وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ما وراء قانون التسوية وقانون الأذان

نشر بتاريخ: 19/11/2016 ( آخر تحديث: 19/11/2016 الساعة: 14:20 )
ما وراء قانون التسوية وقانون الأذان
الكاتب: امجد الاحمد
ليس مصادفة أن تطرح الحكومة الإسرائيلية قانونين في نفس الفترة، فالقانون الأول يتعلق بـ" منع استخدام مكبرات الصوت لدعوة المصلين إلى الصلاة أو لنقل رسائل دينية أو قومية، حيث يعاني العديد من الإسرائيليين يوميا من الضجيج الذي يسببه صوت الأذان الصادر من المساجد"، والقانون الثاني المسمى بقانون التسوية، والذي ينص على "تبييض البؤر الاستيطانية وآلاف الوحدات الاستيطانية المقامة على أراض فلسطينية خاصة، والذي يتيح للحكومة الاسرائيلية إمكانية نقل ملكية الأراضي من أصحابها الشرعيين وتسوية الخلاف مع المشتكي بالتعويض المالي فقط.

وتم طرح قانون تسوية الأراضي بناء على مقترح قدمه حزب البيت اليهودي، وهو من أخطر القوانين على الشعب الفلسطيني، فكان لا بد من تمريره بسلاسة دون أي تشويشات فلسطينية وإسرائيلية ودولية، فلا بد من ايجاد سبيل لتمريره دون ضجيج، فقام حزب البيت اليهودي نفسه باقتراح قانون آخر وهو ما بات يعرف بقانون الأذان الذي يشتت الأنظار عن قانون التسوية بسبب حساسية قانون الأذان من الناحية الدينية والعاطفية لدى المسلمين وكل من يؤمن بحرية العبادة. 

وهذا ما حصل بالفعل، فقد تم الانشغال بقانون الأذان الذي يعرف كل متبصر انه لن يتم اقراره كونه يمس بالديانات كافة، وليس فقط بالديانة الإسلامية ولم يأخذ قانون التسوية الحيز الذي كان يجب أن يأخذه بسبب دغدغة العواطف لدى المسلمين بقانون الأذان، فقام النواب العرب في الكنيست بالاحتجاج على قانون الأذان بعدة طرق مركزين على العواطف التي تجذب الانتباه لدى الجماهير العربية سواء في الداخل المحتل، وفي خضم هذه الاحتجاجات الصادرة من قبل النواب العرب او القيادات الفلسطينية، قام الكنيست بإقرار قانون التسوية الخطير بالقراءة الاولى بأغلبية 57 عضوا مقابل 52 عضوا في الكنيست، وبهذا يكون حزب البيت اليهودي نجح بتمرير القانون المستهدف دون أي شكل من أشكال التشويش عليه من قبل أحد، اما قانون الأذان فقد تم تأجيل التصويت عليه بواسطة الأحزاب الدينية اليهودية خاصة الحزب الحريدي "يهوديت هتوراه" وحركة "شاس" لتخوفهم من اعتراض المسلمين على بوق بدء يوم السبت.

إسرائيل ضربت عصفورين بحجر واحد من الضجة التي افتعلتها من خلال طرح مشروع الأذان، خاصة قيام بعض النواب العرب بإقامة الاذان من على منصة الكنيست فمن ناحية اوجدت تغطية على القانون الاخطر وهو قانون التسوية، ومن ناحية اخرى سيطوف سفراؤها المبعثرون في جميع انحاء العالم، لتأكيد صورة إسرائيل الديمقراطية، وتقول لهذا العالم إنها هي الديمقراطية الوحيدة وسط غابة مليئة بالوحوش، والدليل على ذلك ان لدى اسرائيل برلمان يمثل فيه العرب ولهم كامل الحرية داخله لدرجة رفع الأذان في أروقته، اما العرب فلا يملكون سوى القمع والقتل والمجازر.

كان على القيادات الفلسطينية سواء في الداخل المحتل ومنظمة التحرير تنسيق المواقف في مواجهة اسرائيل ومخططاتها الاستيطانية بحكمة وبدراسة معمقة بعيدا عن الارتجالية والعاطفية والعصبية، وكان من الاجدر ان يتم الاحتجاج على قانون منع الاذان باللجوء الى الكنائس لرفع الاذان من خلالها والتي ابدت استعدادها لفتح ابوابها للتصدي للعنصرية الاسرائيلية، بالإضافة الى رفع الأذان من اماكن عالية بأصوات جهورة هذا لو كانت الحكومة الإسرائيلية جادة بتنفيذ هذا القرار، إلا انها طرحت قرار الاذان لتمرير قانون التسوية، وبهذا تكون قد نجحت بتحقيق ما تريد بالتنسيق والعمل المنظم وفهم ما يفكر فيه خصمها، ونحن فشلنا بالتصدي لها نتيجة انعدام التنسيق بين الاطراف المعنية.

وقبل الانتهاء من المقال أريد أن أشارككم القصة التي كانت الدافع الآني لكتابته، حيث توجهت اليوم الى المسجد لأداء صلاة الجمعة فما كان من إمام في هذا المسجد إلا تقديم تغطية مسهبة عن مقترح قانون الأذان، وبلا شك، استفاض في حديثه حول هذا الموضوع وشرح عنه من ناحية تاريخية ودينية لدرجة انه نسي ان يتطرق لكيفية مواجهة قرارات الحكومة الاسرائيلية، والأدهى والأمرّ من ذلك أنه لم يتطرق بكلمة واحدة حول قانون التسوية ولم يتعرض إلى إبعاد قانون الأذان نفسه.