|
سحب حزينة في نهايات أيلول
نشر بتاريخ: 29/09/2016 ( آخر تحديث: 29/09/2016 الساعة: 11:21 )
الكاتب: بهاء رحال
قبل أن يودعنا ونودعه، أيلول في نهاياته يطوي ايامنا بوجع، وبفقدان هنا واغتيال هناك، وبين صوت ضحية تطارد جلادها الى شبح الاغتيال والموت على درجات قصر العدل، فما كان ليودعنا هذا الشهر قبل ان ننزف بكاءً على الشهيد الذي خرج من سجنه محمولاً على الأكف، بعد أن أمضى سنوات شبابه في المعتقل، انه الاسير الشهيد ياسر حمدونه والذي أصيب بجلطة دماغية أدت الى وفاته في زنازين الاحتلال، هذا الشهيد المعتقل منذ اكثر من أربعة عشر عاماً والمحكوم بالسجن المؤبد بتهمة مقاومة الاحتلال، وقد كان يعاني لسنوات طويلة داخل المعتقل من حالة صحية حرجة ادت الى استشهاده بفعل التقصير المتعمد في تقديم العلاج اللازم له، لينضم الى قوافل الشهداء وتستقبلة والدته بالدموع والزغاريد، تلك الوالده التي حرمها الاحتلال من زيارة ابنها في سجنه لسنوات عديده، وكان قدرها ان تلقاه في لحظة عناق دافئة، لحظة وداع اخير، وداع الابد.
ان استشهاد الأسير ياسر حمدونه يدق ناقوس خطر جديد يشير الى ما يتعرض له الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال خاصة المرضى منهم هو بكامل البشاعة والتي تعجز الكلمات عن وصفه، في ظل سياسة العقاب التي تمارس بحقهم وسياسات العزل الانفرادي وعدم تلقي العلاج الضروري واللازم لهم من قبل ادارات سجون الاحتلال التي تمعن في ممارسة العقاب بالقتل والتعدي على القانون الدولي وحقوق الانسان، حيث ان هؤلاء أسرى حرب، كفل لهم القانون الدولي حقوقهم، وهذا ما يدفعنا لنقول ان على الجهات المعنية التحرك لتفعيل ملف الاسرى على كافة المستويات، وان تقوم كل الجهات بحراك واحد وموحد لمطالبة مجلس الامن والهيئات الحقوقية والقانونية الدولية بالوقوف امام مسؤولياتها تجاه الاسرى، حيث ان عدداً كبيراً منهم يعاني من امراض خطيرة وامراض مزمنه. وقبل ان يطوي ايلول ايامه، تقع الكارثة، أمام قصر العدل الاردني، حين اقدم احد المتطرفين على اغتيال ناهض حتر، في حادثة بشعة استنكرها الكل الانساني، سواء من اتفق مع ناهض حتر بافكاره او من تعارض معها، فليس الامر متعلقاً بشخص، بل انه متعلق بقضايا الفكر والوعي الذي اذا سكت عنها، ستكون المصيبة وستنهار المنظومة الانسانية برمتها امام رجفة من هؤلاء القتلة الذين لا يفقهون في الحياة سوى القتل، وجلب الخراب والتخلف لمجتمعات نمت وتطورت وبنت حضارتها وثقافتها عبر السنين، حتى وصلت الى هذا الشكل من الوعي، والدفاع عن هذا الوعي والمستوى الحضاري يبدأ اولاً بالوقوف امام هؤلاء القتلة لردعهم، فلا يمكن ان تساق اوطاننا كذبيح على مقصلة داعش وغيرها من الحركات التي هي بالاساس صنيعة دول الاستعمار، وقد رموا بها بيننا لاحداث كل هذا الخراب وهذا الدمار وهذه التفرقة التي لا نتمنى لها ان تتغلغل أكثر في مجتمعاتنا المتماسكة والمتلاصقة والمتلاحمة عبر الزمن. بشاعة الجريمة التي ارتكبت بحق ناهض حتر، سواء اتفق الناس مع توجهاته وافكاره أو اختلفوا عليها، دفعتنا جميعاً لاستنكارها، ولرفض هذا الشكل من العنف الدموي الذي يؤدي الى بث روح التفرقة على اساس الفكر او الدين او الموقف السياسي، لأن لمثل هذه الافعال اثارها السلبية على المجتمع ككل ولن تقف عند حد معين، اذا ما وجدت العقاب والرادع الذي يمنعها ويوقفها حتى لا نسقط جميعاً في وحل الاختلاف والانقسام والتطرف والعصبية والهمجية التي لا تجلب الا الخراب. |