نشر بتاريخ: 10/11/2016 ( آخر تحديث: 10/11/2016 الساعة: 20:01 )
وقد جاء إنتهاء حل الدولتين سياسيا بعد تسليم بعض العرب لإسرائيل كقوة نفوذ ، وما سبقه من وقائع وسياسات إحتلالية حين تبدلت الإستراتيجية الإحتلالية اللتي كانت قائمة على حد تعريفها من قبل صاحبها رابين (هم هناك ونحن هنا) أي بمعنى الفصل ما بين الفلسطينيين والمجتمع الإحتلالي ككيان، واللتي تبدلت بما أسس له شارون (هم هناك ونحن هنا وهناك) وما حققته هذه الإستراتيجية من نتائج لإنجازها كالإنسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة ، وهذا الإنسحاب اللذي أسس لضرب الشرعية الفلسطينية (منظمة التحرير والتمثيل السياسي الفلسطيني) بعد الإنقلاب اللذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة ، ولعل القضية الفلسطينية ذات خصوصية منذ نشوءها بإرتباطها بالقرار الدولي ، وما تغرق به المنطقة من تحطيم لشكل الدولة وإستنزاف أنظمة الحكم في الدفاع عن بقائها ، قد عطل أو حد من فاعلية القرار الدولي إتجاه القضية الفلسطينية ، رغم ما حققته السياسية الخارجية من نجاحات تركت أثرها على المدى القريب والبعيد نسبيا ، واللذي بشكل من أشكال نجاحاته هو ما تم من إعتراف دولي بدولة فلسطين ، وإن كان بجزء مهم من هذا الإعتراف هو محاولة الحفاظ على وجود ما يسمى بحل الدولتين ، وبجزء أخر منه حماية لدولة الإحتلال من بروز للحل على أساس الدولة الواحدة .
وحل الدولتين من منظور إحتلالي أمسى تشريع للإستيطان وتعميق للتطبيع مع الدول العربية دون وجود سقف زماني أو مكاني أوجغرافي لإنهاء الإحتلال ، ولعل قادة الشعب الفلسطيني وقيادة حركة فتح قد لفظت من داخلها كل ما يمكنه القبول بهكذا طرح ورؤية إحتلالية لشكل الحل واللذي يسعى له الإحتلال بمضمونه القيام على أساس ان اللاحل هو الحل ، وقد يكون هذا هو ما يدفع لأن يكون هناك محاولات لسلب الحركة قرارها ودورها، من خلال الكم الهائل من الضغوطات ويأتي بجزء من هذه الضغوطات حملات إعلامية منسقة ومتتالية ، لكسر الغلاف الشعبي من حولها وحول قيادتها.
وستعقد حركة فتح مؤتمرها السابع كما قررت قيادتها بتاريخ 29/11 وهو تاريخ يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني من كل عام ، غير أن هذا التاريخ يحمل تاريخ أصيل وهو يوم القرار الدولي بتقسيم فلسطين التاريخية (29/11/1947) ، وهذه فرصة لعل بها عمق الحاجة لأن يكون ذكرى عقد هذا المؤتمر ردا طبيعي على واقع يفرض ضرورات البحث عن واقعية ملائمة.
وعمل الغرب على دعم فرص تقلد الأخوان المسلمين للحكم في المنطقة ، وقائما هذا الدعم على وجود غطاء سياسي إقليمي (تركيا وقطر) ، لتحقيق مصالح لبعض دول المنطقة ومن ضمنها دولة الإحتلال وبعض دول الغرب ، غير أن هذا المسعى تبدل وتوقف بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر وكذلك تراجع تركيا عن مطامعها بعد إسقاطها لطائرة السيخوي الروسية ، ومن أهم مكتسبات من دعموا وغذوا ووجهوا ما أسمي (الربيع العربي) أن سقطت وكسرت مفاهيم التحرر والحرية على صعيد الأمة ككل ، حين تساوى مسعى الحرية بالإستعانة بالإستعمار(الناتو) ، وحين تلاقت مصالح الإحتلال مع مصالح إدعاء الحرية والتحرر.
وإن فتح كحركة تحرر وطني بقيمتها وتاريخها وتجربتها ، مع قرارها بعدم التدخل بالشأن الداخلي لأي دولة عربية ، لهي صاحبة الدور في إعادة الإعتبار لكل مفاهيم ودلالات التحرر والحرية على صعيد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ، لإعادة ترميم وتعريف هذه المفاهيم ، فصمت فتح لم يقدم لها ما يخدم قضيتها ، ولم يخلق لها حتى اللحظة ما يبعد عنها شر أعداءها.
وإن قيادة حركة فتح ورئيسها قد أخذوا قرارهم لأن يكون عقد المؤتمر هو قرار سيادي وليس سياسي فحسب ، نظرا للظرف الزماني ، وكذلك للبيئة السياسية وإرتدادات ما يحمله الإقليم من تغيرات وتبديلات ، محمولة كل هذه العوامل على ما تسعى له دولة الإحتلال من جدية السعي لتصفية القضية الفلسطينة.