|
ما بعد قرار مجلس الأمن2334
نشر بتاريخ: 26/12/2016 ( آخر تحديث: 26/12/2016 الساعة: 10:21 )
الكاتب: حيدر عيد
ما يدل عليه القرار الأممي هو أنه, وعلى العكس التنظيرات القدرية السائدة, يمكن ملاحقة إسرائيل قانونياً و عزلها و العمل على تغيير الموقف الدولي الرسمي منها وصولاُ إلى فرض عقوبات عليها . و هذا بالضبط ما فعلته بنجاح غير مسبوق حركة المقاطعة و سحب الإستثمار و فرض عقوبات على اسرائيل(بي دي أس)ليس فقط فيما يتعلق بالمناطق التي احتلتها اسرائيل عام 67 (وهو ما يتعامل معه القرار بخجل) , و إنما أيضا فيما يخص حقوق 12 مليون لاجيء بالعودة و التعويض , و حقوق 1.4 مليون مواطن فلسطيني من سكان 48 في مواجهة السياسات العنصرية التي تمارس ضدهم.
و يبرز السؤال الأهم:ماهي الأدوات العقابية التي سيتخذها مجلس الأمن ضداسرائيل في حال استمرارها ببناءالمستوطنات؟! القرارالأممي لايتطرق لذلك على الإطلاق. بل أن اسرائيل قامت بعد يومين من أصدار القرار بالإعلان عن بناء 5600 وحدة سكنية إستيطانية. وهنا تبرز أهمية الدور الذي تقوم به حركة المقاطعة, و الذي يتلخص في المطالبة ليس فقط بمقاطعة اسرائيل علي جميع الأصعدة, بل أيضاً عدم الاستثمار بها أو بتلك الشركات الأجنبية التي تستفيد من نظام الإحتلال و الأبارتهيد بما يخالف القانون الدولي, وصولاً إلى فرض عقوبات على إسرائيل شبيهه بتلك التي كانت مفروضة على نظام الأبارتهيد البائد. عندما توجه المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا لنيويوك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد إطلاق سراحه عام 1990, و في عز المفاوضات مع نظام الأبارتهيد, طالب المجتمع الدولي بعدم التوقف عن مقاطعته, بلتكثيف الحملة و الاستمرار في فرض عقوبات بدلاً من تخفيفها و تحمل الأمم المتحدة مسئولياتها. و هذا بالضبط ما هو مطلوب الآن حتى لا نكرر الأخطاء القاتلة التي ارتكبناها بعد تقرير جولدستون و قبله قرار محكمة العدل الدولية بخصوص جدار الفصل العنصري: تكثيف البي دي أس, مصحوية بحملة دبلوماسية تطالب بفرض عقوبات على اسرائيل لمخالفاتها الصارخة للقانون الدولي, و إلا فإن كل قرارات الأمم المتحدة و الشرعية الدولية ستكون بلا أي مصداقية. من أهم ما يميز حملة المقاطعة هو أنها أسلوب نضالي غير إقصائي على الاطلاق. كل إنسان يؤمن بضرورة مقاومة منظومة الأبارتهيد و الاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي يستطيع الالتزام بالحد الأدنى من المقاومة و الامتناع عن استهلاك المنتجات الاسرائيلية و محاربة كل أشكال التطبيع. و هكذا سيأتي اليوم الذي تستطيع القول أنك شاركت في النضال, وأنك اتخذت الموقف الأخلاقي الصحيح على الرغم من محاولات الاحتلال المكثفة لشيطنة الحملة و ترويجه لفكرة "الاحتلال الأخلاقي" من خلال "التسهيلات" التي يمنحها بالذات لمن يطبع معه. و نحن الآن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام كما حصل من خلال توقيع اتفاقيات أوسلو, حسب الراحل الكبير إدوارد سعيد, وبالتالي انهاء القضية الفلسطينية مرة وللأبد, أو الرفض وتحمل مسئولية توجيه حركة مقاومة شعبية شاملة مرتبطة بحملة مقاطعة دولية بدأت نتائجها بالظهور بشكل لافت للنظر. إنّ عجزنا عن استثمار التضحيات الجبارة و الصمود الهائل, بعد 3 حروب إبادية أدانها المجتمع الدولي, و حصار خانق على قطاع غزة يأخذ أيضاً أبعاداً إيادية, وتصغير البعض منا للنضال الفلسطيني بطريقة إما استسلاميه ترى في التنسيق الأمني "إنجازاً" كبيراً أو عملاً "مقدساً" يدعم ما يسمى بالمشروع الوطني الفلسطيني, أو بطريقة إقصائية لا تحترم الأساليب النضالية المتعددة, بالذات المقاطعة, و تختزل الكفاح بما يتناسب مع نظرتها الأيديولوجية الضيقة, و عدم قدرتنا على وضع رؤية استراتيجية واضحة للتحرير بعيداً عن شعارات الاستقلال الشكلي, تحتم على الجميع العمل على تعزيز و دعم حملة البي دي أس التي تشكل أداة نضال فعالة و استثماراَ للتضحيات الكبيرة تعمل على محاسبة اسرائيل بطريقة مباشرة بعيداً عن سياسات الاستجداء و التسول على أبواب البنك الدولي و الاتحاد الأوروبي و قطر و تركيا! .. |