وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أرى تحت الرماد وميض نار

نشر بتاريخ: 28/11/2016 ( آخر تحديث: 28/11/2016 الساعة: 11:08 )
أرى تحت الرماد وميض نار
الكاتب: رامي مهداوي
ما يحدث من حرائق في مناطق مختلفة، جعلني أنظر الى هذا الواقع المشتعل أيضاً منذ زمن، دون أن نشاهد نارا ودخان، وكأنه كالجمر كامنٌ تحت الرماد، فما أن تلبث الرياح بالهبوب حتى يبدأ نذير آثاره في الواقع الصحي في المستشفيات والعيادات!! الواقع الإقتصادي!! الواقع الفتحاوي!! واقع منظمة التحرير الفلسطينية!! واقع غزة وسيطرة حماس!! واقع المجلس التشريعي!! واقع المنظومة القضائية!!. وفي الواقع السياسي، أستذكر ما كتبه نصر بن سيار، آخر ولاة الأمويين على خراسان مستغيثاً بآخر خلفاء بني أمية في دمشق مروان بن محمد:
أرى تحت الرماد وميض نار... ويوشك أن يكون لـه ضـرامُ
فإنّ النار بالعـودين تذكـى... وإن الحرب مبـدؤها كــلامُ
فإن لم يطفئوها عقلاء قوم... يكون وقودها جثث وهامُ

فمكونات النظام السياسي قابلة للاشتعال عند مشاهدة من تحجّر في مقعده مبررين ذلك بمتطلبات المرحلة، وبمنع التغيير لأن المصلحة الوطنية في مهب الريح، وكأنهم "بعض القيادات" يضعون الوقود بقرب النار ليتفجر ما تبقى مما لم تطالها النيران بعد؟! غير مدركين بأنهم ذاتهم وأفعالهم أصبحوا مواد مشتعلة قابلة لللإنفجار بأي لحظة.
نعم، إن النيران مشتعلة لكنهم لا يشاهدونها، أو يشاهدونها دون أن يعترفوا بها!! فكيف سيعترف من لم يذق مرارة الواقع والمصائب المختلفة المحيطة بنا، بأن النيران تلتهمنا في كافة جوانب الحياة، من لقمة الخبز، وعلاج طفل، وتوفير دواء لمسن، والشوارع المحفرة، والأسعار الباريسية وربما أكثر.

إن سياسة الطبطبة في تعاملاتنا اليومية، وعدم تحميل المسؤولية والمحاسبة تحت مظلة الدستور والقانون، هي إلهاء للشعب وكسب للوقت وتهرّب من الإعتراف بالتقصير، فنسمع عن قضايا فساد دون محاسبة، أو يتم الطبطبة عليها، وعن أخطاء طبية متكررة دون محاسبة، وفشل في البنية التحتية وهدر أموال، وتبريرات ساذجة، فلا يحصد المجتمع سوى الوعود الفارغة والمعاناة واستنزاف الطاقة. هذا التراكم في القضايا سريعة الإشتعال في مجتمعنا، دون معرفة أسبابها أو نتائجها، يكّون الجمر في مختلف القطاعات، وما يقومون به ما هي إلا محاولات لتغطيته بالرماد!!

أما نحن، نكتفي بالتفريغ عن غضبنا بأعمال فردية، كلٌّ على طريقته، دون أن يكون هناك فعل جماعي للمتابعة والمساءلة والضغط من أجل المحاسبة، مما يجعلنا دائمي الشكوى ونبقى ندور في دائرة مفرغة لا نهاية لها، مما يؤدي الى تفاقم حالات اليأس والإحباط والإحتقان القابلة للإنفجار لأبسط الأسباب.
واقعنا واقع ولكننا مكابرون، مما يجعل الجمر جاهز للإشتعال تزداد سرعة اشتعاله كلما مضى الوقت المتأزم دون حلول جذرية، وهم ناكرون يكتفون بإخفاء الجمر وتغطيته أكثر، ولا يدركون أن بزيادة التراكم عليه تتزاد سرعة اشتعاله. أما آن الأوان أن نخمد النيران قبل أن تُؤتي على ما تبقى...