|
القرار 2334
نشر بتاريخ: 27/12/2016 ( آخر تحديث: 27/12/2016 الساعة: 15:35 )
الكاتب: بهاء رحال
من باب الانصاف أولاً للجهد الدبلوماسي الفلسطيني وبعيداً عن حالات المزايدة والتعقيد في التحليل فإن القرار يشكل انتصاراً فلسطينياً في أكبر محفل دولي وفي أهم مكان في العالم، هذا المكان الذي صدرت منه أهم القرارات الدولية، سواء المتعلقة في عالمنا العربي أو في بقية دول العالم، فمن غزو العراق وما قبلها إلى حرب سوريا واليمن، ومن تقسيم السودان الى قرارات البوسنة والهرسك وغيرها من القرارات التي هي من عمر هذا المجلس ولكن في مجمل القرارات التي تصدر عنه فإنها تطبق، ولو كان ذلك بقوة الحرب والحصار وفرض العقوبات، إلا في المسألة الفلسطينية فان القرارات توضع في أدراج هيئة الأمم، تحفظ حبرها على ورق، وتحتفظ بارقامها كون الامر متعلق بكيان مدلل أو كان كذلك قبل أن نرى موقف الولايات المتحدة الأخير في التصويت، حين اكتفت بالامتناع عن التصويت في إشارة منها لقبول القرار، ولو كان غير ذلك لاستخدمت حق النقض الفيتو وأسقطت القرار برمته، ولست ممن يتفاءلون كثيراً في الأمر لكن وفي ذات الوقت علينا أن نرى الأمر بشكله الحقيقي وبما يحمله من إيجابية، حيث صوَتَ العالم لصالح الحق الفلسطيني، ووقف أصدقاء الشعب الفلسطيني في كل أرجاء العالم إلى جانبه موقفاً بطولياً نحفظه لهم، ونشكرهم عليه ونثمن عالياً هذا الدور الدولي الذي لعبه الاصدقاء والأشقاء حتى جاء القرار 2334 ليعطي مزيداً من الأمل، وهو يقول ان المستوطنات القائمة في الاراضي المحتلة عام 1967 غير شرعية، وهذا يعني أن المستوطنات جميعها غير شرعية في القدس وأراضي الضفة الفلسطينية على حد سواء.
ومن باب الانصاف أيضاً، علينا القول ان الجهد السياسي الفلسطيني حقق وثبات إلى الامام في معارك دبلوماسية عديدة خاصة في السنوات الاخيرة الماضية، وهذا يرجع الى قوة الحق الفلسطيني اولاً وإلى قدرة الماكينة السياسية الفلسطينية التي تخوض معارك حسم في المحافل الدولية وعلى كافة المستويات، وهذا يتجلى في تراجع الدعم الدولي للاحتلال بفضل فضح سياساته التي صار العالم يعرفها ويخجل منها ومن استمرار دعمه لها، حتى الولايات المتحدة لم تعد قادرة على مواصلة مسلسل الانحياز المعتاد، وهذا كله لم يحدث من فراغ، فهو نتاج عمل سياسي ودبلوماسي دؤوب، واصل الليل بالنهار حتى وصل الأمر إلى ما نحن عليه اليوم، من تضامن دولي يزداد ويتعاظم، ومن تضامن شعبي تتسع رقعته في المواقف وخاصة في مسألة مقاطعة بضائع المستوطنات، لما لها من أهمية اقتصادية وبُعد سياسي حقيقي تمارسه الشعوب فعلاً وقولاً وتضغط به على حكوماتها. القرار بحد ذاته، قد لا يغير المشهد على الأرض حالياً، أو في المدى المنظور ربما، وقد قابلته دولة الاحتلال بتصريحات عنجهية لا حصر لها، ومن كافة المستويات بدءً من نتنياهو مروراً ببانيت وليبرمان وغيرهم ممن اطلقوا الشعارات والتصريحات ضد مجلس الأمن الدولي، بشكل همجي فاضح حيث وصل الامر بهم إلى استخدام لغة التهديد والوعيد وهذا يعبر عن مدى التخبط الذي أصابهم بعد هذا القرار، وبعد أن شاهدوا كيف العالم يلتف حول الحق الفلسطيني، وراح نتنياهو يعبر عن غضبه بالإعلان عن بناء المزيد من البؤر الاستيطانية كخطوة اضافية على الأرض وهذا ليس بجديد، بل هي سياسة الاحتلال منذ بدأ، لهذا فإن المشهد سيزداد صعوبة وتحدي، فالاشتباك السياسي له تحدياته في المحافل الدولية وأيضاً على الأرض، في مواجهة غول الاستيطان وسياسات الاحتلال وغطرسته، وهذا يدفعنا لنكون جاهزين دوماً لمواجهة ما قد تحاول فرضه حكومة نتنياهو، فما يحمله المستقبل جد خطير خاصة ونحن على أعتاب مرحلة جديدة تشهدها الولايات المتحدة، حيث ترامب قادم ليترأس البيت الابيض، ولا احد يستطيع أن يتنبأ بما قد تحمله الظروف القادمة ولكن علينا الرهان على مواقفنا وأن لا نتراجع الى الوراء، وأن نحترس من الفخاخ التي سيحاول الاحتلال وضعها في محاولة تحقيق مكاسب دولية في مرحلة قادمة تستوجب الحذر وخاصة في التعامل مع الادارة الأمريكية الجديدة. وحتى لا يقول قائل، أني تجاوزت الحديث عن الموقف المصري الذي سحب القرار من التصويت فاستبسلت دولاً غير عربية لتقديمه وفعلت ما تراجع عنه الأشقاء، فان لمصر أسبابها التي لم تعلن عنها، وأظن أن الأولى أن لا نتحدث كثيراً عن الأمر كي لا نخسر شقيق كبير، رغم غضبنا من ذلك الموقف الغير مبرر والذي وقع في مصيدة الضغط الأمريكي، وعلى رأي قائل فقد فعلناها من قبل فلماذا نلقي باللوم الآن على مَن هُم مثلنا يتعرضون للضغوط الكبرى من الولايات المتحدة وغيرها. |