وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حماس تتحدث .. نجاح وملاحظات

نشر بتاريخ: 18/12/2016 ( آخر تحديث: 18/12/2016 الساعة: 15:09 )
حماس تتحدث .. نجاح وملاحظات
الكاتب: د.أحمد الشقاقي
تابعت فعاليات حركة المقاومة الإسلامية حماس في ذكرى انطلاقتها التاسعة والعشرين، غير أن أكثر ما لفت نظري على الصعيد الإعلامي، الفعالية الالكترونية النوعية التي نظمتها الحركة "حماس تتحدث-Hamas talks"، والتي شارك فيها عشرات الشباب خلال مهرجان الكتروني وطني مميز،أقل ما يمكن وصفه بأنه نوعي.
الحالة التي جسدتها الفعالية وهزت فيها مشاعر من تابعها في قاعة رشاد الشوا، أو عبر الفضائيات تدعو للفخر بالشباب الوطني الملتزم، المؤمن بقضايا شعبه، والمتسلح بتكنولوجيا عصره، الذي يسخر هذه الإمكانات لنقل رسالته ودعم المقاومة.
الفعالية الالكترونية ليست الأولى فلسطينياً، من حيث المشاركة الشبابية الجماعية، غير أنها المرة الأولى التي تأتي مترافقة مع برنامج مميز، من الواضح الإعداد الجيد له على مستوى المضمون وعلى الصعيد الفني.

ما سعى إليه منظمو الفعالية من استثمار أشكال الاتصال، سواء الجمعي في رسالة رباعية مثلت أركان تنظيم مقاوم جمعت القائد مع الشاب والمرأة والأسير، لتتشكل صورة كبيرة لعنوان مقاوم حمل السلاح في وجه الاحتلال وشكل رافدا مهما للمقاومة في فلسطين. وكذلك جماهيرياً تفاعلت مجموعة من الفضائيات مع هذا الحدث ونقلته بشكل مباشر لتصل الصورة إلى جماهير فلسطين ومحبي قضيتها في الشتات والعالم. أما إلكترونياً فقد انطلقت تغريدات الشباب من المكان، وشاركهم مجموعة كبيرة من الشباب العربي في ساحات منصات التفاعل الاجتماعي.

إن استثمار الأدوات الإعلامية الحديثة في تعزيز ثقافة المقاومة، وتسخير الجيل الشاب للإمكانات الفنية الهائلة التي وفرتها الشبكات الالكترونية في كسب التعاطف مع رسالتهم الوطنية، يتطلب سياسة إعلامية عامة قادرة على التفاعل مع وسطها ومحيطها الفلسطيني والعربي، ويمكن تحديد جملة من الملاحظات في هذا الإطار.

أولاً: مجمل الحملات التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية تأتي بشكل منفرد، وبعيداً عن التنسيق بين الكل الفلسطيني بما يحرم هذه الحملات من السياقات الوطنية الشاملة.
ثانياً: تغيب الإستراتيجية المنهجية للعمل بشكل مخطط، وفق منطق معد سلفاً للتعامل مع المناسبات الوطنية أو الأزمات الطارئة، والتركيز ينصب على مناسبات محددة قد تتعارض مع بعضها وتحرم الجمهور المتعاطف مع القضية الفلسطينية من المشاركة في مثل هذه الفعاليات.
ثالثاً: يطغى الاهتمام بالنتائج الكمية لمثل هذه النشاطات على جودة ونوعية البرنامج الذي يرافقها، والشخصيات العامة والمؤثرة المشاركة فيها، وهو ما يفقد الفعاليات مساحة التأثير ويجعلها موسمية عابرة.
رابعاً: يشارك في الحملات ذات الأبعاد الوطنية طاقات شابة مندفعة، تبحث عن توظيف لإمكاناتها، وهو ما يتوافق مع رغباتهم الشخصية في نقل الرسالة الوطنية والاحتياجات المجتمعية إلى العرب والعالم.

وبالتأسيس على ما تقدم، فإن المطلوب فلسطينياً للاستفادة من هذه الحملات على المستوى الوطني، أن تتداعى الطاقات الشابة الفلسطينية والفاعلة في ساحات التواصل الاجتماعي بما يمكن الجميع من وضع تصورات للاستفادة الجماعية من هذه المنابر الإعلامية، وبما يحقق مشاركة مجتمعية شاملة تجاه القضايا الوطنية المشتركة.

كذلك ينبغي البحث في الأفكار الإبداعية (أفكار خارج الصندوق)، التي من الممكن أن تستفيد من الخصائص الاتصالية التي وفرتها الشبكات الاجتماعية، وبما يتوافق مع الحاجات الوطنية، وهو ما يجعلها مقبولة من الجمهور وبعيدة عن التقليد والرتابة.
الحديث عن صناعة الرأي العام تجاه القضايا الوطنية، يتطلب حديثاً دقيقاً عن الغايات التي يسعى منظمو الحملات للتوصل إليها، وبالتالي فإن قياس الأثر لتلك الحملات بالاعتماد على المعايير الكمية بحاجة إلى معايير أخرى ذات علاقة بالمضمون والمحتوى، وقدرته على مخاطبة الجمهور المستهدف من وراء هذه الحملات.
إن الإشادة بحماس في نجاح فعاليتها، ومعالم الإبداع التي صاحبتها، يرفع آمالنا بأن نجد منها كما قدمت دائماً إبداعاً مقاوماً جديداً في ساحات الميدان، وكسراً لجمود الحالة الداخلية وتحقيق المصالحة الفلسطينية.