|
دور المثقف في مواجهة التطبيع
نشر بتاريخ: 25/01/2017 ( آخر تحديث: 25/01/2017 الساعة: 15:18 )
الكاتب: عباس الجمعة
امام الظروف التي نشهدها من تطبيع مع كيان الاحتلال ، اسال اين دور المثقف العربي في مواجهة سياسة التطبيع ، وهنا علينا وفي ظل التحديات التي تواجه المثقفين والتي تتطلب التخلص من شرنقة المذهبية والطائفية والقبلية التي تحتاج إلى وعي عال للتخلص منها، لأن الثقافة هي سلوك الإنسان وأفعاله، والجهل عكس الثقافة، والمثقف نقيضه الجاهل، ولأن المثقفون هم جنرالات المعركة المقبلة وقادتها ومحددو نتائجها وبات عليهم القيام بدور محوري في معركة الدفاع عن الأمة وحضارتها .
من هنا نرى ان على المثقف القيام بفضح أساليب الغزو الفكري وكيفية مواجهته، والقدرة على تحليل الواقع وقراءة المستقبل بدقة، والسعي إلى التغيير دوما، على المستوى الذاتي والجماعي والوطني والقومي والانساني، والتحليل الصحيح وقراءة الواقع بدقة للتنبؤ بالمستقبل. ان الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية، والتي حملت زورا إسم الربيع العربي ، الذي كانت نتائجه وبالا وخرابا على أبناء كل الأوطان التي أصابها هذا الفيروس التفتيتي ، والأمة جمعاء ، والقضية الفلسطينية خاصة ، وان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم من عدوان صهيوني بهدف تهجير من تبقى على ارض فلسطين التاريخية ، وما يتعرض له في الضفة والقدس الذي تنتفض بشاباتها وشبابها من أجل التحرير والحرية والاستقلال والعودة ، لم يختلف عما رايناه عند اجتياح العدو للبنان وتصدي الشعب اللبناني ومقاومته لهذا الاحتلال بعد خروج الثورة الفلسطينية ، حيث حقق الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة الانتصار على العدو حيث ادى الى فراره وعملائه من الأراضي الجنوبية المحتلة دون قيد أو شرط عام 2000 ، وهزيمته العام 2006 ، وبدون أن يحقق مكسبا أو ينال جائزة ترضية . وفي ظل هذه الاوضاع نجد وللاسف بعد ما جرى في العديد من الدول العربية من احداث وهجمة امبريالية صهيونية استعمارية وارهابية ظلامية ، نجد بأن عملية التطبيع اصبحت حلم عند البعض العربي من مثقفين وملوك وامراء وفنانين وتجار حيث ينخرون مجتمعاتنا بفتاوى تجيز ” السلم ” مع العدو الصهيوني حينا ، وتشرعن ” التطبيع ” معه حينا آخر، وتحض على الإقتتال والحرب الأهلية أحيانا أخرى ، فالعدو يحاول عبر حربه الناعمة الوصول إلى الأهداف التي عجز عن تحقيقها بالعدوان العسكري المباشر، وهي أشد فتكا وخطرا من مفاعيل الحرب العسكرية التي تواجه بها قوى المقاومة وشعوبها واحزابها وقواها عدوا محددا ، وقوة نارية بقوة نارية ، في حين أن أدوات الحرب الناعمة ، تبدأ بمراكز الأبحاث والدراسات التي تسخر لها مليارات الدولارات ، وتحشد لها أكبر الكفاءات العلمية والفكرية ، وتمر بوسائل الأتصال والأعلام ، ولا تنتهي بالأدوات المحلية على أختلاف مستوياتها ومسمياتها التي تؤدي أدوارا خطيرة. لذلك نطالب كافة المثقفين بوضع الخطط في مواجهة كل خطوات التطبيع المتسارعة في أكثر من بلد عربي ، من خلال الزيارات و مؤتمرات التطبيع الأقتصادي والشبابي ، لانه بات معروفا لدى الجميع ان العدو الصهيوني مستعمر غاز، محتل، توسعي عنصري، فالوجود الصهيوني بحد ذاته يشكل خطرا على الامة العربية برمتها، وعلى الدول المجاورة خاصة، فالتطبيع يعمل على تحقيق الاهداف الصهيونية في الاعتراف به كدولة ذات سيادة واستقلال، والتطبيع يعني الاعتراف الرسمي بدولة الكيان الصهيوني كدولة يهوية، والاعتراف هو تشريع حقيقي لاقامته، وتنفيذ مآربه، ومشروعاته العدوانية والتوسعية، التي يطمع بمزيد من الاراضي العربية. ان من يحاول تبرير التطبيع الذي تشكل خيانة بكل المعايير والمقاييس، وتتحطم امامه كل الذرائع والمبررات، خاصة وان العدو الصهيوني يستهدفنا في وحدتنا ومستقبل ابنائنا، ويسعى جاهدا للسيطرة علينا، وعلى مقدراتنا، وتشريد شعبنا من دياره، ولا يجوز التعامل معه الا من خلال المقاومة بكافة اشكالها ، الوسيلة الوحيدة لاعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، اي حقه بالعودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس . لذلك فاننا نطالب الشعوب العربية واحزابها وقواها التقدمية والقومية ، لمواجهة اي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، والأخذ بعين الاعتبار اهمية المرحلة التي تمر بها امتنا العربية، التي ينخر في جسدها عوامل التجزئة والتخلف والتبعية، مما يدفع بالامبريالية العالمية، وبتحالف صهيوني، وتواطؤ مع اطراف اغلبية النظام العربي الرسمي، ان تسعى الى تحقيق اهدافها في الهيمنة والسيطرة على مقدرات الامة، والوقوف في وجه تحقيق طموحاتها وشطب القضية الفلسطينية . ان الثقافة هي وعاء الامة، التي تشكل محددات تكوينها، والتربية التي من خلال فلسفتها، فهي عامل تجديد فعلي للمجتمع، وهي اكثر قدرة على تغيير الواقع، لاننا من خلالها نستطيع ان نحدد استراتيجية التصدي للعدو. ان الوعي بان الصراع العربي الصهيوني صراع حضاري، يتعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني والامة العربية، وان هذا الصراع هو صراع وجود لا صراع حدود، ولأن هذه الامة عصية على الزوال، حيث مقومات وجودها وانبعاثها متوفرة، وان كانت تحتاج الى من يقودها نحو تحقيق اهداف وحدتها ونهوضها، وقد مرت غزوات استعمارية متعددة ولكن مصيرها كان دوما الفشل بسبب مقاومة الشعوب المناضلة لها ، وهذا يستدعي العمل بالنفس الطويل، وتحمل المعاناة، لان الصراع مع الامبريالية والصهيونية، يحتاج الى حشد كل الطاقات ، مما يعني ان ساحة النضال فيها مكان هي لكافة القوى والاحزاب والفصائل التي تؤمن بخيار الكفاح والنضال من اجل التحرير والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية . ختاما : نقول ذلك لاننا نعي خطورة المرحلة ، ولأن التطبيع خيانة ، وعدوان صارخ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والامة العربية ، مما يتطلب ثقافة المواجهة للتطبيع من خلال سلاحنا الفكري والثقافي الى جانب العلمي، فهو قادر على توليد الخطط والافكار القادرة على ان تكون في مواجهة كل ادوات العدوان التي يملكها العدو، والتمسك بخيار المقاومة بكافة اشكالها ، لأن هذه المقاومة حققت العديد من الانتصارات في لبنان وغزة وسوريا ، ولا بد من تحقيق الانتصار على ارض فلسطين و تحرير الارض والانسان ورفع علم فلسطين فوق مآذن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية. |