|
أربعينية الشهيد ناهض حتر
نشر بتاريخ: 04/11/2016 ( آخر تحديث: 04/11/2016 الساعة: 12:23 )
الكاتب: حمادة فراعنة
سألت مسؤول حكومي رفيع المستوى لماذا سجنتم ناهض حتر ، أجاب : لسببين أولهما لإمتصاص حالة الأحتقان والتوتر والأنفعال التي إنفجرت في وجهه ضده ، وثانيهما لحمايته من الأذى ، قبلت بالجواب لأنه يعبر عن حس بالمسؤولية وخلق حالة من التوازن والأتزان وبدوافع طيبة كما سمعت وكما قيل لي ، ولكن ماذا كانت النتيجة ؟؟ .
إعتقال ناهض حتر تحول إلى سلاح ضده بإعتباره مذنباً ومداناً ولهذا إتخذت الحكومة إجراء بتوقيفه ، ولما خرج لم يعجب الطرف المتطرف فالعقوبة غير كافية في نظره ولهذا إعتمد على منطق إدانته ونفذ العقوبة التي يرى أنها الشكل الوحيد لمواجهة ناهض رغم أنه قدم إعتذاره وأنه لم يقصد المس بالذات الألهية ، خاصة وأنه لم يقم برسم الخربشات المؤذية لضمائرنا ، وناهض شخصية سياسة نافذة ، وكاتب لامع ، وصاحب مواقف غير مساومة على ما يرى أنه صحيحاً ، وطبعاً ليس بالضرورة أن ما يراه صحيحاً ومنطقياً ومقبولاً لدى الأخرين . النتيجة لم تكن وفق تقديرات المسؤول الحكومي ، نحو ناهض حتر ، فالأستيعاب وإمتصاص نوايا الفعل المتطرف وتليين الأجواء وترطيبها لم تكن في محلها ، بل إلى شحن المتطرف الذي وظف توقيف ناهض حتر بإعتباره إدانة حكومية مسبقة له ، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في مجمل السياسة وخلق الأجواء التي تجعل من اللفظ الكلامي المتطرف منبوذاً ، وأن اللفظ الكلامي هو الذي يوفر الأجواء لإرتكاب حماقة الفعل المتطرف . جريمة قتل ناهض حتر ستأخذ مجراها القانوني والعدالة هي التي تحكم على مرتكب الجريمة ، ولكن الخسارة وقعت برحيل ناهض حتر ، وإغتياله ، فهل تم الأستفادة من إستشهاده ؟ هل عملنا على أن لا يكون الأغتيال هو وسيلة حسم المواقف والتباينات والخلافات السياسية . لا شك أن هزيمة داعش بداية في العراق مروراً بسوريا إنتهاءاً بكل موقع يمكن أن يكون فيه داعشي ، سيؤثر على سلوك كل الذئاب الكامنة حتى ولو صادف أحدهم وقام بفعل نجح من خلاله إيذاء البعض ، ولكنه سيبقى فعلاً معزولاً مؤذياً لصاحبه ولمن تصل يداه المؤذية نحو الأخرين . لقد قدم قادة الدولة تعازيهم لأسرة الفقيد ، وهذا لا شك أنه خفف عليهم مصابهم ، ومنح الأصدقاء سكينة أن حياة ناهض حتر وخسارتها لها وقع مؤثر على أصحاب القرار ولكن عدم السماح بعمل تأبين ملائم لكاتب وسياسي ومواطن بمكانة ناهض ، وعدم الرد على عملية الأغتيال عبر تأبين مناسب ، إنما هي رسالة سلبية وخطيئة جديدة كتلك التي تمت على أثر عملية توقيفه لدوافع طيبة كانت نتيجتها أنها وفرت إصدار قرار الأعدام من قبل القاتل على ناهض حتر . الذين لم يدركوا أهمية توظيف إغتياله لصالح إرساء قيم التعددية والديمقراطية وإحترام الأخر لا يدركوا مخاطر الحديث عن تعديل المناهج المدرسية وإستهداف ذوات محترمة مثل ذوقان عبيدات وحسني عايش وزليخة أبو ريشة وغيرهم من التربويين الذين رفضوا وتصدوا للنهج الظلامي ولتراث حركة الإخوان المسلمين السياسي الحزبي الذي تحكم لأكثر من خمسين عاماً في المناهج الدراسية لدى وزارة التربية ، وخطابات المساجد لدى الأوقاف ، وإدارة الجامعات نحو فكر سياسي غير منفتح وغير علمي وإستبدادي ، وتوظيف الدين لرؤى حزبية كما فعلت القاعدة ، وكما تفعل داعش ، ومعهم أحزاب ولاية الفقيه ، والفرق بينهم ، بين أحزاب التيار الإسلامي ، هو فرق بالدرجة لا بالمضمون ولا بالمعنى . الدين رحمة وسكينة للإنسان المضطرب ، وهو حالة ضميرية لتهذيب النفس نحو إعتلاء القيم والتمسك بها وتأثيرها الأيجابي على سلوك البشر ، لا أن يكون الدين غطاء للجرائم بحق الأخر الذي نختلف معه بالأجتهاد أو بالرؤية أو بالسلوك . حفل تأبين ناهض حتر ضرورة يجب تسهيلها لا أعاقتها بقرار ضيق لا يستوعب أهمية إنتصار التعددية والديمقراطية وإحترام الأخر حتى ولو إختلفنا معه . |