|
ترامب بداية حقبة جديدة
نشر بتاريخ: 27/01/2017 ( آخر تحديث: 27/01/2017 الساعة: 10:22 )
الكاتب: بهاء رحال
في لغة معهودة بدأ الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب مثل أسلافة من رؤساء الولايات المتحدة الذين ما أن يجلسوا على كرسي الحكم، ويبدأون بممارسة مهامهم حتى تتلاشى بعض وعودهم وشعاراتهم الانتخابية التي كانوا يسوقونها طيلة فترة الدعاية الانتخابية وما يرافقها من عمليات استقطاب وشحذ همم وتعاطف، وهذه هي صورة الولايات المتحدة التي تحكمها مؤسسة ولا يحكمها عنتيرات الرؤساء وارتجالاتهم، فليس الأمر بجديد أن يبدأ دونالد ترامب حقبته الرئاسيه بالتهرب من وعود قطعها على نفسه في فترة الدعاية الانتخابية، لتصبح تلك الوعود شعارات يرمى بها جانباً، ويلتزم بشكل كامل بما هو في مصلحة الولايات المتحدة وبما يحقق اهدافها وسياساتها في كل المحافل وعلى كافة الجبهات والجهات، فهي دولة لا تقوم على الفرد الواحد والقائد الواحد والرئيس الذي لولاه لمات الناس جوعاً ولتهدمت البلاد وشرد العباد كما هو الحال في البلاد العربية، فهذه الولايات المتحدة التي تقوم على فكرة الدولة الديمقراطية وتداول السلطة السلمي وتناغم سلطات الحكم، وتوافقها بما يتفق وأحكام القانون والنظام، والاحتكام لسياسات وتوجهات السيطرة على العالم، لتحافظ على مكانتها القوية وقدراتها ونفوذها في الحكم والسيطرة.
ولأنها اعتادت تداول السلطة بشكل ديمقراطي سليم وسلمي، بين الحزبين الرئيسيين وهما الديمقراطي والجمهوري، فهي لا تسمح لعنتيرات الرؤساء وارتجالاتهم السابقة ان تبقى، بل تجردهم من تلك المواقف لحظة توليهم زمام السلطة، ليبدأون بممارسة دورهم المنوط بهم وفق المصالح العليا للولايات المتحدة، التي هي بالأساس نقطة تلاقي يجمع عليها الكل الأمريكي بأختلاف أحزابه، فنراها بشكلها الذي تبدو عليه، رئيساً مودعاً يستقبل رئيساً قادماً ليجلس مكانه، وهذا أمر يعني انتصار للديمقراطية التي تزرعها الولايات المتحدة في بلادها بينما تنشر الخراب والدمار في البلاد الأخرى. لهذا وجدنا ترامب يتراجع عن بعض مواقفه وشعاراته التي أطلق لها العنان في حملته الانتخابيه، وصلت في بعضها حد الجنون، حيث وصفه المراقبون بالرجل المتهور والمرتجل الذي سيؤدي إلى إطلاق عواصف سياسية لحظة توليه الحكم، بينما صدق النوع الآخر من المراقبين الذين رؤوا أن تلك الكلمات ما هي إلا شعارات ستنطفئ وتذوب ويلتزم ترامب بما يضمن المصالح العليا للولايات المتحدة، سواء كان الأمر متعلق بالسياسات الداخلية أو الخارجية. السياسة الأمريكية الخارجية تكاد لا تختلف بين رئيس وآخر، ولا بين الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، فكلاهما متفق على فوضى الشرق، وتقسيم البلاد وسبي العباد، وابقاء حالة التناحر القائمة على أفكار الاختلاف والتطرف والخراب، والحفاظ على النفوذ وبسط الهيمنة على مختلف دول العالم، والمحافظة على صورة الولايات المتحدة كقوة رقم واحد في معادلات العالم، ولهذا نجدهم دائماً يسعون إلى تنفيذ ذات الاجندات في دولنا، ولو اختلفت بعض السياسات في شكلها، إلا أن النتيجة واحدة والهدف واحد. سيكون الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أكثرا اتزاناً عن ذي قبل، وستتغير طريقة خطاباته ولن يبقى على حالة الخداع والشعارات الانتخابية الزائفية التي كان عليها فترة ما قبل توليه الحكم، كما وأنه سيبدل لغته وكلماته وسيتحول إلى رئيس للولايات المتحدة، يعرف ما يقف في صالحها ويتجنب كل ما يمكن أن يعرضها للخطر، مثله مثل اسلافه، وسوف يؤجل بعض عهوده التي قطعها، والتي تتعارض مع رؤيا الولايات المتحدة وسياساتها سواء كانت الوعود على مستوى الشرق الأوسط أو على مستوى العالم وفي مختلف القضايا، فليس الأمر مناط بعنتيرات فردية، وليس الأمر شخصياً كما هو الحال في بعض الدول التي تقوم على فكرة الزعيم الواحد والرئيس الذي لا يتبدل ولا يتغير، والقائد الذي يحكم ويتحكم بالبلاد دون مرجعيات قانونية وسياسية وتشريعية. الأيام القادمة سنشهد بها هذا التحول، وسوف نرى تصريحات رونالد ترامب أقل اندفاعاً، ولن تكون مصحوبه بعنتريات متهورة، كما كان في السابق، فهو اليوم رئيس الولايات المتحدة وعليه الحفاظ على مصالحها وقوتها وقدراتها ونفوذها، وعليه مواصلة السير في تحقيق مخططاتها الاستراتيجية التي تسعى من خلالها للحفاظ على مكانتها العظمى على مستوى العالم. |