وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نميمة البلد: جيلنا فشل... والعقل الجمعي

نشر بتاريخ: 11/09/2016 ( آخر تحديث: 11/09/2016 الساعة: 13:21 )
نميمة البلد: جيلنا فشل... والعقل الجمعي
الكاتب: جهاد حرب
فاجأني صديقي الأكاديمي عند دخولي، قبل عام، مكتبه بكلمة حاسمة وجازمة "يا جهاد نحن فشلنا" اعتبرتها في البداية للدعابة لكنه أصر على انه جدي بعبارته هذه، جينها اخذت بالحديث عن انجازاتنا الشخصية فهو حاصل على شهادة الدكتوراه من أشهر الجامعات الأميركية، وانا حاصل على شهادة الماجستير. ونتمتع بسمعة جيدة كل في مجاله، وبمكانة محترمة. وحبنا الرب ببنينٍ يتمتعون بالصحة والتعليم ونوفر لهم ما يحتاجون.

قاطعني صديقي الأكاديمي بأنه لا يتحدث عن امورنا الشخصية؛ مؤكدا ما ذهبت اليه على المستوى الشخصي والنجاح، بل يتحدث عن جيلنا فقد فشل بإحداث التغيير في القيادة السياسية أو التأثير من خلال الأطر والمؤسسات التنظيمية والحزبية لإحداث التغيير. فشل أبناء جيلنا، رغم نجاح الافراد، الذين رضوا بأن يكونوا في الصفوف الخلفية رغم ما قدموه في سنوات الانتفاضة الأولى، بل وافقوا على ان يكونوا تابعين والبعض منه متملقا للحصول على امتيازات على موائد هذا المسؤول أو ذاك. فشل أبناء جيلنا في العقل الجمعي الذين ترفعوا عن العمل الجماعي وخانتهم قوتهم والذين رأوا بأنفسهم زعماء كأفراد لكنهم يفتقرون للقدرة.

قاطعت صديقي بأن الأحوال تغيّرت وان الأشخاص يبحثون على رزقهم في الزحام قد يقبل البعض بهذا أو ذاك للحصول على لقمة العيش. وان الأولويات تغيّرت من الحصول على السمعة والمكانة بالتضحية الى الحصول على الجاهِ بالمال والعشيرة بطرق مشروعة أو غير مشروعة.

اتفق مع صديقي في جل ما قاله حينها؛ ينقصنا العقل الجمعي الذي يحدث التغيير في ظل التسارع الهائل في السقوط نحو الهاوية الناجم عن سياسات الفشل المتكررة والقرارات التي لا تنفذ، فالعشرية الأخيرة حوت من الفشل ما يدمر دولة رخاء فما البال في حالة دولة لم تولد، فالفشل في الحفاظ على الوحدة الوطنية والفشل باستعادتها بعدم تطبيق اتفاقيات المصالحة باعتباره احدى الطرق، والفشل في استخدام الانتخابات باعتبارها طريقا آخر، والفشل في إدارة البلاد والمؤسسات؛ فالإعلان عن عقد المجلس الوطني ومن ثم عدم القدرة على عقده وغيره من القرارات وصولا الى الانتخابات المحلية التي يمكن أن يُعرقل اجراؤها بقرار قضائي، ناهيك عن الفشل في منح الامل للفلسطينيين بإنهاء الاستعمار الاستيطاني بسبب غياب القيادة الطليعية.

يضحي الأشخاص لإيمانهم بالهدف والقيادة؛ وعند فقدانهم الثقة بالقيادة يبحثون عن ملاذات شخصية آمنه لهم أو عن امتيازات على غرار قياداتهم أو يتشبهون بها فيختلط الحابل في النابل. فشل جيلنا بإحداث التغيير من الداخل يرافقه فشل في السياسات العامة وفشل في الإجراءات في إدارة البلاد يدفع للبحث عن أدوات تغيير قد لا تكون هادئة أو آمنة.