|
قانون الضمان الاجتماعي .. شغّلونا قبل ان نتقاعد
نشر بتاريخ: 28/09/2016 ( آخر تحديث: 28/09/2016 الساعة: 13:19 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تقوم المجتمعات العربية الزراعية والرعوية على الجماعات، فيما تقوم المجتمعات الغربية الصناعية الرأسمالية على الافراد. وبين الجماعة والفرد في المجتمع العربي عقد اجتماعي يحمي الفرد لصالح الجماعة، فيما في المجتمعات الغربية عقد مباشر بين الفرد وبين الدولة. ولكل شكل من أشكال النسق الاجتماعي ايجابيات وسلبيات.
الدولة في المجتمعات الرأسمالية الصناعية مسيطرة بشكل كامل وشبه مطلق على أفراد المجتمع، اما في المجتمعات العربية فيجري توزيع السيطرة والحكم على عدة محاور منها الدولة والعشيرة والجماعة والقبيلة وغيرها . في الارض المحتلة، ورغم كل ما يفعله الاحتلال ضد تطور المجتمع والافراد. يتفاعل المجتمع بانفتاح كبير مع ذاته ومع المجتمعات الاخرى من ناحية التطور الذاتي والتطور الموضوعي، ومن ناحية التشبيك والاتصال بالعالم والحفاظ على مستوى متطور من التكنولوجيا والاستهلاك والانتاج الذاتي ، ومن ناحية تنظيم عمل مؤسساتي قادر على توفير الحد الادنى من البقاء والصمود . وبغض النظر عن الموقف السياسي من المرحلة، الا ان المدينة والقرية والمخيم في الارض المحتلة ، العامل والموظف والمزارع، لا يكلّون ولا يملّون بحثا عن الاشكال الافضل لترشيد الحكم والتوازن الاجتماعي والاقتصادي، وقد شاهدنا كيف يقوم المجتمع بالدفاع عن نفسه في حالات الطوارئ والظروف القاسية أو المنخفض الجوي وحظر التجوال، ما أظهر منسوبا عاليا من الوعي والتكافل الاجتماعي لنجدة الشرائح الضعيفة. إن قانون الضمان الاجتماعي الذي أقرته الحكومة مؤخرا يأتي في هذا الاطار، وهو انجاز نقابي كبير يجب ان ننظر اليه بعين الرضى. وبعد تفاعل جماهيري ونقابي واعلامي واع ومفيد تم اقراره، وتضمن قانون الضمان العديد من التعديلات الايجابية على الاجازات والروابت والتقاعد والمدخرات والتأمين وبنود اخرى. ما يفعله الفلسطينيون داخل الارض المحتلة يعتبر معجزة من ناحية علم الاجتماع والعلوم السياسية، فهم يؤسسون لحكم وحكومة وكأن الاحتلال غير موجود، ويحاربون الاحتلال وكأن الحكومة غير موجودة. ما ينقصنا هو ورشات عمل للقادة والمفكرين واساتذة الجامعات والنقابيين لبلورة خطط بقاء وصمود اقتصادي وسياسي وفكري وثقافي واجتماعي ورياضي. مع ضرورة الاهتمام بعدالة التوزيع وشفافية الحكم الرشيد ولو كان على مستوى افتراضي (حتى على صفحات الفيس بوك والتواصل الاجتماعي أظهر الفلسطينيون انهم قادرون على ادارة امورهم بطريقة لائقة ومثمرة). والاحظ ان البطالة- وهي مشكلة المشاكل في فلسطين- تصيب خريجي الجامعات بنسبة عالية وقاتلة فيما نسبة البطالة عند المهنيين وخريجي الكليات الصناعية تكاد تكون قليلة جدا. ما يعني ان الامر بيد وزارة التعليم العالي والحكومة وهيئة التخطيط واللجنة التنفيذية للمنظمة ان تفكر من جديد ما هي الاهداف الانسب للتعليم العالي، وان من حق كل مواطن أن يقول: اعطوني فرصة عمل لاشتغل قبل اقرار قانون التقاعد وقانون الضمان. فلا يمكن ان اضمن تقاعدي قبل ان اضمن حياتي وفرصة عملي. |