|
ان لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل ...
نشر بتاريخ: 04/10/2016 ( آخر تحديث: 04/10/2016 الساعة: 14:06 )
الكاتب: يونس العموري
( ... ان لم تستطع قول الحق الحق فلا تصفق للباطل ..) ، والباطل قد اضحى جزء من معادلة الكلام ، والتبرير سيد الموقف، والموقف عقوبة في منظومة مفاهيم الحاضر، واضحى الصراخ من شدة الوجع جريمة وتطاردك اجهزة العسس بكل الازقة، وان كان الصراخ من اجل لقمة العيش، والمطالبة باستحقاق العدالة ...
ويأتيك من يأتيك بوجه عابس ليطارد احلامك ومحاولة العيش، ويريدون للشمس ان تشرق من الغرب، وان تتوارى عن الانظار، والشمس ستظل ساطعة رغما وارغاما عنهم، وسيد الحرف الناظم للأبجدية منذ عهد التكوين يأن من وجع اللحظة وأنينه قد اضحى ازعاجا للسادة في جحور القصور وتكون الأوامر بمصاردة الحق بالقول والكلام والجلوس والاعتصام ، وموسيقانا صارت من الافعال المحرمة والاجرام بعهد ضجيجهم قد فُصلت مقاييسه وفقا لإرادة امرء اللحظة المباغتة وسادة الصدفة ... وبالجهة المقابلة ضرب واعتقال وقتل على الاشهاد، وسادة القوم على مختلف الوانهم وتلاوينهم بالصفقات منشغلين والاشتغال هنا له اصوله وقواعده التي لا يجيدها المهمشون والجالسون على ارصفة الإنتظار.... في ظل الموت، والاعتصام والاضراب ,والتيه والتوهان وخربشة الموازيين وضياع الحق وسيطرة كلام الباطل ، وفي ظل ارادة القابعين بالعلب الاسمنتية، وفي اللحظة التاريخية الفاصلة ما بين الحياة والخلود، وفي ظل الاستكانة والخنوع والخضوع وجعجعة الكلام، لابد من الصراخ الأن، ولابد من العويل، ولابد من محاولة رسم لوحة الواقع الذي نحيا، ولابد من مواجهة الحقيقة بمواجهة الذات .. ولابد من ان نعي ان ثمة انكسار بانفسنا قد حدث. وان في النفس الكثير من التناقض وثمة ضجيج مشاغب يغزو الوجدان، فما بين ممارسة القتل على الاشهاد في باستيلات يهوذا، وتشويه ابتسامة طفل يحاول ان يعبث بسنين عمره الشقي، وما بين القمع بميادين المدن المحتلة من قبل من يلبسون بزات العسكر الوطني، وما بين النوم في بحر التنظيرات بالوطن المسلوب يكمن تمزق الذات والهوية، تلك الهوية التي اصبحت مشرذمة منقسمة ما بين الجغرافيا وقوانينها والتي لطالما اعتبرناها واحدة موحدة. في ظل كل هذا والسجال سيد الموقف والذهاب بعيدا للمشاركة في تشيع جثمان الصديق الصدوق ابو الاستيطان وابو الصهيونية واخر ملك من ملوك الدولة العبرية ومشرعن بناء الابراج على التلال بروابي المساحات الضيقة الباقية المتبقية مما بات يعرف باراضي دولة فلسطين العتيدة بالعام 1967 .. وقد تكون لساسة اللحظة حساباتهم وتلك القوانين الحاكمة لمنطقهم ولمسار تحركهم ونسج طبيعة العلاقات والتوزان والموزون ... ولكن ان يتحفنا شيخ مشايخ اللحظة والصدفة بواحدة من اغرب التصريحات الصادمة حول طبيعة المشاركة بجنازة الرئيس الاسبق للدولة العبرية فهذا من يقال عنه الفجور بارقى اشكاله ... ففي تصريح صادم ومفاجئ تعقيبا على مشاركة الرئيس عباس ووفد موسع من السلطة في جنازة شمعون بيرس دافع الهباش عن هذا الموقف الذي لاقى رفضا واسعاً في صفوف الفلسطينيين واكد ان هذه المشاركة تاتي في اطار الحنكة السياسية وقطع الطريق على المتربصين بالمشروع الوطني الذين ارادوا ان يضعوا الرئيس في موقف محرج ليرفض المشاركة ويظهر بانه معادي للسلام والتوجهات الدولية ,واضاف الهباش ان الرسول لو كان حيا بيننا لشارك بهذه الجنازة واكد على حديثه هذا بان الرسول عليه السلام قد شارك بجنازة جاره اليهودي وما بيرس الى جار شئتم ام ابيتم ! واستشهد بالحديث التالي عن بن أبي ليلى أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية ، فمرت بهما جنازة فقاما ، فقيل لهمـا :إنها من أهل الأرض .. ( أي جنازة غير مسلم من أهل تلك الأرض ) .. فقالا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام ، فقيل : إنه يهودي . فقال : “أليست نفسا “….صدق رسول الله صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وفي وقت سابق كان الهباش قد دافع عن دماء اليهود وفي تصريحات الهباش التي ساوى فيها بين دماء الشهداء الفلسطينيين بدماء الإسرائيليين. وقد رحب محمود الهباش بأي يهودي يريد الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، قائلًا: “إن أراد أي يهودي أن يصلي بالأقصى بالتأكيد أهلا وسهلا فيه، السياسة شيء والعبادة شيء ولكن كل ذلك سيجري تحت السيادة الفلسطينية”. والقريشي العربي الموحى له رسول الله الثائر على الظلم لن يصافح الاجرام وسيقاتل كل من قتل الاطفال، ومن العار تأويل الكلام واسقاط المواقف عليه ... وليس من حق هذا الذي يسمى اليوم بقاضي القضاة ان ينعق بالفتوى والافتاء وابداء الرأي ويستند بالقول معطيا الحق لمن لا حق له .. والاقصى رمز اسلاميا عربيا عروبيا سيظل عصيا ونحن هنا القاعدون بانتظار اللحظة التاريخية لنا احلامنا وصراخنا وآمالنا التي كنا نعتقد انها ممزوجة بتلك المعاناة من صلف الاحتلال والة التدمير والقتل، الا ان المشهد هذه المرة مختلف، ويأتي اختلافه باختلاف وقائع البلد في ظل اللحظة الراهنة بعنوانها الابرز معركة الامعاء الخاوية لأسرى الحرية والانعتاق من عبودية السجان. حيث مجريات الفعل العدواني على الاسرى وفي اتون هذه المواجهة نلاحظ الكيفية التي تعاملت وتتعامل معه جماهيرنا الفلسطينية وهو ذاته كما تتعامل جماهير اي عاصمة عربية او اوروبية بالمساندة واعتقد ان هذا ما اذهل الكل، بل انه قد شكل صدمة لنا بالأساس، فمن غير المعقول ان تتظاهر رام الله بشكل سلمي من خلال مسيرات الشموع وتسير تظاهرات الاطفال وتننظيم فعاليات غنائية. فهذا غير منوط بجماهير الأرض المحتلة، ومن غير المعقول ان تكون المهرجانات الخطابية سيدة الموقف هنا. اعتقد ان ثمة هزيمة قد لحقت بنا هنا، هزيمة صارخة امام الدم وازهاق الاوراح، وثمة خجلا يتبلور الأن بذواتنا من مواجهة اللحظة، التحدي يتسلل الى ثنايانا والهرواة سيدة الموقف، والسؤال يتبلور ويتضح اكثر تحت المجهر. فما العمل يا سادة القول البليغ في ظل اختطاف جماهيرنا واقناعها بإمكانية رغد العيش تحت جنح التسليم بواقع الأمر والإستسلام لحيثيات معادلة العقلنة والتعقل،؟؟؟ اعلم واعرف اننا نعيش لحظة تاريخية فيها الكثير من مشاهد التناقض، حيث أنجز الانقسام انجازاته وفعل مفاعليه، فقد اصبح للنضال وجهة نظر اخرى، وللكفاح ايضا تعريف مختلف عن ذاك المرتبط بتاريخ المسيرة التحررية، وصرنا مختلفين حتى على تعريف فعل المقاومة واحقيتها برد العدوان بكل اشكاله. ولأول مرة صرنا نراقب المشهد وكأننا نعيش بغير فلسطين المحتلة، وكأننا بواحة رام الله المحررة نحيا بكنف الأمن والأمان وتحقيق اهدافنا على الأقل الإنسانية. والكل يعلم ويعرف ان الحد الأدنى من ضرورات الحياة الانسانية غير متوافق او متوافر وتلك المسماه حياة في المدن المحتلة. هو الصمت من جديد يغزونا وكأن عدواه قد اصابنا بمقتل واصبحنا نلوذ بالفرار حتى من انفسنا حينما يغزونا الخجل، ولا مبرر لنا مهما حاولنا التفسير، وبصرف النظر عن القمع او ما يسمى بالمصلحة الوطنية العليا... نصرخ من وجع اللحظة وكيف تحولنا الى اداة مهجنة ومدجنة كما يُراد لنا ان نكون نستقبل انباء القتل والموت بالسجون ولربما نشفق على انفسنا من تلك المشاهد الأتية الينا عبر الأثير. وهو السؤال الذي يقض مضاجعنا ليل نهار، هل نحن بالفعل بمستوى الحدث..؟؟ ام هو العجز..؟؟ ام صار لنا تعريفات ومفاهيم مختلفة...؟؟ وهنا لا استثني احد، جماهير وقادة ونخب ثقافية وحتى ممن يمتشقون اليوم بنادق الكفاح بالازقة والحواري. اعذر لنفسي وسأسمح لذاتي بان اواجه الذات بالحقيقة المرة، فثمة هزيمة هنا تتضح معالمها ايها السادة الكرام بكل الأماكن وعلى مختلف المستويات، هزيمة اصبحت مكرسة بكل ثنايا يومياتنا، وثقافة المساندة كانت فارغة ايضا من مضامينها ومن معانيها ومن الحد الأدنى من الفعل وردة الفعل... يا سادتي في كل مكان وفي شوارع وطن الممزقة اوصاله، لاشك ان صراخ الاسرى وفقراء الوطن المسلوب منكم وبكم قد بات يزعجكم وانتم تنعمون بالعيش في جنان روابيه هل لكم ان تسمعوا هذا البيان. |