|
فتح انتصرت لهويتها وتاريخها
نشر بتاريخ: 19/12/2016 ( آخر تحديث: 19/12/2016 الساعة: 18:25 )
الكاتب: عبد الله كميل
ما ان بدأ الحديث عن عقد المؤتمر الحركي السابع لحركة فتح حتى بدأ الكثير من المشككين ببث رسائل الشك والتشكيك بعدم امكانية عقد المؤتمر وراهنوا على فشله، فمنهم من وضع العقبات والألغام في طريق هذا المؤتمر، ومنهم من اعتقد بان قرار عقد المؤتمر كان قراراً تكتيكيا أكثر منه جدياً، وحتى بعد بدء انعقاد المؤتمر، بدأ آخرون بالتشكيك في مخرجات المؤتمر، بل وصل الأمر بالبعض حد التنبؤ بحدوث انشقاقات في جسد الحركة كنتيجة حتمية للمؤتمر. ولم يقف أمر التقديرات المتشائمة والمشككة عند الأشخاص و المراقبين، بل اتضح ايضاً أن الأجهزة الاستخباريه الاسرائيليه والدولية وبعض الاجهزه العربية كان لديها تقديرات مماثلة. لكن ما حدث أن فتح، ومنذ اللحظة الاولى من المؤتمر، قلبت كل التوقعات عبر حالة الانسجام التي كانت سيدة الموقف، وخوف أبناء فتح على مستقبل حركتهم، وذلك بعد مرحلة من التراجع والأزمات التي مرت بها الحركة ونتيجة للعديد من التحديات التي واجهت الحركة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
كنت شخصيا قد سمعت الكثير من النقاشات و الحوارات الجانبية التي عبرت عن الحرص على وحدة فتح وعن ارادة التحدي في مواجهة كل الجهات التي ارادت فتح مفسخة وضعيفة. وهكذا تجاوزت فتح أزماتها مجسدة بذلك نبوءة الشهيد القائد ياسر عرفات الخالدة بأن فتح كطائر الفينيق الذي ينهض من وسط الرماد. فقد القى الرئيس خطابا جامعا ومطولا تطرق فيه الى كافة القضايا، وكان هذا الخطاب - الذي اعتمد كوثيقة من وثائق المؤتمر قد عبر عن محددات البرنامج السياسي لفتح والذي عماده التمسك بالثوابت الوطنيه التاريخية، ومقومات البناء الوطني، ورؤية فتح في المجالات كافة كالأمن، والاقتصاد والوحدة الوطنيه ودور الشبيبة والمرأة وعلاقات الحركة الخارجية الدوليه والعربية، اضافه الى التأكيد على هوية فتح كحركة ثوريه مناضلة و امينة على المشروع الوطني الفلسطيني. اضافة لذلك عبرت فتح من خلال المؤتمر على العزم و التصميم لإعادة الروح الاصلاحيه لهياكلها وبناها التنظيمية. وبالمجمل فقد اثبتت فتح وعبر المؤتمر انها الرقم الصعب الذي لا يستطيع احد تجاوزه وإنها قادرة بلا ادنى شك على حماية قرارها المستقل مهما كلفها ذلك من ثمن. إنني أعتقد جازماً بان الرسالة قد وصلت لكل من يجب ان تصل له، وان فتح مهما تراجعت قوتها، تبقى قادرة على اعادة التموضع والتقدم مرة واحده للإمام، كما أنها لا زالت تمتلك كل أوراق اللعبة، فلا احد يستطيع ان ينتزع منها القوة والقدرة على تنفيذ برامجها ورؤيتها و الحفاظ على مكانتها في طليعة الحركة الوطنية. بل وأكثر من ذلك، إن فتح لا زالت قادرة على الاحتفاظ بزمام المبادرة وقطع الطريق على كل من يحاول تغيير أصول اللعبة. و لعل سائلاً قد يسأل كيف استطاعت فتح وبهذه السرعة اعادة ترتيب اوراقها؟ تكمن الإجابة في دينامية الحركة، وردة فعلها كلما تصاعدت التهديدات و تعاظمت التحديات سواء خارجية كانت أم داخلية. هذه التحديات هي الدافع لتقوي الحركة و تزيد من وحدتها و صلابتها. لقد برز ذلك بوضوح في ملامح البرنامج السياسي و النضالي للحركة، اضافة الى عدم بروز اي حالة تصادم قبل واثناء وبعد انتخابات المجلس الثوري واللجنة المركزية, وكذلك إقرار المؤسسين الأوائل كأعضاء شرف للجنة المركزية وكذلك انتخاب الاسير المناضل مروان البرغوثي في اللجنة المركزية بأعلى الاصوات. كما يتجلى ذلك بنتائج انتخابات المجلس الثوري الذي اتى بعدد كبير من العناصر الشابة وغالبيتهم من اصحاب التوجهات المتشددة وطنيا وحركيا، مما ينبئ بالدخول بمرحلة بناء جديدة للحركة، و سينعكس ذلك حتما على الوضع السياسي والوطني، كما سيساهم ذلك حتما بصياغة علاقة تكاملية بين الاطر التنظيميه في ارجاء المعمورة. أما الرسالة الاخيرة لنتائج المؤتمر هي أن الحركة - بكل هياكلها - لن تسمح مستقبلا بحالات التسيب والإساءة للحركة كما حصل في الماضي، وانها ستعيد بناء منظومتها الوطنية والتربوية والأخلاقية بالشكل الذي يضمن لها ان تظل في مربع الريادة واستمرار حيازتها على ثقة الجماهير الشعبية في الداخل والخارج . |