرتبة الثالثة على مستوى العالم في مجال الابتكار والابداع والاختراعات والتجديد، وتحتل كذلك المرتبة السادسة في عدد براءات الاختراعات، والسبب الاساسي لذلك هو مستوى التطور والتقدم والاهتمام في البحث العلمي والتطوير للمنتجات والخدمات، وهذا كلة بالاساس عائد الى مدى الاهتمام بالتعليم ونوعيتة، وفي نفس الوقت تحتل المرتبة 27 في قائمة مستوى التنافسية للاستثمار وجذب رؤوس الاموال وبالتالي تطور واستدامة تقدم الاقتصاد والتنمية الاقتصادية. ونعرف ان من ضمن العوامل التي تحدد درجة التنافسية وبالتالي أفاق نمو ألاقتصاد وتدعيمة، جودة البنية التحتية ومقدرتها على جذب وتشجيع ودعم الابداع والابتكار والريادة، وبات مستوى التقدم في الريادة هو المعيار لتحديد مستوى التقدم عند الدول، اي من خلال تصنيفها " غنية او فقيرة بالابتكار والريادة"، واصبح التنافس على مستوى الدول او الشركات وبالتالي النجاح والتقدم وحتى البقاء يقاس بمدى القدرة على تقديم الجديد ، بالجودة والفائدة والاهم الجديد الذي يلبي حاجات الناس ويخدم مصالحهم. ومن اجل البقاء والتنافس وبالتالي التقدم ألاقتصادي ألذي تنادي بة توصيات ألمؤتمرات، من المفترض الاستثمار في التعليم من الاساس، اي في البنية التحتية للتعليم، بدأ من الاسلوب والمنهاج وتحفيز التفكير والابتعاد عن التلقين، والاعتماد اكثر على البحث العلمي ، وهذا يعني توفر السياسات التي تصب في هذا الاتجاة، وهذا يعني تكامل النمو في الاقتصاد مع فلسفة التعليم، وهذا يعني بالاساس وجود الاهتمام بالتعليم والتعلم والابداع كأولوية على المستوى الرسمي، وهذا يعني ان يتم تخصيص جزئ رئيسي وان لم يكن الجزء الاكبر في الميزانية للتعليم، ولا عجب اذا علمنا ان في دولة مثل تركيا، حيث حققت تقدم اقتصادي مستدام، بل حققت معجزة اقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية، يحتل التعليم البند الاول والاهم من حيث مقدار ما يتم تخصيصة للقطاعات المختلفة في الميزانية التركية، حيث يتقدم ما يتم صرفة على قطاع التعليم قطاعات اخرى كالصحة والامن والخدمات وغير ذلك. والتركيز على الابداع والابتكار والبحث والتطوير، كعامل اساسي لمواصلة تحقيق نمو مستدام، فأن الاقتصاد الفلسطيني، ورغم صغر حجمة، ورغم قلة الموارد، من المفترض ان يركز اكثر على الكفاءات البشرية الموجودة، وعلى افكار ابداعية ربما متواجدة، ولكن تبحث عن حاضن وعن ممول وعن داعم، وبالتالي الاستثمار في الابداعات وفي الريادة، ذات العائد الاقتصادي والاستثماري، والتي اصبحت ، احدى اساسيات وقوة وثبات اقتصاديات الكثير من الدول، والتركيز على استثمارات أبداعية في قطاعات انتاجية مهمه ونحتاجها، في ألزراعة والصناعة والتكنولوجيا وألمياة والطاقة وحماية ألبيئه. وبالاضافة الى ألتركيز على ألابداع وألابتكار كمسارات أستراتيجية لنمو ألاقتصاد، فأن هناك ألاقتصاد الاخضر، أو الاقتصاد المستدام، وهو الاقتصاد الذي تتم ادراتة بصورة مستدامة وفعالة وصديقة للبيئة، اي بدون استنزاف اقتصادي وبيئي، ومن هذا المنطلق فأن البناء الاخضر مثلا، يجب أن يراعي الجوانب البيئية، قبل البناء، من حيث اختيار موقع البناء، وخلال البناء من حيث اختيارالمواد المستخدمة في البناء، مثل استخدام التربة والحجارةالمحيطة بالمنطقة، واستعمال الرمل، والمواد التي لا تلوث البيئة او تستنزف مصادرها. والاقتصاد الاخضر يهدف الى ترشيد استخدام الطاقة والمياة وتقليل انتاج النفايات بأنواعها المختلفة، خلال وبعد الانتهاء من البناء، مثل استخدام الطاقة الشمسية او المتجددة بشكل اساسي وفعال، واعادة تكرير المياة واستخدام المياة الرمادية، ووجود انظمة من اجل فصل وتدوير النفايات، وهناك مؤسسات تحدد معايير واسس ومواصفات البناء الاخضر، وهناك دول تقوم بمنح الحوافز والتشجيع من اجل التوجة الى هذا النوع من البناء او الاقتصاد الاخضر؟ حيث ومن اجل تشجيع الممارسات الخضراء بشكل عام، الممارسات التي لا تضر بالطبيعة والبيئة، احتفل العالم قبل سنوات، بيوم البيئة العالمي تحت شعار" الاقتصاد البيئي او الاقتصاد الاخضر"، كاقتصاد مستدام، يحافظ على البيئة ويعمل على عدم استنزاف المصادر الطبيعية غير المتجددة، وبات من المعروف العلاقة الوثيقة التي تربط البيئة وبمصادرها المتعددة مع الاقتصاد او التنمية والتقدم الاقتصادي وما الى ذلك من انعكاسات اجتماعية وثقافية وحتى سياسية؟ وفي بلادنا، فأن الاقبال على الممارسات الاقتصادية والعمرانية الخضراء، من خلال عدم استنزاف المصادر المتاحة، وخاصة في الحالة الفلسطينية التي تتمتع بمصادر طبيعية محدودة وبحيز مكاني ضيق، سوف يعمل ويشجع في المحصلة على انشاء المزيد من المشاريع التنموية، وبالتالي الى ايجاد المزيد من فرص العمل والتشغيل، وبالتالي يعمل على محاربة الفقر والحد من البطالة، وفي نفس الوقت حماية البيئة من الدمار ومن الاستنزاف، ومن عدم القدرةعلى ملائمة عيش الاجيال القادمة. ومن أجل نمو حقيقي ولو ضئيل للأقتصاد الفلسطيني، ومن أجل تغيير على ألارض يمكن ان يلمسة ألمواطن، بعيدا عن شعارات وتوصيات ألمؤتمرات ألكبيرة وألبراقة، فأننا من ألمفترض أن نتجه ومن خلال استراتيجية وطنية شاملة وملزمة ومحمية بقوانين وتشريعات، ومن خلال تشجيع التكنولوجيا والمبادرات والخبرات، ومن خلال الحوافز والدعم، ألاتجاة الى مصادر الطاقة المستدامة أو الطاقة المتجددة، أو الصديقة للبيئة أو النظيفة، أو مصادر الطاقة الخضراء، ومنها الشمس والرياح والمياة والغاز وما الى ذلك من مصادر نستطيع ان ننتجها ولو بشكل تدريجي أو تراكمي، وفي نفس الوقت نستغني وبشكل تدريجي عن مصادر طاقة، تكبل ايدينا وتستنزف اموالنا وتلوث بيئتنا، وتقوم بتقييدنا سياسيا وماليا واقتصاديا ونفسيا، وما يترتب على ذلك من مضاعفات على ألسياسه والاقتصاد؟ |