|
زيارة إلى نقابة الصحفيين
نشر بتاريخ: 24/01/2017 ( آخر تحديث: 24/01/2017 الساعة: 16:10 )
الكاتب: د. أحمد رفيق عوض
تحملت النقابات الفلسطينية أعباءً مضاعفة غير تلك التي تتحملها النقابات في الدول ذات السيادة، والتي تتمتع بإمكانيات التطور والنمو الطبيعيين، فالنقابة عندنا تضطر إلى تحمل الأعباء النضالية والأعباء النقابية، وكل المخاطر التي يمكن أن تلحق بتركيبة وحاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني، إذ كان الاحتلال وما يزال عائقاً أمام التطور الطبيعي للمؤسسة الفلسطينية والطبقة الفلسطينية والنخبة الفلسطينية، فضلاً عن الاقتصاد والأرض والدولة، ولهذا، فإن النقابة لدينا تضطر إلى إعادة ترتيب الأولويات ما بين النضالي وبين النقابي، ما بين القانوني وبين الارتجالي، وبين السياسي وبين الاجتماعي، هذا الاضطراب الاضطراري ينعكس دائماً على نوعية نشاط النقابة ومرجعياتها القانونية وطريقة انتخابها وطريقة سلوكها وطريقة نضالاتها.
أقول ذلك، بعد زيارتي الأخيرة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، حيث التقيت برئيس النقابة النشيط والحيوي ناصر أبو بكر، وكذلك الصحفي المتميز منتصر حمدان، والمثابر علاء حنتش، حيث ذهبنا في حوار طويل ومعمق حول الرؤية الجديدة لدور نقابة الصحفيين ووظائفها المتعددة في ظل هوامش ضيقة وارتباكات اجتماعية وسياسية واجتهادات قانونية تتداخل فيها الحسابات الداخلية والخارجية، وحيث مفهوم الحرية مفهوم مرن يتردد ما بين قيود الاحتلال وضوابط المهنة واشتراطات التمويل، ورغم ذلك، أعربوا جميعاً عن أملهم الكبير والواسع والمديد بأن بإمكان النقابة – بدمائها الجديدة ورؤاها المستقبلية وقيادتها المتجددة – أن يقدموا أشياء كثيرة للصحفيين الفلسطينيين باعتبارهم أصحاب مهنة رفيعة المستوى، لا أعضاء في حركة أو حزب أو تنظيم، وباعتبارهم مواطنين، لا باعتبارهم أرقاماً أو مجرد ناخبين، فقد تحدث رئيس النقابة ناصر عن مشاريع للإسكان ومجمع نقابي يقدم خدمات متميزة وعن ضمانات للعمل وعن اتفاقيات جديدة وعن أمور أخرى يعلن عنها في حينه، هذا بالإضافة أيضاً إلى الحضور العربي والعالمي، والتميز في الموقع والمشاركة والإسهام الحقيقي في تلك المنتديات العالمية، حيث يثبت اسم فلسطين في الوعي والضمير. وأعود إلى كلامي الأول عن ترتيب الأولويات للنقابة الفلسطينية – كل نقابة فلسطينية – إذ أرى أن من الواجب ومن المنصف أيضاً أن تجد النقابة لنفسها مكاناً متميزاً عن النظام السياسي بكل مكوناته، السلطوية والحزبية والعشائرية، فالنقابة هي ملك لأعضائها وملك لمهنتها، وعليها أن تكون المعبر الحقيقي عنهم وعن مصالحهم، ولأن هذا الكلام عمومي جداً، أقول أنه – ورغم الاحتلال ورغم تداخل المهمات واضطراب الأولويات – فإن على النقابة أن تبعد مسافة كافية عن المواقف الجاهزة أو المعروفة والمعدة سلفاً، على النقابة أن تساهم في عملية التحول الاجتماعي السياسي الذي نسير إليه بسرعة كبيرة، النقابة ملك نفسها وملك أعضائها، وهذا ما نرجوه من النقيب ناصر أبو بكر، الذي نثق به ونثق بخياراته، ونثق بمواقفه، ونرجو له التميز في هذه المواقف على الساحة الداخلية كما تميز على الساحة العربية والدولية. ولأن نقابة الصحفيين لها تاريخ طويل، وعملت تحت ظروف ومناخات متعددة، ويطلب منها في بعض الأحيان أن تختار من بين الشرور أهونها، فإن ظرف الانقسام والاحتلال والاستقطاب والتسويات والتكتلات والجهويات، وكذلك الاشتراطات الدولية والانقسامات العربية، يجعل منها نقابة متميزة، إنها تنتمي لشعب تحت الاحتلال، يرى أن الحرية وطلبها هي أغلى وأثمن ما عنده، فلتكن رسالة هذه النقابة الحرية السياسية والحرية الاجتماعية. إن شرط الحرية وشعارها، يجعل من نقابة الصحفيين الفلسطينيين عنواناً متميزاً، ليس على الساحة العربية فقط، بل العالمية، إذ أن النقابة عندئذٍ، تحمل مضموناً إلى العالم، يدركه كل مثقف، ويؤمن به كل صحفي، مرة أخرى، تجد النقابة عندنا أن أولوياتها تتساوى ما بين النضالي والمهني، وأعتقد أن زملاءنا في النقابة يحملون هذه الراية ويؤمنون بها. |