وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لا تضربوا أبناءكم بل علموهم الحب

نشر بتاريخ: 19/01/2017 ( آخر تحديث: 19/01/2017 الساعة: 11:49 )
لا تضربوا أبناءكم بل علموهم الحب
الكاتب: بهاء رحال
ثمة أناس لا يتقبلون فكرة التنازل عن الضرب، كإحدى وسائل التربية التي يُرى بأنها نموذج يؤدي إلى الصلاح، وهذا النوع من الناس لا يمكن أن تقنعهم بعدمية أسلوبهم، لأنهم مقتنعين بجدوى القسوة التي يفرضونها على أطفال صغار في سنواتهم الأولى، ومنهم من يرى بأنها أفضل من أساليب التربية الحديثة التي تقوم على أسس ومفاهيم ترفض ممارسة العنف والضرب مع الأطفال، لأن الطفل يحتاج إلى من يرشده ويعلمه ويدربه في خطواته الأولى، بدلاً من التلويح له بالعقاب.
أكثر الناس قسوة، أولئك الذين يضربون أبناءهم في الطرقات، في السوق أو في الشارع العام، وأقلهم قسوة من يضرب أبناءه في البيت أو في حديقة المنزل، وفي كلتا الحالتين فإن الطفل يتعرض للألم الجسدي والألم النفسي، ويولد لديه رغبة في الانتقام، هذه الرغبة التي تكبر معه في سنوات عمره، فيبدأ بالتأثر بالعدوى، ويمارس عدائيته على من هو أصغر منه، كأن يضرب شقيقه أو شقيقته الأصغر منه، وهنا يكون الأهل أول المسببين لهذا المرض الذي ينتشر في المجتمع، وينتقل معه في فصول حياته المختلفة، لهذا نجد أن الكثير من مجتمعاتنا لديها إفراط في العدائية، وهذا يعود بالأساس إلى النشأة والتربية، وإلى العائلة التي هي أساس المجتمع، وعليها يعتمد في تربية الأجيال إلى جانب المدرسة التي تتكامل في دورها مع الأهل.
ماذا يضيرنا إذا تعاملنا مع أبنائنا بحب، بدلاً من تعاملنا معهم بقسوة الضرب، ماذا لو غيرنا وسائل العقاب بأخرى، ولماذا يصرُّ البعض على هذا الشكل من العقاب، خاصة حين يكون مبرحاً وفي شكل عدائي، كأنه يريد أن يفتك به، وإهانته حتى أمام من هم في جيله وعمره، وكنت لا أرغب في الكتابة عن هذا الأمر لولا أن حادثة الطفل (أيهم) الذي قتل دون رأفة نتيجة الضرب، وما تعرض له من عقاب أودى بحياته في ظروف لا يزال جزء كبير منها غامض ويخضع للتحقيق من قبل الجهات المختصة، وهذا ما دفعني للكتابة، لأن ما جرى هو جريمة لا تقل خطورتها عن مشهد طفل في العاشرة من عمره يتسول على مفارق الطرقات، ولا تقل خطورتها عن مشهد أب أو أم يضرب طفله بيده أو بأدوات أخرى فقط لأنه ارتكب خطأ صغيراً لا ذنب له فيه، ولأنه لا يزال يتدرب على الحياة، بين الخطأ والصواب، فبدلاً من أن نرشده بحب، نعاقبه بعنف وقسوة.
إذا أردنا أن نغير في سلوك المجتمع، فعلينا أن نبدأ من الأجيال الصغيرة، أن ندربهم على الحب وقيم التسامح، بدلاً من العنف والكراهية التي أوصلت مجتمعاتنا إلى شكل مريض، مصاب بعدوى الاقتتال التي تفتك بالمجتمع وتفككه، والشواهد كثيرة في منطقتنا العربية التي نرى كل يوم حجم الدموية التي تحدث فيها، وهذا الإرهاب الذي يعصف طوال الوقت هو بالأساس نتاج التربية، بالإضافة إلى عوامل أخرى، ولكن إذا أردنا محاربة الإرهاب فعلينا أن نوقف أولاً الإرهاب ضد الأطفال في الأسرة والمدرسة والطريق والمدينة، فلنغير نحن من سلوكنا تجاه أطفالنا ليغيروا هم من سلوكهم في المستقبل حين يكبرون.
علموهم الحب قبل الضرب، ولا تجعلوهم يجاهرون بكراهيتهم ويخجلون من التعبير عن حبهم، علموهم أن الحب ليس عيباً وليس حراماً، علموهم أن الكراهية هي الحرام، وأن العنف والاقتتال هو الحرام، وأن القسوة ليست صفة إنسانية، بل إن التسامح هو أجمل الصفات، سامحوهم في الصغر حتى يتعلموا منكم أنبل الصفات.