وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في العيد..الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي بديل السفر عبر رفح

نشر بتاريخ: 15/09/2016 ( آخر تحديث: 16/09/2016 الساعة: 09:26 )
في العيد..الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي بديل السفر عبر رفح

غزة-تقرير معا - منذ خمس سنوات ومعابر قطاع غزة تحول دون لقاء سماح عيسى بأحبتها وذويها في قطاع غزة وعلى عكس كافة مطارات العالم ومعابرها التي تستقبل زوارها في الأعياد والمناسبات تبقى تلك الخاصة بغزة مغلقة حتى أشعار آخر.

العيد العاشر لعيسى في الغربة بعيدا عن ذويها..لا تفكر أبدا في قضاء الأعياد في غزة بسبب الإغلاق المتواصل لمعبر رفح فتخشى أن يكون دخولها للقطاع هو الدخول للسجن دون القدرة على الخروج منه وهي المرتبطة بعائلة مكونة من ثلاثة أفراد بالإضافة الى عملها.

معبر رفح التفكير المستمر:

تقول عيسى أن معبر رفح وتعقيداته المستمر هو طقس من طقوس التفكير اليومي لديها فلا يمر يوم واحد دون أن تفكر هل تنتهي معاناة إغلاقه المستمرة في وجوه عشرات آلاف من المغتربين الذي ارتبطت حياتهم بحل هذه المشكلة.


وتضيف:"لا استطيع المجازفة للسفر عبر معبر رفح وأنا المربوطة بعملي هنا في عجمان لان الفترة التي يعمل بها المعبر غير محددة وهي تهدد استقراري وعائلتي هنا لذلك آثرنا الامتناع عن زيارة غزة".


تشتاق عيسى لكل التفاصيل التي عاشتها قبل سبع سنوات في قطاع غزة تلك التفاصيل التي حرمها معبر رفح وإغلاقه المستمر من إحيائها فكم تمنت أن تقضي الأعياد في غزة ومنعها معبر رفح، وكم حنت لغروب الشمس على ساحل البحر ومنعها معبر رفح، وكم اشتاقت لملاحم توأم تركتهم أطفال فتغيرت ملامحهم وباتت لا تعرفهم وكما اشتاقت لعادة المشي مع أبيها وأمها فحرمها معبر رفح كل هذه الأمنيات.


وتمر أفراح عيسى منقوصة في ظل غياب أهل وتشتتهم ما بين غزة والإمارات فأفراحهم تبقى منقوصة وأعيادهم تبقى مجرد طقوس كلما استمر إغلاق معبر رفح حيث تؤكد أن لا شي يبعث للفرح بالعيد إلا شراء ملابس جديدة لبناتها وجولة في مدينة العاب.


معبر رفح معاناة الداخل والخارج:
المعاناة واحدة لكافة سكان القطاع وان كانت المواطنة سماح عيسى خارج القطاع واهلها بداخله فهالة جمعة عكست الصورة وباتت هي داخل الوطن واهلها خارجه تحديدا في السعودية فهالة جاءت لغزة طلبا للعلم فتزوجت من ابنائها وكونت اسرة.


تدريجيا ومع اشتداد الحصار على قطاع غزة واحكام اغلاق معبر رفح بعد اسقاط حكم الرئيس المصري محمد مرسي فقدت جمعة حقها في السفر نهائيا فقد انتهت اقامتها في السعودية وباتت غير قادرة على زيارة ذويها.


آخر اللقاء كان في العام 2012 أي قبل أربع سنوات تحديدا تقول جمعة أن تكدس أعداد المسافرين على المعبر وفترات الإغلاق الطويلة تجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تخطو خطوة باتجاه السفر خوفا من فقدان الاستقرار الذي وصلت له في غزة.


وتقول:"قرار السفر عبر معبر رفح صعب جدا فالتفكير في آلية السفر وعواقبها متعب أكثر من السفر نفسه فلا أتخيل أني قد اترك كل ارتباطاتي في غزة وعملي".


وتبقى فكرة عدم القدرة على العودة الى الحياة في غزة وإضاعة الكثير من الأشياء الهاجس الأكبر لأي إنسان يفكر بالخروج عن طريق معبر رفح إلا إذا كان مسافرا لن يعود الى هذه البقعة الصغيرة من الوطن.


معبر رفح حسرة في القلب:
ثمانية أعياد وفي كل عيد حسرة في القلب لا يعلمها احد تبتسم هالة لزوارها وأطفالها وهي تبكي ألما وحسرة على أهلها الذين حرمهم معبر رفح من الدخول عليها في الأعياد مهنئين،،ثمانية أعوام وفي كل عيد تأمل هالة أن يكون الأخير بدون أهلها وتضيف:" مهما كان لنا أحباب وأصحاب في غزة ولكنهم لن يعوضوني عن عائلتي التي كثيرا ما افتقد جمعتنا سويا".


معبر رفح المعبر الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي عن طريق مصر أوصد ابوابه بإحكام في العام 2015 حيث استمر إغلاقه 344 يوما بينما فتحته السلطات المصرية 20 يوما فقط في العام 2016 وواصل إغلاقه 231 يوما حتى اخذ حالة الإغلاق الدائم على مدار عامين.
معبر رفح يقلل التواصل الاجتماعي:


استطاع معبر رفح أن يجسد المثل القائل "البعد جفا" أو"البعيد عن العين بعيد عن القلب"فهذا حال عشرات آلاف المغتربين الذين حرمهم معبر رفح ومعاناته المتجددة من زيارة ذويهم في قطاع غزة أو في أماكن سكناهم حتى وان كان الحق في التنقل وحرية الحركة والسفر من ابسط الحقوق التي كفلتها القوانين الدولية فحرمهم أيضا من تكوين علاقات اجتماعية سليمة وتعزيز العلاقات بين أعضاء الأسرة المغتربة.


يقول أستاذ علم الاجتماع في الكلية الجامعية احمد حمد أن الظروف القصرية التي يمر بها معبر رفح معاناة المواطنين وموضوع التنسيقات حرمت المغتربين من زيارة ذويهم في قطاع غزة أو السفر إليهم وأصبح هؤلاء يغضون النظر عن السفر الى قطاع غزة إلا إذا كان للاستقرار الدائم بدل الزيارات.
وأشار حمد الى أن المعاناة التي يتسبب بها معبر رفح للمغتربين الفلسطينيين تعمل على تقليل الألفة والمحبة والتعاطف وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين هؤلاء وذويهم كما نتج عن استمرار إغلاقه فراغ عاطفي ونفسي وفيه نوع من الحرمان وبالإضافة الى البعد النفسي والاجتماعي استطاع معبر رفح أن يوجد بعد ثقافي بين المغتربين وذويهم.


ويقول حمد في هذا الصدد نتيجة حرمانهم من الزيارة الدورية لذويهم في قطاع غزة أصبح المغتربون في بلاد المهجر أصحاب ثقافات معينة وتطبعوا بالثقافات تلك المجتمعات أو بالتالي لا يحدث اندماج مع مجتمعه الأصلي وعائلته ويصبح هناك فجوة.


وأشار حمد الى أن الفجوة الثقافية بين المغتربين وبلادهم الأصلية تؤثر على تكوين العلاقات الاجتماعية لان طبيعة الحياة مختلفة على خلاف المجتمعات التي تسمح لأفرادها بالتنقل لزيارة ذويها متى ارادوا.


وسائل التواصل ليست بديل:
وعلى الرغم من انتشار عشرات التطبيقات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي التي قربت المسافات بين البشر إلا أنها لا يمكن أن تعوض عن حاجات الإنسان للعاطفة والحب كما يقول حمد مبينا أنها نجحت في أن تكون بدلا ولكن ليس بمستوى اللقاء المباشر واللقاء وجها لوجه.
وأضاف:"تبقى هذه المواقع مجتمعات افتراضية ليس بها ذكريات واقعية يتم الحديث عنها لاحقا او توثيقها وان كانت ساعدت في تقليل القلق او الحزن او التوتر الناتج عن غياب الشخص".

تقرير هدية الغول