وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل المؤتمر السابع مخرج لأزمات حركة فتح ؟

نشر بتاريخ: 09/11/2016 ( آخر تحديث: 09/11/2016 الساعة: 11:27 )
هل المؤتمر السابع مخرج لأزمات حركة فتح ؟
الكاتب: نافذ الرفاعي
بما أن الموضوع الجوهري حول امكانية أن تعقد حركة فتح مؤتمرها محل تساؤل وتسشكيك من البعض، ومحل تأكيد وتوكيد واصرار على انعقاد المؤتمر في نهاية تشرين الحالي من الاخرين.

واذا ما انعقد المؤتمر وبغض النظر عن الاجندات الفردية المراد للمؤتمر أن يحملها ، الا أنه يحمل مسؤولية تاريخية تجاه هذه الحركة وتطويرها كقوه سياسية ديموقراطية علمانية، تحمل مشروع كفاحي نهضوي ، لتحقيق مهامها التاريخية في التخلص من الاحتلال والتخلف، وبناء مجتمع عصري ديموقراطي يحقق أحلام الثوار في توفير الطب والتعليم والعيش الكريم.

لذا فان اية قراءةً للتحديات التي تواجهها هذه الحركة، تتطلب الإمعان في تحليل واقعها الحالي، وتحديد أزماتها والتشوهات التي اصابت هياكلها والبنى الحركيه، ومجمل العوامل والظروف التي أدت إلى تكلس الهيئات القياديه، وانحسارها في ظل غياب التجديد الديموقراطي وتدافع الاجيال واثر العوامل العربية والاقليمية والاحتلال .

من خلال تأخير عقد مؤتمرها السابع أضحت الحركة تعج بالكثير من التساؤلات المبنيه على الطعن وغياب المسؤولية وغياب المحاسبة.

وتكرست المعوقات والعوامل المانعه للتغيير داخل حركة فتح، الا ان بقاء الوضع الحالي اضحى يهدد استمرارية وجودها، لذا لا بد من استشراف فرص إلاصلاح والتغيير والتجديد وملء الفراغات واعادة توزيع المهام، فلا مناص من انعقاد المؤتمر السابع كمخرج طبيعي لمجمل ازماتها .

الا ان انعقاد المؤتمر السابع يواجه معيقات هائلة، ولا مناص من تذليلها ، لان المؤتمرقد يشكل الفرصة الاخيرة امام بقاء حركة فتح أو تشرذمها، رغم ما يحاوله البعض من تصميم للمؤتمر السابع على انه تقاسم ومحاصصه وتوزيع الإرث، ويصر اخرون على انه عملية جراحية عميقة لازالة التشوهات التي احاقت بالحركة، وعملية نهوض من التردي وانطلاقة وتجديد.

يحمل المؤتمر السابع في ثناياه وطياته معاني كثيفة، ويعبر عن مفاصل هامة في الحياة السياسية الفلسطينية العامة، كما ان له تداعيات جوهرية على الصعيد التنظيمي والسياسي الداخلي للحركة ذاتها، وتاثيرات جوهرية على مستقبل العلاقات الداخلية ما بين القوى السياسية الفلسطينية، سواء على صعيد قوى منظمة التحرير الفلسطينية، او على مستقبل العلاقات مع حماس والقوى السياسية الاسلامية الاخرى.

انطلاقا مما سبق وعودة الى السياق التاريخي للمؤتمر السابع لحركة فتح، وكل هذا التاخير ومسبباته وتداعياته تفرض حضورها على اجندة المؤتمر بشكل عميق وجوهري من حيث المسائل التالية:-..........

• الوضع التنظيمي:- وما تعانيه الحركة من تزاحم في الكادر والكفاءات نتاج التراكم داخل الحركة في ظل توقف الحياة التنظيميه، ووضع سقف حديدي أمام الكادر الوسيط للتقدم نحو المراتب القياديه، مما تسبب بتزاحم وتجمع للكادر الوسيط، وممارسة الإقصاء من خلال الظروف الذاتية للحركة، فلا مفر من هذه الازمة العميقة الا بانعقاد المؤتمر كحل استراتيجي، تجري من خلاله اعادة انتشار الكادر التنظيمي في مهام وادوار واضحة، تلبي طموحات التطور والتقدم التنظيمي على صعيد المراتبية داخل الحركة، واستناده الى التطور التنظيمي لاحقا من خلال الفعل والوعي والانجاز.

• الوضع السياسي :- تفرض الاستحقاقات الفكرية والسياسيه ذاتها بقوة نتاج المتغيرات على كافة الصعد السياسية، وما اصاب معادلات الصراع الدولي واعادة تشكل معسكر الاصدقاء والداعمين للقضية الفلسطينية،ودخول اوسلو، وانتفاضة الاقصى، والتداعيات المختلفة، الى ضرورة تعديل مبادئ وأهداف ومنطلقات حركة فتح، علما ان مشروعها الوطني والتحرري لم يصل إلى نهاياته، واذا تعذر ذلك فامكانية تبني برنامج سياسي مخرج مؤكد.

• الظروف الذاتية :-ان ما واجهته الحركة من تغيرات جوهرية ذاتية، وانتقالها من حركة سرية سياسية مقاومة الى حركة علنية تتداول السلطة، وما يندرج تحت هذا الاطار من ضرورة ايجاد مسوغات تنظيمية، ومراجعة للهياكل والبنى ومدى تاثيرهذا التحول من الثوري الى البناء، وما ينتج من استحقاقات لهذا التحول من الدمج او الجمع، وبالتالي من تغيير الى تعديل على البرامج واساليب العمل الثوري والكفاحي.

• العلاقة بالقوى السياسية الفلسطينية :- اعادة قراءة معادلات التناقضات وبشكل دقيق وعلمي ، وتحديد معادلة الصراع، والبت نهائيا في التناقضات الداخلية كدرجة ثانوية تصل الى درجة الخصومة السياسية وليس الصراع الحدي او الوجودي، وان درجة العلاقة مع الفصائل الفلسطينية مبنية على التحالفات ووحدة الدم والمصير، كل ذلك برغم الصدام الدموي والانقلابي مع حماس، فهناك ضرورة الى اعادة التناقض الى درجته المتدنية، وتحديد درجة التناقض الثانوي وحدية التضاد من خلال الرؤى الاجتماعية، وتحديد الخصم المركزي بالاحتلال ، وضرورة اعادة بناء السلطة الوطنية الفلسطينية، على اسس ديموقراطية وتعزيز التداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات دورية شفافة.

• الاصلاح الداخلي :- لا شك ان حركة فتح متعبة ومثقلة بالخسائر التي اصابت جسدها نتاج المواجهة المستمرة، والتي ما زالت حتى الان مع الاحتلال الاسرائيلي، ولم تلملم اوراقها، ولم تعالج اثار الهزيمة الساحقة في الانتخابات التشريعية، ولم يتم الوفاء بالوعود التي قطعتها في الانتخابات الرئاسية من توفير الامن والامان للمواطن، وكذلك من مكافحة للفقر وتوفير لقمة العيش. ولقد ترهلت البنى التنظيمية والحركية نتاج عوامل متعددة، منها انصراف عدد ضخم من الكادر للعمل الامني في السلطة، وفقدان الحركة كادر كبير في المعتقلات والاستشهاد والمواجهة المستمرة مع الاحتلال، واستشهاد القائد ياسر عرفات، والتحولات في الرؤيا نحو رؤية ابو مازن المستندة الى المفاوضات والتي وصلت الى انسداد، وترهل العمل التنظيمي لسنوات عدة، والانصراف عنه للاهتمام باوضاع اخرى.

كل ذلك يفرض على الحركة عمل مراجعات قد تصل الى تغير ثوري وعميق، وقد تنحسر في عمل إصلاحي هش وترقيعي مبني على الإيقاظ، ولا يحقق النهوض.
لذلك لا بد من ان تشمل هذه المراجعات الانتخابات التشريعيه والبلديه الأخيرة، ولا بد من التوقف مطولا وبمسؤولية عميقة وواضحة، وتحليل الاسباب ووضع المعالجات التي تنهض بالحركة من جديد.

هذه المراجعات تحدد انطلاقة جديدة للعمل على الصعيد الداخلي وصعيد العلاقات مع الفصائل وتحديد درجة التناقض على الصعيد الوطني والداخلي. ويجب ان تشمل هذه المراجعات الموقف من اوسلو وما تم تحقيقه وما لم يتم، ويجب ان لا تفرض المغالطات السياسية نفسها كحقائق مطلقة تستنفر الهمم للدفاع عنها، فمشروع اوسلو كما يطلق عليه البعض مشروع سلام، ليس الا ممر إجباري ، ثبت انه لا يقودنا إلى تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني . وبالتالي لا علينا أن نتعامل معه بقداسة مصطنعه، بل يجب أن نصفع مساوئه، والتخلص من سوء الأداء في التعامل معه، وضرورة التوقف من جديد أمام الاستحقاقات السياسيه التي تفرض نفسها، وصولا الى خطوة متقدمة بعدما ثبت انه محطة سياسية رثة لا تستحق أدنى توقعاتها.

رغما عن ذلك لا بد من اعادة القراءة السياسية للتطورات على الساحة الفلسطينية والعربية، وضرورة صياغة خطة جديدة ورؤيا فلسطينية تستند الى التجربة العميقة من الصراع والمقاومة والثورة، اولويتها التخلص من الاحتلال الاسرائيلي، واعادة التوضيح والتوعية لخارطة الصراع، وتبيين معادلاته، وترسيم مكانة التناقضات وحديتها وتحديد التناقض المركزي بالاحتلال الاسرائيلي، وكذلك يجب اعادة صياغة برنامج سياسي وطني، ووضع ارجل لهذه الرؤية، واليات عمل موحد.، وامكانية خلق بدائل امام انسداد الافاق السياسية والتفاوضية .