وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الخريج والمعلم ؛ نفذَ صبري وضعِفَ بَصَري من قلة العمل وضيق المعاش

نشر بتاريخ: 10/10/2016 ( آخر تحديث: 10/10/2016 الساعة: 14:02 )
الخريج والمعلم ؛ نفذَ صبري وضعِفَ بَصَري من قلة العمل وضيق المعاش
الكاتب: ياسر عبد الله
الخريج والمعلم لأصحاب القرار؛ نفذَ صبري وضعِفَ بَصَري من قلة العمل وضيق المعاش

بعد مرور عام على سياسة التطوير التي أوهمت بها الوزارة المواطنين عبر بالونات إعلامية ومشاريع تطويرية منسوخة؛ تطوير التوجيهي جديد، تغيير أم تطوير؟ أم ترميم؟ المناهج الدراسية بصورة كلِّية وشاملة، دمج التعليم التقني في التعليم المدرسي، برنامج رقمنة التعليم بالتعاون مع البلديات، وعدد من الدول الصديقة.
كلها وغيرها تتلاءم مع مقتضيات التطوير. خطط حتى العام 2030، مخرجات تعليم تعكس الطموحات الوطنية، وتحقق التطور المنشود، وتحسين نوعية التعليم. كل ذلك جاء من خلال بالون إعلامي بعنوان “عام من التطوير. أين أصبحنا؟ وكيف واجهنا التحديات؟

تطوير، تطوير، تطوير، لقد تصدعت رؤوسنا من التطوير ومازال قطاع التعليم يعاني من قضايا جوهرية وحاسمة في مستقبل التعليم في فلسطين، ولم نشهد أي تطوير فيها إلا من خلال التصريحات والخطط التي نسمع فيها من فترة إلى أخرى في وسائل الإعلام. فنحن على علم ويقين بأنه قبل تطوير وتحسين أي منتج، يجب العمل على تسويقه بصورة كبيرة وترغيب الشارع فيه فعندما يجتمع أربعة أو ثلاثة خريجين في نفس العائلة بلا عمل وبتقديرات مرتفعة، فما هو جدوى التطوير؟ ومن سيثق بالتعليم؟ تخدم مَنْ سياسة التجهيل هذه؟( فهل يجد الاحتلال أدنى صعوبة في تحقيق أهدافه ولديه الكفاءات العالية في تحقيق مخططاته؟)

فهل سألوا القائمون على التطوير أنفسهم هذه الأسئلة! أنا أطور، أٌعلم، أُنفق، والنهاية؟؟ فلا تطوير تشكروا عليه إذا لم يشمل ما يلي:
عدم مواءمة مخرجات الجامعات مع سوق العمل:فقضية بطالة الخريجين ما زالت قضيتهم عالقة والأعداد تتزايد كل عام أكثر من 4000 خريج بلا عمل والوزارة تنظر إليهم بابتسامة عريضة وتقول لهم "احنا مهمتنا تطوير التعليم وليس حل مشكلتكم". أي تطوير ؟؟ بالرغم من أن السبب في ذلك هو سياسات وزارة التربية التراكمية على مر السنين دون تقييم لتلك السياسات.
رواتب المعلمين: قيمة راتب المعلم بعد ثلاثين عاما من الخدمة لا يصل لنصف راتب سكرتير أو سكرتيرة وزير بدرجة C، الفرق هائل في الدرجة والراتب، وكذلك مقارنته مع راتب مدير مديرية تربية وتعليم، وهو مسؤول عن عشرات أو مئات وحتى آلاف المعلمين في بعض المحافظات إضافة الى درجات مدراء المدارس والمديريات، لا تتلاءم مع درجات الموظفين العمومين في الوطن.
بيئة المدرسة: الإهمال في تحسين بيئة المدرسة صيفا وشتاء، عدد الطلاب في الصفوف، الموصلات، التجهيزات الصفية، مراكز تأهيل المعلمين .
الإشراف التربوي: واختيار المشرفين وفق معايير بعيدة عن المهنية والكفاءة وغياب التقييم للمشرفين، واعتماده على زيارة واحد لا تزيد عن نصف ساعة لتقييم المعلم، وانشغالهم بأكثر من ثلث وقتهم في دورات وورشات وزيارات على حساب المعلم والطالب وارتباط عدد من المشرفين ببرامج مع مؤسسات ال NGOS في أوقات الدوام الرسمي وبتغطية قانونية، فالمشرف بالعادة لا يستخدم إجازته السنوية فلديه الوقت الكافي في أوقات الدوام لقضاء الكثير من أعماله الخاصة .

الثانوية العامة: أما قضية التضليل في نتائج امتحان الثانوية العامة والعلامات المرتفعة لهذا العام في الفرع العلمي وكانت النسبة "85.2%". وهي أعلى نسبة نجاح في الأعوام السابقة؛ وهذا يتناقض مع نتائج امتحان "التميس" للعام 2012 “ حيث تبين أن فلسطين جاءت بالمرتبة الـ36 تنازليا من أصل 46 في الرياضيات و34 في العلوم وهؤلاء هم نفس الطلبة الذين أعلنت الوزارة أن نسبة النجاح لهم في الفرع العلمي 85.2% .

القوانين: وفي مجال تطوير قوانين التربية أوضح وزير التربية " أنه تم صياغة قانون جديد للتربية والتعليم، بدلاً من القانون القديم الذي يزيد عمره عن خمسين عاماً، بمشاركة مجتمعيَّة واسعة، وليتضمَّن العديد من المواد التي تشكِّل ركيزة لتنظيم وتطوير العمل التربوي" باستثناء قانون امتحان التوظيف وبالرغم من وعود بالنظر فيه، لم تضمنه الوزارة في مسودة القانون الجديد في تحدي واضح وصريح للخريجين في الوطن.

المعلم: وشدد الوزير على “سعي الوزارة الدائم للنهوض بواقع المعلمين والموظفين، وتحسين أوضاعهم، إيماناً بدورهم الطليعي والتربوي، والمضي قدماً في دعمهم ومساندتهم حتى تحقيق كل مطالبهم العادلة" عذرا على أرض الوقع ما زال المعلم يعاني من صعوبة الحصول على لقمة العيش ويعمل في مهن لا تليق في وظيفة المعلم بعد انتهاء الدوام من أجل تحصيل أقساط ابناءه في الجامعة وتأمين المسكن والملبس للأولاد وحتى المعلمين الجدد أيضا يعملون في مهن لا تليق بهم بعد الدوم من أجل بناء بيت وجمع مصاريف الزواج ؛ فالواقع ما زال مختلف تماما عن التصريحات والخطابات.

الجامعات : في ظل غياب الدور الرقابي على الجامعات فقد تحولت إلى شركات "التكلفة ثابتة والإنتاج والأرباح متزايدة، التخصصات المكررة ولا تتلاءم مع سوق العمل، وافتقاد التخصصات النادرة، عدم استقطاب الكفاءة ، إهمال حملة الدكتورة لارتفاع التكلفة وتفضيل حملة الماجستير عليهم ، تهميش البحث العلم والتصنيف الدولية للجامعات فيجب أن يوضع قانون، ينص على أن جامعة فلسطين لا تظهر خلال خمس سنوات على الأقل مرة واحد ضمن تصنيف شنغهاي، أن يكون هناك إعادة نظر في ترخيصها وبقائها، وكذلك غياب حوكمة الجامعات، وحق الحصول على المعلومات يجعل انتشار بعض مظاهر الفساد يخترق المؤسسات التعليمية .

غياب الرقابة: وقضية بيع الأبحاث للطلبة أمام الجامعات في المكتبات في ظل غياب الرقابة إضافة إلى عدم احترام حقوق الطبع من خلال تصوير الكتب كمساقات للجامعات على حساب حقوق الطبع والنشر.
اعتقد أن التعليم في فلسطين بحاجة إلى عملية "هندرة" كاملة في الطواقم الإدارية والفنية وليس الاكتفاء بترميم هنا وهناك واجتهادات فردية لم ترتقِ إلى ابجديات التخطيط الاستراتيجي المبنى على دراسة احتياجات سوق العمل وآليات البناء والتطوير التربوي.