وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"الصحافة الالكترونية مستقبل واعد ومتحف ينتظر الصحافة الورقية"

نشر بتاريخ: 09/12/2007 ( آخر تحديث: 09/12/2007 الساعة: 12:26 )
كتبت عبلة درويش - انطلقت الصحافة المكتوبة في اوائل التسعينات، وانتشرت بصورة واسعة، وصعدت سلم النجاح بسرعة، مهددة انواع الصحافة الاخرى، بتوفيرها الخبر على مدار الساعة وبربطها كافة ارجاء الكون لحظيا، وإن كانت قد بدأت لأغراض بحثية وعسكرية، إلا أن العالم سرعان ما اكتشف أهميتها للجميع، فحسب بعض الاحصائيات فان نسبة مشاهدة المواطنين في العالم للصحافة الالكترونية تقارب الـ 60%، فماد عاد المواطن ينتظر نشرة الساعة التاسعة ليعرف الاخبار ولا الصحيفة المكتوبة ليوم غد، يحتاج ان يعرف الاخبار اينما كان وفي اي وقت ومجاني، فالمستفيد من الصحافة الاكترونية هم الجميع، دليل ان الصحافة المكتوبة "الورقية" اصبحت تنتقل بشكل تدريجي الى الالكتروني.

فقد شكلت انطلاقة الصحافة الالكترونية ظاهرة اعلامية جديدة مرتبطة بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فاصبح المشهد الاعلامي اقرب لان يكون ملكا للجميع وفي متناول الجميع، واكثر انتشارا وسرعة في الوصول الى اكبر عدد من القراء، بذلك تكون الصحافة الالكترونية قد فتحت افاقا عديدة واصبحت اسهل واقرب لمتناول المواطن، ومن هنا انطلقت عملية ضخمة لبث مصادر إخبارية الكترونية تتناول شتى المواضيع و تغوص في عدد من الموضوعات المتنوعة، واثر ذلك، واقتناعا بأهميتها، التحقت غالبية الصحف و الهيئات الإذاعية و التلفزية المرموقة بهذه الموجة، ليصبح الإعلام الالكتروني في ظرف وجيز شديد الخطورة وعميق التأثير سواء على صناع القرار أو من ناحية تشكيل الرأي العام، فلم يعد الرقيب حكوميا كما كان بالأمس بل الرقيب هو أخلاقيات العمل الصحفي والرسالة الإعلامية الموضوعية .

ان سرعة انتشار وصول المعلومات الى اكبر شريحة من المجتمع سواء المحلي او الدولي وبأقل تكاليف، يلعب دورا في تعزيز الديمقراطية في ذلك المجتمع، فالصحافة الالكترونية لا تقتصر على شريحة معينة بغض النظر عن اللون والجنس والجنسية والحزب السياسي والديني والفقير والغني والمسؤول والمواطن، سواء بالقراءة او المشاركة او ابداء الرأي، فيقوم الصحفي وبدون رقابة حكومية، بطرح مشاكل مجتمعه وسبل حلها واراء المواطنين واقتراحاتهم، وانتقاداتهم على الحكومة او الرئاسة، اي او قطاع خاص، فبكون الصحافة الالكترونية لا يطبق عليها قانون النشر والمطبوعات، فيكون الوعاء الكبير للمجتمع فيعزز دوره في المشاركة في صنع القرار، ويعزز مفهوم الديمقراطية.

كما وان سرعة استجابة القارئ او المتلقي للمعلومة تعرب عن مدى اطمئنانه ومدى راحته وسعة وعاء الصحافة الالكترونية، فيعرب عن رأيه ويكتب تعليقه وتنشر بسرعة كبيرة، فبتالي يبني علاقات قوية بين افراد المجتمع سواء بين الصحافي والمواطن او بين المواطن والاخر او المواطنين والصحافيين، باعادة التعليق او النقد على التعليق، او امكانية اتصال المواطن على المؤسسة الصحافية التي تعمل في الصحافة الالكترونية للسؤال عن اي قضية منشورة ويسال متى سنشر تعليقه بعد التنقيح، فيما لا يستطيع القارئ والمواطن ان يعلق على الصحافة المكتوبة او المرئية، او يستطيع التعليق بين وبين ذاته او بينه وبين افراد عائلته او في العمل، ولكن لا يتمكن في معظم الاحيان من نقل تعليقه والمشاركة في صنع القرار.

ويجب ان لا ننسى ايضا ان المواطن يشارك كثيرا في صناعة الخبر الذي يتحدث عن مجتمعه وقضايا حياته اليومية، بالاضافة الى تفاصيل خبر عن طريق الاتصال بالمؤسسة او تعديل او اضافة او تغيير، فتكون مساحته كبيرة في المشاركة في صنع القرار، وتعزز لديه ولدى مجتمعه مفهوم الديمقراطية، فهنا لا بد من الاشارة بل والتأكيد ان الصحافة الالكترونية شاركت ومنذ نشاتها بتعزيز الديمقراطية في المجتمعات، حيث نرى الشيء الذي لا يمكن اخفائه ان ثقافة المجتمع وتزايد الشريحة المثقفة والشريحة الكاتبة منذ نشات الصحافة الالكترونية.

فقبل نشأت الصحافة الالكترونية، اقتصرت المساحة المتوفرة لنشر المقالات والكتابات على شريحة معينة، وعلى نوعية معينة، فتواجدت 3-5 صحف يومية في الدولة، حددت مساحة معينة لهم، فيما لا يستطيع اي كان، شابا او موهوبا او امرأة او صحفي في بداية حياته الصحفية ان ينشر او ان يسأل مؤسسة الجريدة او الصحيفة ان تنشر له، فيجد كل شي جامدا في صحيفة ورقية، لا يشارك بها، ولا يتأثر بها ولا تتأثر به، قالب حجري يفرض عليه، وعليه قبوله بكل الاحوال، فيما اعطت الصحافة الالكترونية تلك المساحة الشاسعة للاقلام الشابة والغير متمرسة بالاعتماد على العمر المهني، وحتى على ربات البيوت والفيتان بالنشر والتعليق، فلا قيود عليه ان يكتب او يستنكر او يعلق على مقالة او خبر او قضية او اي مفهوم سياسي، فتجد الصحفي او المواطن يكتب مقالة يفضح بها اختلاس لفلان او علنتان، وتنشر بعد وقت قليل من التنقيح او التحرير، فيما لا يجلس رئيس تحرير الصحيفة الحكومية ساعات يٌقرأها ليعود ويقول للصحفي هذه لن تنشر وتلك ستهدم مستقبل الصحيفة، وهذا التحقيق سيمنع الشركة المستهدفة من نشر الاعلانات لدينا، فتضيع الديمقراطية هنا بين الاعلام والاعلان.

ولا بد الى الاشارة هنا ان الفرد يشارك في صنع قرار ليس محلي فقط وباقل التكاليف والمجهود، انما بصنع قرار دولي صغير كان ام كبير، فمنذ نشأت الصحافة الالكترونية انشات مئات بل الاف المنتديات والجمعيات الشبابية والمجتمعية على الانترنت بين شبان حول قضية معينة، او بين مؤسسات حول مفهوم او قضية، فيتشارك فرد يعمل في مؤسسة للمدافعة عن حقوق المرأة في دولة في رأي لمؤسسة تعمل في نفس المجال في دولة اخرى، ويتم تبادل الاراء والخبرات والمشاركة، بدون قيود، ومن هذه المؤسسات او المنتديات من اصبح لها صدى كبير في المجتمع، فلا تجد صحفي او فرد عامل كان او غير عامل الا ومشترك في منتدى يتحدث حول قضية يهتم بها.

تعطي الصحافة الالكترونية صفة "التوفر" فتجد المادة التي تحتاج في اي وقت رغبت وفي اي مكان كنت والشرط الوحيد لذلك ليس قيد او قانون نشر او مطبوعات او ادارة تحرير او رئيس تحرير، انما توفر جهاز حاسوب، وانترنت، مما يعطي الفرد الحرية في التعبير في ابداء الرأي متى شاء، اضافة الى المعرفة.

خلقت الصحافة الالكترونية المجتمعات المتجانسة التي عملت على خلق ديمقراطية متجانسة محلية عربية ودولية باقل تكاليف واسرع وقت.

وكي لا ننسى ان استطلاعات الرأي هي جزء حي من حرية التعبير والديمقراطية، فاستطلاعات الرأي التي تنشرها الصحافة المكتوبة مثلا تصل عدد محدود من الناس، بالاعتماد على نسبة بيع الصحيفة في مجتمع معين، ونسبة تغطية الاستطلاع من قبل الصحيفة، فيما تجد ان استطلاع رأي على الانترنت يشارك به عشرات الاف دون ان يتم التعرف على هويته فيبدي رأيه بحرية تامة بعيدة كل البعد عن اي قيد، فليس على المشارك في الاستفتاء ان يملئ استمارة للباحث الذي يعرف هويته في معظم الاحيان او مكان سكنه او مكان عمله، والاستمارات التي تجبر في غالب الاحيان المبحوث على ذكره اسمه.

كما ان الحرية هنا تطال امكانية الصحفي والمواطن ان يحصل على اية معلومة نشرتها مؤسسة الصحيفة الالكترونية "الارشيف" دون سؤالها او اخذ الاذن منها، فأرشيف الصحافة الالكترونية متوفر دوما للجميع دون قيود، بينما لو طلب صحفي او محرر من صحيفة مكتوبة نسخة من عدد نشر قبل عام لحاجته له لسبب او لاخر، فقد يحتاج ذلك قرارا من مجلس ادارة المؤسسة وقد لا يتمكن من الحصول عليه، وان حصل تكون اصابع الاتهام والشكوك دائرة عليه، فيشعر بالتقيد .

ان الصحافة الحرة والالكترونية مثالا واضحا عليها، تضع فاصلا واضحا بين الصحافيين ومالك مؤسسة الصحافة او وكالة الانباء او المؤسسة الاعلامية، لا دخل للمالك بما ينشر في الصحيفة، وتعود المسؤولية المباشرة وبالدرجة الأولى على الصحفي الذي يكتب تبعا لقناعته، وبما أنه من الصعب الوصول إلى استقلالية كبيرة لكل الصحافيين، فمن المفضّل أن تكون ملكية الصحيفة للصحافيين، أو أن تكون لهيئة مستقلة عن الدولة كهيئة الإذاعة البريطانية، وتكون مستقلة عن الحكومة والأحزاب السياسية وتوجهاتها.

ان تعدد مصادر الأخبار والتعليقات والمناقشات ضروري للوصول إلى معلومات صحيحة وسهلة الفهم، والصعوبة اليوم هو الوصول إلى اقرب مسافة من الحقيقة في بحر من المعلومات المتنوعة من حيث الكمية والنوعية.

ولكن في دولة يوجد فيها وزير مسؤول عن الإعلام، كما هو الوضع في كثير من الدول العربية هو تعد اعتداء على حرية الرأي في هذه الدول، لأن "ضمانة" الحرية الأساسية للصحافة لا يمكن وضعها في يد الحكومة.

ان ظهور وانتشار الانترنت والصحافة المكتوبة فتحت أمام كافة الشعوب وخاصة المستعبدة منها من قبل حكامها، إمكانيات ضخمة لا يمكن التكهن بتأثيرها والى اين ستصل على مدى بعض عقود من الزمن.

أما الاتصالات الفردية عن طريق الانترنت، رغم محدوديتها، فهي تحدّ من سيطرة الدولة على ضمائر الناس وغسل أدمغتهم، ومن الملاحظ عالميا أن نسبة الاشتراك بالانترنت منخفضة في البلاد الديكتاتورية وهي تحت مراقبة مشددة، فيما تتزايد نسبة الاشتراك في الانترنت في الدول المتحررة "نسبيا".

فلا شك أن ظهور وانتشار المواقع الالكترونية الإخبارية "الصحافة الالكترونية" بشكل كثيف، كان له نتاجات وتأثيرات عميقة على الجسم الإعلامي بجميع أصنافه، اصاب الاعلامي التقليدي بضربة في الرأس، فأعاد صياغة المشهد والجسم الإعلامي وفق منظور مختلف جديد يتأقلم مع المتغيرات وليواكب التحرك في العالم.

ونستطيع ان نقول ان الصحافة الإلكترونية العربية وبشكل غير مسبوق فقد تحررت "نسبيا" من مقص الرقيب الحكومي الذي طالما استمتع باستخدام صلاحياته للتغرير بالقراء بهدف الإبقاء على مكانته الوظيفية والاستحواذ على رضاء حكومته.

ان عدم توافق وجهة نظر المتابع او القارئ مع المحلل أو الكاتب او الصحفي على المواقع الالكترونية، لا يفسد للود قضية، بل ان تقبل المنطق المعروض، إذا قدم صاحب الرأي عرضا منطقيا للدفاع عن رأيه وتحليله لا يعني بالضرورة تقبل الرأي والاقتناع به، وليس مجبرا، لربما تكون هذه الظاهرة أحد أجل مظاهر الديمقراطية الحقة ، ديمقراطية الرأي والتعبير، فالديمقراطية الحقة هي اختلاف في الآراء والتوجهات والأهداف دون تنازل عن إنسانيتنا ونظامنا المدني، وأن يؤخذ برأي الأغلبية ليس إجحافا للأقلية طالما تمكن هؤلاء القلة من عرض وجهات نظرهم والدعوة إليها من خلال الحديث عنها ومناقشتها دون تعصب من الطرف المعارض.

وعلق فؤاد اللحام رئيس قسم الشؤون الاسرائيلية في وكالة معا الاخبارية المستقلة، قائلا ، مع اواخر تسعينيات القرن الماضي وما تخللها من رفع للقيود الاسرائيلية على حرية اقتناء الهواتف والسماح بانتشار شبكات الاتصالات الارضية وما تبعها من خدمات الانترنت بدأت ظاهرة الصحافة الالكترونية في الصعود والانتشار وشكلت نقلة نوعية في العمل الصحفي الفلسطيني ومصدرا هاما يكاد يكون بعيدا عن اي رقابة فعالة للمعلومة والخبر ما اتاح حرية كبيرة نسبيا في الكتابة والنشر والاطلاع .

واضاف :"في رأيي اضافت الصحافة الالكترونية مجالا واسعا امام الجمهور الفلسطيني المتعطش للمعلومة ومكنته من الاطلاع على ما يدور حوله دون ان يضطر الى ترك منزله او مكتبه"، ولكن :"وفي المقابل استغلت الشبكة العنكبوتية للتحريض الفصائلي والتنظيمي عبر المواقع الحزبية المنتشرة عبرها ما جعل المواقع الفلسطينية المستقلة " نسبيا " مكانا لمن يرغب في معرفة الحقيقة "النسبية" بعيدا عن التأثير الفصائلي والانتماء التنظيمي".

واضاف اللحام لقد برزت هذه الضرورة بشكل كبير خلال احداث انقلاب حركة حماس على الحكومة في 14 حزيران 2007 حيث غرقت المواقع الفصائلية في حملة واسعه وغير منطقية من التحريض على الاخر وفي بعض الاحيان استحلال الدماء ما اخرج هذه المواقع التي كانت تدعي المهنية من دائرة العمل الصحفي الى دائرة العمل الحزبي البحته .

واشار اللحام، لقد ساعدت الصحافة الالكترونية من خلال تميزها بسرعة نقل المعلومة ونشرها على رفع مستوى الوعي الجماعي ومنحت الجمهور مجالا واسعا جدا لممارسة حق المعرفة والاطلاع الامر الذي كان محصورا قبل تلك الثورة على الصحف المكتوبة .

وفي مجال تعزيز الديموقراطية لعبت الصحافة الالكترونيا دورا كبيرا حيث اتاحت للجمهور الاطلاع على مختلف الاراء والمشارب السياسية والفكرية والادبية ونرى في الكثير من المواقع الاراء المتعارضة والمتناقضة احيانا منشورة على نفس الصفحة ما عزز مفاهيم الديموقراطية وقبول الاخر لدى الجمهور الفلسطيني الذي بات اكثر تقبلا لحرية الرأي والتعبير وهي من الاسسس الرئيسية لاي فهم او نظام ديمقراطي .

وفي الختام، اشار اللحام ان هناك خشية حقيقة على استمرار دور الصحافة الالكترونية في تعزيز الديمقراطية من خلال محاولة بعض الجهات الرسمية فرض رقابة عليها وتحديد مساراتها وسياسات تحريرها بما يتماشى مع الخط المقبول لديها اضافة الى بعض المحاولات لشمول قانون المطبوعات والنشر للصحافة الالكترونية ما يعني فرض الرقابة عليها بشكل او باخر والحد من الحرية التي تتمتع بها .

ويضاف الى ما ذكر محاولة الكثير من القوى السياسية الفلسطينية فرض الرقابة على مواقع الصحافة الالكترونية من خلال الترهيب والترغيب بما يعزز الرقابة الذاتية وهي في رأيي اخطر انواع الرقابة في محاولة لتدجين الصحافة الالكترونية واخضاعها لرغبات الفصائل والقوى المتناحرة في كثير من الاحيان والمختلفة في احسن حالاتها .

وفي حديث اخر لنا مع الاعلامي الاستاذ ابراهيم ملحم، قال:
قدمت الصحافة الالكترونية اضافات مهمة ونوعية للعمل الصحفي، حيث اتاحت الصحافة الالكترونية المجال واسعا امام الحريات الصحافية، فما كان ممنوعا تداوله في مكان ما ، بات متداولا في جميع انحاء العالم بيسر وسهولة وسرعة.

فالصحافة الالكترونية رفعت سقوف الحريات والغت مقص الرقابة، وطورت من الاداء المهني للصحف والصحفيين، ووسعت دائرة القراءة والمعرفة وخرجت بالصحف الى خارج حدود الدولة.

فقد لعبت الصحافة الالكترونية دورا فاعلا في رفع سقوف الحريات الصحافية العامة وهو ما انعكس ايجابيا على المواطنين في ممارسة حقهم في القول والتفكير والتعبير عن ارائهم بكل جرأة وحرية.

واضاف الاعلامي ملحم المستقبل يحمل البشائر:
وفي تطورها السريع تقدم الصحافة الالكترونية تجرية ناجحة تحمل في طياتها بذور التطور والابداع والتقدم عبر التقنيات التي تقدمها وتفتح بالتالي المزيد من الابواب الموصدة امام الحريات وتجعل الكون قرية صغيرة.

تقييد الحريات:
قال ملحم: مهما حاولت وسائل الاعلام في محاصرة وتقييد الحريات الصحفية للصحافة الالكترونية، فان ذلك سيكون صعب التحقيق، فقد حاولت بعض الدول تقييد الحريات الا انها فشلت في السيطرة على الصحافة الالكترونية وما كان فيها الا ان تراجعت عن تلك الخطوة، ولكن لا يعني ان تعود تلك السلطات لقمع الحريات وملاحقة الصحافة الالكترونية وتقديمهم للعدالة، وهو ما يعكس قدرة الصحافة الالكترونية على التاثير في القراء.

وعن رأيه في مستقبل الاعلام المكتوب والمسموع والمرئي في ظل تطور الالكتروني:
لا شك ان سرعة تطور الصحافة الالكترونية من شانه ان يؤثر على وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية.

فعلى صعيد وسائل الاعلام المكتوبة:
باتت الصحافة الالكترونية منافسا قويا للصحافة المكتوبة من حيث مساحة الحرية المتاحة، واعداد القراء وسرعة الخبر وتجاوزه الحدود، اضافة الى الصورة السريعة من مواقع الاحداث.

الصحافة الالكترونية والتلفزيون:
اشارت الدراسات الى ان الصحافة الالكترونية باتت منافسا قويا للتلفزيون حيث تهرب متابعو الانترنت من اعداد مشاهدي التلفزيون.

اما على صعيد الصحافة المكتوبة:
الصحافة المكتوبة هي الاخرى تطورت تطورا ملحوظا خلال السنوات الاخيرة، من حيث الطباعة وعدد الصحفات وجودة الطبع ما اسهم في احداث قفزة نوعية في الصحافة، خاصة وانه باتت تنشر الصحافة المحلية على الانترنت ما زاد من عدد قراءها.

الصحافة الالكترونية: ايجابيات وسلبيات
من ايجابيات الصحافة الالكترونية واكثرها، ارتفاع سقف الحرية وتاوزها الحدود.
اما سلبياتها فهي انها اتاحت المجال لظهور جهات غير مهنية بانشاء صفحات الكترونية تخاطب بها الجمهور بلغة تبدو خارجة عن المالوف على كافة الاصعدة السياسية والاجتماعية.

انهى ملحم، نعم اسهمت الصحافة في ازالة المتاريس والحدود وفتح الشبابيك والابواب على مصارعها امام الحريات الفردية والعامة، وخلقت نموذجا يمكن ان يحتذى به في جميع الدول.

وفي حديث مع الاستاذ الكاتب الصحفي والمتخصص في القصة الصحافية بسام الكعبي، قال:
ان ابرز ميزة للصحافة الالكترونية انها تمكنت من كسر رقابة وجبروت اية سلطة واستطاعت تجاوز ملاحقات اجهزة الدولة بما توفر لها من تقنيات الثورة التكنولوجية، وفي هذا السياق باتت قنوات مفتوحة لطرح كل القضايا الشائكة، وعلى قاعدة ان لا ديمقراطية دون فتح الطريق امام المعلومات والاخبار والتحليل والرأي، فان الصحافة الالكترونية افضل من يوفر المعلومات المجتمعية على مدار الساعة، ويفتح المجال واسعا للقارئ من اجل التعقيب عليها، الامر الذي يخلق جدلا حول المعلومة الاعلامية المثارة.

وفي هذا السياق، فان الصحافة الالكترونية سيف خطير ذو حدين، وتكمن خطورتها في الجهة المشرفة على ادارة سياسة المعلومات على الموقع، اي المعلومات تضخ وايها تحجب.

لذلك لا عجب ان يتابع القارئ المعلومة ونقيضها على مواقع الكترونية مختلفة، وبات يلاحظ ان الصحافة الالكترونية مجال تصادم واسع للافكار المتناقضة التي تربك احيانا القارئ العادي المحايد، ومع ذلك اجزم بالقول ان المستقبل للصحافة الالكترونية لانها سهلة التداول مع انتشار واسع للتكنولوجيا واجهزة الكمبيوتر وقلة تكلفتها النسبي وسرعة توفير الخدمة الاعلامية واحتراف طاقمها ومرور المعلومة عبر القارات وقدرة القارئ على امتلاك حق التعبير وابداء الرأي بالمعلومة، الامر الذي وفر له فرصة المشاركة الفعلية بتلقي المعلومة والرد عليها ايجابا ام سلبا.

وفي دراسة اكاديمية نشرت مؤخرا تبين ان الصحافة الورقية "المكتوبة" في الولايات المتحدة تراجعت كثيرا على مستوى حجم التوزيع والطباعة واعداد العاملين، وقررت بعضها الانتقال التدريجي للصحافة الالكترونية.

بات المستقبل واضحا للصحافة الالكترونية، واعتقد ان قيامها باطلاق رصاصة الرحمة على الصحافة الورقية مسالة وقت ليس الا، وفي السنوات المتوسطة القادمة لن يشاهد الجمهور يحمل صحفيا ورقية، بتقديري ستغيب تماما الصحف التي نعرفها اليوم وتتحول الى صحافة رقمية على الجهاز.

وبذلك ستدخل الصحف الى متحف تقديرا لدورها التاريخي الذي انجزته وتقديرا لانها حملت الالكتروني على ظهرها، فهذه هي مسيرة التاريخ، مرحلة تصرع اخرى وتغتالها.

واضاف الكعبي، التنافس القادم سيكون قاسيا جدا بين الالكتروني والمرئي، ذلك ان الصورة لا زالت تستحوذ على اهتمام الجمهور، واذا تمكن الالكتروني من تطوير تقنيات عالية على الصورة وتحريكها بصيغة تلفزيونية فانه يكسب جولة مهمة.

وبهذا المعنى فانه يشل ايضا قدرة المسموع ويحدد مساحته ويدعها الى الهامش على اعتبار ان المعلومة المتاحة على الالكتروني باتت مقروءة ومسموعة ومرئية.

واشار الكعبي، ميزة الالكتروني انها صحافة تثير اهتمام الجمهور على مدار الساعة، بينما المرئي يثير اهتمامه في ساعات المساء، ويشغل المسموع في فترات التنقل بين البيت والعمل، اذا تزايد انتشار اجهزة صغيرة ومحمولة يدويا وبتكلفة معقولة تستخدمها بفاعلية الصحافة الالكترونية، فاها توجه الضربة القاضية للمرئي والمسموع وتضعها في دائرة التهديد الفعلي كما اجهزت على الصحافة المكتوبة "الورقية".

وهناك تنافس شديد بين انواع الصحافة وطريقة خلق قنوات اتصال مع الجمهور، لكن الصحافة هي الرابح الوحيد.

توصيات: سبل النهوض بالصحافة الالكترونية لتعزيز الديمقراطية:

1.اجراء تعديلات على القانون الخاص بالنشر والمطبوعات لعام 1995، وعرضه على المجلس التشريعي للمصادقة عليه وتطبيقه.

2.ضمان تعديل بنود حماية حرية الرأي والتعبير وحرية النشر والحصول على المعلومات وحرية مناقشة امور وقضايا حكومية ورسمية وحرية المعارضة.

3.بناء هيئات تحريرية كاملة متكاملة قادرة مثقفة متعلمة "ليكون المدير القائد وليس القائد المدير"، لتعمل الهيئة كاملة وبشكل جماعي والبعد عن الفردية في اتخاذ القرارات حول الاخبار ، وعدم بروز رئيس التحرير بمقام الامر الناهي.

4.ترسيخ مبدأ سيادة القانون من خلال دور مؤسسات المجتمع المدني بشكل خاص.

5.حرية التفكير والتعبير الذي يعتبر جزء من نظام الحكم الديمقراطي.

6.احترام وتقدير الصحفي والاعلامي فالانسان او الفرد من اهم مميزات الحكم الديمقراطي، والمحافظة على حريته وحقوقه، فاذا حصل الصحفي والصحافة على جو ديمقراطي سيعمل من خلال الصحافة على تعزيز الديمقراطية في مجتمعه، والا فلن تعزز الصحافة الديمقراطية بل ستهدم ما تبقى منها.

7.اذا وفرت حرية الرأي والتعبير، تطبق الديمقراطية فتكون الصحافة نفسها تطبيقا وتعزيزا للديمقراطية، فحرية الرأي من الحريات الاساسية التي لا يقوم للديمقراطية قائمة بدونها.

8.الاقرار بحرية اعتناق معتقدات سياسية وافكار يريدونها دون قيد او منع، والحق في المعارضة، والحق في الوصول الى المعلومات والحق في نشرها، وبالتالي اعطاء الحق الكامل للافراد في الحصول على المعلومات بمختلف انواعها، ومن هنا يتبلور الرأي العام الشعبي في قضية ما.

9.تحسين ظروف عمل الصحفيين .

10.انشاء محاكم خاصة للاختراقات والاخطاء الصحافية وعدم عرض الصحافيين في محاكم المجرمين.