|
دراسة: العملية السلمية حررت 90 % من الأسرى في الفترة ما بين أوسلو وانتفاضة الأقصى
نشر بتاريخ: 03/12/2007 ( آخر تحديث: 03/12/2007 الساعة: 23:41 )
غزة -معا- أكد الباحث المتخصص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين عبد الناصر عوني فروانة، اليوم، في دراسة شاملة بعنوان " العملية السلمية والأسرى " ، أن العملية السلمية والاتفاقات السياسية حرّرت 90% من الأسرى في الفترة ما بين أوسلو في أيلول/ سبتمبر 1993 وانتفاضة الأقصى في أيلول/ سبتمبر2000 .
وسلطت الدراسة الضوء على العلاقة ما بين مجمل العملية السلمية وخاصة الإتفاقيات السياسية الموقعة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية من جانب، وحكومة الإحتلال الإسرائيلي من جانب آخر ، وانعكاساتها على قضية الأسرى . واستعرض الأسير السابق والباحث فروانة خلالها مسيرة العملية السلمية ومجمل الإتفاقيات الموقعة بسلبياتها وايجابياتها، بدءاً من إعلان المبادئ في اوسلو ومروراً بالإتفاقيات المختلفة، وما تضمنته من فقرات ونصوص تتعلق بالأسرى والمعتقلين. وأوضح فروانة أن إطلاق سراح الأسرى بالعادة يتم في اطار ثلاثة طرق، إما بانتهاء فترة التوقيف أو فترة الحكم، أو ضمن عملية تبادل للأسرى ، أو في اطار عملية سياسية وما يسمى " حسن النوايا " ، والأسرى ومنذ اليوم الأول لإعتقالهم يتسلحون بأمل تحررهم، ويستمدون منه قوة صمودهم، وليس مهماً بالنسبة لهم بأي طريقة سيتحررون بها، أو الجهة التي ستحررهم عربية كانت أم إسلامية أو فلسطينية ، مقاومة أم عملية سلمية، بانتهاء فترة محكوميتهم أوفي اطار ما يسمى بحسن النوايا ، طالما أن هذا لا يمس المبادئ والثوابت التي ناضلوا واعتقلوا من أجلها . وأعرب فروانة عن ترحيبه بانعتاق أي أسير من سجون الإحتلال ، بغض النظر عن الطريقة التي يطلق سراحه بها ، لأن تحرره يعني عودته لأسرته وأحبته ووضع حد لمعاناته ومعاناة أسرته . واعتبر الباحث فروانة أن الإتفاقيات السياسية لم تكن سوداوية بالنسبة للاسرى كما يصفها البعض ، كما لم تكن ناصعة البياض لتحقق حلم كافة الأسرى بالحرية ، لكنها - أي العملية السلمية - عززت آمال الأسرى بالحرية وحررت فعلياً آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب ، وبما يعادل 90 % منهم ، خلال الفترة الممتدة من إعلان المبادئ في أوسلو في سبتمبر 1993، ولغاية سبتمبر 2000 ، في وقت عجزت فيه الفصائل الفلسطينية مجتمعة ، عن تحرير ولو أسير واحد ، منذ تاريخ 20 مايو / آيار 1985 ، أو بمعنى أدق منذ عملية تبادل الأسرى التي عرفت بـ " عملية الجليل " والتي جرت ما بين حكومة الإحتلال والجبهة الشعبية - القيادة العامة . واضاف فروانة:" أن هذا لا يعني رضانا التام عن مسار العملية السلمية ودور المفاوض الفلسطيني بالنسبة لقضية الأسرى ، لأنها حملت أخطاء كبيرة في اوسلو ، وتضمنت ثغرات عدة في الاتفاقيات اللاحقة" . ومع ذلك يؤكد فروانة:" أننا لم نفقد ثقتنا بالمقاومة ، كما يجب أن لا نفقد ثقتنا بالعملية السلمية في تحرير الأسرى ، فالأدوار يجب أن تكون تكاملية لمصلحة الأسرى وتحريرهم" . افراجات " حسن النوايا " كانت أفضل حالاً من عملية التبادل مع حزب الله عام 2004 بالنسبة للأسرى الفلسطينيين: وكشف فروانة أن عملية التبادل ما بين حكومة الإحتلال وحزب الله في يناير 2004 ، شكلت خيبة أمل بالنسبة لعموم الأسرى وذويهم ، رغم أنها تضمنت إطلاق سراح ( 431 ) معتقل إلا أنها جاءت وفقاً للشروط والمعايير الإسرائيلية المجحفة وغالبيتهم العظمى كانت قد شارفت محكومياتهم على الإنتهاء . ويقول فروانة أن الفلسطينيين لم يشعروا بالفارق الإيجابي ما بين افراجات صفقة التبادل هذه ، وما بين افراجات " حسن النوايا " التي تتم في اطار العملية السلمية ، بل أن الافراجات التي أعقبت مؤتمر شرم الشيخ 2 أوائل عام 2005 ، كانت أفضل حالاً . وأعرب فروانة عن أمله في أن تنجح الفصائل الفلسطينية ومنظمة حزب الله اللبنانية في تكرار " عملية الجليل " بشروطها ومعاييرها وبنوعية الأسرى الذين تحرروا بموجبها ، وأن يتم تحرير ما لم تستطع تحريرهم العملية السلمية ، وأن تتكامل الأدوار لمصلحة تحرير الأسرى . وأوضح فروانة أنه وحين التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بتاريخ 13 سبتمبر 1993 في أوسلو ، كان عدد الأسرى والمعتقلين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ( 12500 ) معتقل، وحينما اندلعت انتفاضة الأقصى 28 سبتمبر 2000 ، كان عدد الأسرى ( 1250 ) أسير ومتبقى منهم لغاية الآن ( 540 أسير فقط ) ، بمعنى أن العملية السلمية قد تمكنت من الإفراج عن ( 11250 أسير ) أي ما نسبته (90 % ) من مجموع الأسرى ، باستثناء عدد قليل تحرروا بعد انتهاء فترة محكوميتهم . وبهذا الصدد يقول فروانة ، أن هذه الأرقام تقودنا الى الإستنتاج بأن العملية السلمية بمجملها والإتفاقيات السياسية المختلفة كإتفاق أوسلو واتفاق القاهرة ، طابا ، واي ريفر وشرم الشيخ ، حقّقت إنجازات كبيرة لا يمكن إغفالها أو القفز عنها ، و هذه حقائق ايجابية يجب أن نسجلها للمفاوض الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية . وأكد فروانة أن تلك الإفراجات لم تكن مجرد أرقام فحسب ، بل شملت المئات ممن كانوا يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة أو لمرات عدة ، وعدد من الأسرى ممن أمضوا فترات طويلة في الأسر، كما وشملت عددًا محدودًا من أسرى القدس ومناطق 48 ، وامتدت لتشمل العديد من أسرى " الدوريات " العرب ، فمنهم من عاد لوطنه الأصلي ، ومنهم من فضّل البقاء والإقامة في غزة ، بالإضافة طبعاً لأسرى من الضفة والقطاع ، كما أفرجت عن العديد من الأسرى القدامى الذين أمضوا سنوات طوال في الأسرى أمثال الأسير أحمد أبو السكر الذي أمضى 27 عاماً في سجون الاحتلال وكان آنذاك أقدم أسير فلسطيني ، وذلك عشية لقاء السيد الرئيس محمود عباس الذي كان آنذاك رئيس الوزراء الفلسطيني ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون بتاريخ 29 مايو 2003. الإتفاقيات تضمنت أخطاء كبيرة و ثغرات عديدة: وعلى الرغم من تلك الإيجابيات والإنجازات ، انتقد الباحث فروانة اتفاق أوسلو والإتفاقيات الأخرى لأنها تضمنت أخطاء كبيرة وثغرات عديدة كما قال ، وغابت عنها النصوص الواضحة والصريحة التي يمكن أن تُلزم حكومة الاحتلال بالإفراج عن جميع الأسرى دون استثناء أو تمييز وضمن جدول زمني واضح ومرتبط بتنفيذ الخطوات والالتزامات الأخرى من الاتفاق، ولقد قُسّمت عملية الإفراج عنهم إلى مراحل لم تحدّد زمنيّاً ، وبعض تلك الإتفاقيات تضمنت نصوصاً منقوصة وغير شاملة . ويقول فروانة :" أن هذا الأمر ترك الباب مشرعاً أمام حكومة الاحتلال لتماطل في التنفيذ تارة ، وللتنصل من التزاماتها تجاه الأسرى تارة أخرى ، ومكنّها من تجزئة قضيتهم والتعامل معها كقضيّة إنسانيّة بحتة ووفقًا لحسن النوايا ، وتعاملت مع أي استحقاقات تجاه الأسرى من جانبٍ واحدٍ، فكانت دوماً هي الجهة الوحيدة المخوّلة بوضع كشوفات الأسماء للأسرى المفرج عنهم وفقاً لشروطها المجحفة ، ولغاية اليوم لم تنجح السلطة الوطنية في احداث تغيير جوهري على تلك المعايير ، التي مزقت وحدة الأسرى ". الإتفاقيات تجاهلت الأسرى المقدسيين وأسرى مناطق الـ48: وفي هذا السياق انتقد فروانة بشدة تلك الإتفاقيات التي تجاهلت بالمطلق قضية الأسرى المقدسيين والأسرى من المناطق التي احتلت عام 1948 ، مما كرَّس المنطق الإسرائيلي في التعامل معهم ، الذي يعتبر أن سجنهم والأحكام الصادرة بحقهم هو شأن داخليّ وأن قوانينها تنطبق عليهم مثلهم مثل باقي مواطنيها ، في حين تحرمهم من الإمتيازات التي يحصل عليها السجناء اليهود ، هذا في ظل ضعف المفاوض الفلسطيني في متابعة ملفهم والعمل على تحريرهم ، كما واستثنت الإتفاقيات الأسرى العرب الذين اعتقلوا على خلفية الصراع العربي - الإسرائيلي . وأوضح فروانة أنه إذا كانت اتفاقيتا طابا والقاهرة تناولتا نصوصاً صريحة وان كانت منقوصة ، فإن مذكرة "واي ريفر" الموقعة في 23 أكتوبر1998 في واشنطن ، وبدلاً من أن تتجاوز الثغرات السابقة جاءت عكس ذلك تماماً ونسفت كل ما تم انجازه سابقاً في اتفاقيتي القاهرة وطابا ، ولم تتضمن أي نص صريح يتعلق بقضية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وإنما كان الحديث حول تعهد إسرائيلي بضمان أميركي للعمل على إطلاق سراح ( 750 ) أسيراً على ثلاث دفعات بواقع ( 250 ) أسير في كل دفعة وكالعادة أخلت " اسرائيل " بتعهدها . وأضاف فروانة أن اتفاقية شرم الشيخ الموقعة بتاريخ 4 سبتمبر 1999م جاءت لتعالج جزءاً من ذاك الخلل وأوردت نصوص واضحة في البند الثالث أبرزها : أن الحكومة الاسرائيلية ستفرج عن المعتقلين الفلسطينيين الذين ارتكبوا مخالفاتهم قبل 13 ايلول 1993 والذين اعتقلوا قبل 4 أيار 1994 ( أي قبل إعلان المبادئ وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية ) ، وأكد فروانة أنه أفرج عن الكثير منهم ، لكنه أعرب عن أسفه لإستمرار احتجاز " اسرائيل " ( 356 أسير ) منهم لغاية اليوم بحجة أن " اياديهم ملطخة بالدماء " . وبيَّن فروانة في دراسته التي سينشرها كاملة على موقعه فلسطين خلف القضبان ، أنه واستناداً للإتفاقيات السابقة فإن موقف المفاوض الفلسطيني المكلف بمتابعة قضية الأسرى كان متذبذباً ولم يكن ثابتاً، وسار بشكل متعرج وليس تصاعدي، مما يخلق انطباعاً بأن الطاقم المفاوض الخاص بالأسرى تحديداً لم يكن ثابتاً ، وأن قضية الأسرى لم تحظى بنفس الأولوية بالنسبة للمفاوض بشكل عام في كل الإتفاقيات. |