وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الكل رهن البنوك

نشر بتاريخ: 31/10/2016 ( آخر تحديث: 31/10/2016 الساعة: 10:43 )
الكل رهن البنوك
الكاتب: بهاء رحال
في مساحة صغيرة جغرافياً، يزدهر فيها عمل البنوك التي جاوز عددها خمسة عشر بنكاً وهذا عدد كبير جداً قياساً بالمساحة الجغرافية والعدد السكاني الذي يكاد يصل المليوني شخص اكثر من نصفهم من الشباب والأطفال الذي هم دون الثمانية عشر عاماً، والى وقت قريب كانت هذه المساحة الجغرافية تحقق اكتفاءً ذاتياً دون الحاجة الى القروض، تلك القروض التي في السنوات الاخيرة رهنت الناس بشكل طوعي الى بنوك تسعى لتحقيق ارباحاً كبيرة خاصة وقد استطاعت ان تجعل الناس جميعاً مرهونين لها، من السياسي الى الموظف الى العامل والدبلوماسي والأجير والغفير وكل فئات المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية اصبحت مرهونة لتلك البنود التي تنمو ارباحها وتحقق عائدات مهولة وتجني ارباحاً كبيرة تعلن عنها مع نهاية كل عام، عبر موازناتها الضخمة التي تفسر تلك الارقام، بينما لا اجد أنا تفسيراً لها خاصة في بلد يفتقر لكل الموارد الاساسية في الزراعة والصناعة ودورة الانتاج، وهذا ما يجعلني ان اضع التساؤل حول عدد البنوك العاملة هنا، فهل لهذا العدد الضخم تفسيراً لدى خبراء الاقتصاد والمال؟! ام ان هذه الظاهرة ليس لها تفسير كالعديد من الظواهر الاخرى التي لا تجد أي تفسير لها، مثل المركبات العمومية التي تزيد عن حاجة السوق وأعداد المركبات الخاصة التي تزيد عن سعة الشوارع الضيقة والجامعات التي تخرج للسوق اعدادا كبيرة في ذات التخصص الواحد، وغيرها الكثير من الزيادات، فنحن نزيد في كل شيء من لا شيء.

السوق الفلسطيني الفقير والذي يحتاج لأدوات تمكين حقيقي لكي تنقذه من حالات الانهيار بفعل عوامل كثيرة من ابرزها الاحتلال الذي يمنع سبل تحسين وتطوير قطاعات العمل الفلسطيني الخاص والعام، وهذه الادوات من التمكين المفقودة في واقعنا الحالي لان الدور الذي تلعبه البنوك هنا لا يمكن ان نراه من هذه الزاوية من التمكين نظراً لان ارباحها العالية التي تفصح عنها مقارنه بالمديونية التي تقع على عاتق المواطن لهذه البنوك توجب النظر بالأمر وتفصح عن الدور الربحي الكبير الذي لا يقع تحت بنود التمكين الاقتصادي، وهنا تمكن ضرورة مراجعة النظام المصرفي والرقابة اكثر على عمل تلك البنوك خاصة من الجهات الحكومية المسؤولية وعلى رأسها سلطة النقد الفلسطينية التي يجب ان تضع معايير تقي المواطن من شر القروض في ظل واقع فلسطيني اقتصادي صعب للغاية يعيشه المواطن، وكي لا يكون المواطن ضحية لتسابق القروض عليه وتعاظم الفائدة وعمليات السداد التي تزيد العبء المالي وتؤدي الى اوضاع اقتصادية صعبة تعيشها العائلات الفلسطينية على حد سواء.

وانا اكتب هذا المقال، التقيت بصديق لي كان يشكو من قرض سينتهي من سداد بعد عشر سنوات، وحين تحققت منه عن قيمة القرض فكان حوالي 42 الف دولار، والمدهش بالأمر انه جاء يقول لي ان بنكاً آخر عرض عليه شراء قرضه من البنك المقترض منه الاول مقابل ان يزيد له مبلغ القرض بضعة آلاف، وهذا ما جعلني ان التفت الى ما هي الاسباب التي تجعل البنوك تتسابق لمنح القروض وتتلقف المواطن بهذه الطرق التي جعلت من كافة الناس رهن قروض طويلة الأمد، قروض سيعيش المواطن عمره ليسدد اقساطها اذا استطاع ذلك في النهاية وقبل ان يخطفه الأجل.

وهنا اضع السؤال المشروع التالي، وهو هل حقاً مساحة جغرافية بحجم الضفة الغربية سكانها حوالي 2 مليون نسمة ومواردهم الاقتصادية محدودة وضئيلة ولا يوجد تواصل جغرافي تام بينهم وأراضيهم سرقتها المستوطنات وفصلها الجدار وحواجز الاحتلال المنتشرة ولا يسيطرون الى على نسبه قليلة من الاراضي الزراعية، تحتاج لهذا العدد الهائل من البنوك؟