|
غزة- بين أزمة التسليم والاستلام
نشر بتاريخ: 18/01/2017 ( آخر تحديث: 18/01/2017 الساعة: 10:54 )
غزة- تقرير معا- عاد التراشق الاعلامي والاتهامات المتبادلة مجددا بين حكومة التوافق برئاسة رامي الحمد لله وبين حركة حماس على خلفية استفحال أزمة الكهرباء في قطاع غزة الذي شهد تظاهرات شعبية غاضبة خلال الأسبوع الماضي للمطالبة بوضع حلول جذرية للأزمة المستمرة منذ سنوات.
ووسط هذه الاتهامات، يقف المواطن الغزي مكتوف الأيدي لا حول له ولا قوة بانتظار انفراج الأزمة بعيدا عن الحلول الترقيعية المؤقتة، ولم يعبأ كثيرا بمطالبة رئيس حكومة التوافق لحماس بتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها في قطاع غزة وتسليم كافة القطاعات لها وليس فقط تغيير مجلس إدارة سلطة الطاقة وشركة الكهرباء، ورد الحركة عليه بالموافقة على هذا المطلب بشرط تطبيق ما تم الاتفاق عليه في حوارات المصالحة وقيام الحكومة بكافة مسؤولياتها إزاء القطاع على أن تكون القوى الوطنية شاهدة على ذلك. ويرى مراقبون أن تصريحات التسليم والتسلم لملفات غزة ليست جادة وهي مجرد ردود أفعال على الاتهامات المتبادلة بين الطرفين وان سكان القطاع هم ضحية الخلافات المستعرة بين السلطة وحماس. متسائلين :"كيف سيكون المشهد لو تم التسلم والتسليم قبل انجاز المصالحة المجتمعية ؟ ماذا لو قامت إحدى العائلات من حماس أو فتح بالأخذ بالثأر على خلفية أحداث الانقسام الدامية في 2007 ؟ كيف ستكون العلاقة بين المقاومة وسلاحها وبين الحكومة؟ ما مستقبل موظفي غزة وتفريغات 2005 والعقود؟ وما الرؤية الملائمة للقضاء على التضخم الوظيفي بما يضمن وجود فرص للخريجين؟. يقول الكاتب مصطفى إبراهيم في مقالة له: "ما يجري في أزمة الكهرباء محزن ويثير الغثيان، حتى المؤتمرات الصحافية وتصريحات التسليم والاستلام لجميع ملفات غزة غير صادقة وليست جادة وهي مجرد ردود أفعال على الاتهامات المتبادلة وتحميل المسؤوليات عن الفشل الذريع والعجز ليس في إدارة شؤوننا إنما في إدارة ملف الكهرباء". ويضيف: "من يريد الحل ليس بحاجة للتواصل عبر وسائل الإعلام، فالأزمة أعظم وأكبر وهي ليست مجرد أزمة كهرباء التي لم ولن تنتهي بهذه الطريقة من دون أن يديرها طرف ويتحمل المسؤولية بشفافية عالية، ويراعي ظروف الناس والفقراء والمهمشين، كما أنها لن تنتهي بمكرمات أميرية ورئاسية وحكومية أو اتفاق وطني فترته الزمنية ثلاثة أشهر وربما أقل ومن دفع ومن سرق". ويضيف "الناس فقدوا الثقة بأنفسهم وبالقائمين على حياتهم فهم اعتادوا على الحلول الفردية، وفِي أزمة الكهرباء والقول أن حماس ورثت ورثة ثقيلة بملف الكهرباء وأنه ملف فاسد ورائحته النتنة تزكم الأنوف منذ عشر سنوات هذا صحيح غير أن ليس مبرراً للاستمرار في ذات النهج، كما أن قطاع غزة بحد ذاته ورثة ثقيلة بكل ملفاته المختلفة منذ أكثر من عقدين من الزمن وحتى الآن، واستمرت بإدارته بذات النهج السابق بالتفرد ومراكمة الفساد وسوء الإدارة وعدم البحث عن بدائل والاكتفاء بالإدعاء بالحصار". بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني أن أزمة الثقة بين الحركتين فتح وحماس كبيرة وكبيرة جدا وأصبحت بحاجة لعلاج جذري يتمثل في تغيير محددات الخطاب الإعلامي والمناهج التربوية لكلا الطرفين. ويقول الدجني في حديث لمراسل "معا": "إن تصريحات رئيس الوزراء ليست صادقة وتأتي في سياق الانتقال من مرحلة سلموا الكهرباء والذي استجابت له حماس بعد الحراك الشبابي السلمي إلى مرحلة سلموا الحكومة واستجابت أيضاً له حماس". ويضيف" سنكون هنا بين خيارين خيار اندفاع حكومة التوافق لاستلام غزة فيكون الصدام الذي لا يحمد عقباه، هذا الصدام ينبغي طرحه ليس من باب التخويف أو عدم الرغبة بمصالحة وطنية إنما من باب التحذير والعمل على تجاوزه ما يطلب صياغة خارطة طريق تفصيلية يتم بموجبها التسليم والتسلم على قاعدة رفض الإقصاء والعمل المشترك ووضع رؤى تحدد معالم العلاقة بين الحكومة والمقاومة ومستقبل موظفي غزة وتفريغات 2005 والعقود بما يحقق العدالة للجميع، ولتجاوز التضخم الإداري بحاجة لقانون تقاعد عصري. وتابع: "وقبل كل شيء لابد من مصالحة مجتمعية حتى لا تنفجر الأوضاع في وجه الحكومة، وكذلك رؤية إستراتيجية لحل أزمات غزة كالكهرباء والبطالة والفقر والصحة والتعليم والحصار". أما عن الخيار الثاني بحسب الدجني "عدم تسلم حكومة غزة وهنا سيصاب الشعب الفلسطيني بالقطاع بخيبة أمل وستكون غزة أمام خيارات أخرى تتجاوز حكومة التوافق". وتشكلت حكومة التوافق الوطني الفلسطيني في الثاني من يونيو عام 2014 بموجب الاتفاق الذي وقعه وفد فصائلي من منظمة التحرير الفلسطينية مكلف من الرئيس عباس يوم 23 أبريل من نفس العام مع حركة حماس في غزة بمنزل نائب رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة والذي عرف اعلاميا بـ"اتفاق الشاطئ". وحدد "اتفاق الشاطئ" مهام حكومة التوافق في رفع الحصار عن قطاع غزة واعادة اعماره ، والتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية ، واعادة ترتيب الأجهزة الامنية ، والمصالحة المجتمعية ، وتسيير الأمور المعيشية للفلسطينيين في الضفة والقطاع. وفي الأيام الأولى لتشكيلها اصطدمت بمشكلة موظفي حكومة غزة السابقة التي كانت تديرها حركة حماس الذين ينظمون على فترات متباعدة إضرابات جزئية وكلية في محاولة لإجبارها على دمجهم بشكل رسمي ضمن قطاع الموظفين ودفع رواتبهم. كما تتهم حكومة التوافق حركة حماس بتشكيل "حكومة ظل" في غزة من وكلاء الوزارات المنتمين للحركة وهو ما نفته حماس متهمة الحكومة بعدم القيام بمسؤولياتها تجاه القطاع لعدم توافر الارادة السياسية لديها والتمييز ضد الموظفين. تقرير أيمن ابو شنب |