وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المثقف ودوره في : الاستيعاب الذكي شعار المرحلة القادمة

نشر بتاريخ: 29/01/2017 ( آخر تحديث: 29/01/2017 الساعة: 13:55 )
المثقف ودوره في : الاستيعاب الذكي شعار المرحلة القادمة
الكاتب: عوني المشني
لا بد من التنويه ان هذا ليس بمقال ، انه مقدمتين لمقالين مختلفين ، الاول يتحدث عن دور المثقف في صياغة الوعي المجتمعي ، والثاني عن تآكل الاستراتيجية الفلسطينية النضالية ، ولكن اتضح اثناء الكتابة التداخل بين الموضوعين فاقتضي الجمع بينهم ، والجمع هنا يدخل في باب التراكم الكمي يؤدي الى تغيير كيفي
نعم مثقف وملتزم ، مثقف بمعنى انه يعي ما يدور حوله بأبعاده ونتائجه وأسبابه الحقيقية ويستطيع تجريد الحدث واستخلاص نتائجه ، وملتزم يعني انه ملتزم بقضايا وطنية واخلاقية وانسانية ويمثل تلك القضايا بموقفه وفكره وممارساته .
دور هذا الانسان ليس استعرض مواهبه وقدراته عبر كتاباته وكلامه ، وليس اختزان معرفته لتشكل قاعدة لمواقفه ، دوره الحقيقي وضع معرفته الحقيقية بكل ابعادعها امام الجمهور ليستفاد منها في صياغة موقف وطني انساني اخلاقي ، ان المثقف الذي يرتجف امام اي تهديد ويتراجع حتى عن قناعاته حفاظا على مصالحه يمثل نموذج حي لتراجع المثقف عن دوره ، وبخطورة هذا الموقف الا انه تقل خطورة من استعداد هذا المثقف لتبرير مسلكية لا وطنية ولا إنسانية ولا اخلاقية استجابة لتلك التهديدات او الضغوط .
ولكن هذا وذالك كانت استجابتهم ليست رغبة بل عدم مقدرة على التحمل ، هناك ما هو انكى من ذلك ، الاستجابة المخالفة للضمير والاخلاق والبعدين الوطني والانساني وذلك تحت اغراء تحقيق مصالح ذاتية ضيقة ، هنا نصل لدرجة الانحراف وخيانة القضية التي من اجلها يفترض التضحية ، ان هناك الكثير ممن ارتكبوا هذه الجريمة وامتلكوا من الوقاحة ما يكفي لتبريرها وما زالوا يحسبون أنفسهم في خانة الالتزام والثقافة وهم في الحقيقة قد غادروا مربع الثقافة ومربع الالتزام وأصبحوا مثقفي سلاطين الذين .
سنقدم هنا نموذج حي وحقيقي لدور المثقف هذا الذي خضع او اخضع باع او بيع وكيف يخون الحقيقة ويخون قناعاته ويخون القضايا الوطنية والأخلاقية والإنسانية
بدأت بالكفاح المسلح وعبر حرب التحرير الشعبية طويلة الامد وكطريق وحيد ، مسيرة طويلة هكذا ، تضحيات عظيمة ، وصلت القيادة الفلسطينية الى مستوى قيادة الشعب الفلسطيني على هذا الطريق ، الكفاح السلح مثل طريقا وحيدا في أولى المراحل ، ثم دخل مصطلح كافة أشكال المقاومة بما فيها الكفاح المسلح ، وخاضت معارك سياسية خاصة بعد حرب أكتوبر ، وصولا للأمم المتحدة
بعد اوسلو استمر شعار كافة أشكال المقاومة وبدون الإشارة الى الكفاح المسلح ، الانتفاضة الثانية نقلتنا الى مستوى اخر ، دخل بعدها وبعد استشهاد القائد الرمز ياسر عرفات شعار كافة أشكال المقاومة الى مرحلة التآكل التدريجي ليحل مكانه رويدا رويدا شعار المقاومة الشعبية ، فترة قصيرة تمر ليضاف الى الشعار كلمة السلمية ، مقاومة شعبية سلمية
هذا لا يكفي ، تتواصل عملية التآكل ، تآكل تدريجيا وبصمت ولكن بمنهجية ، تختفي تدريجيا كلمة شعبية ، فهي في الواقع ليست شعبية ، ما يجري في نعلين وبلعين والمعصرة عمل نخبوي محدود وبكل المضامين ، ها قد أصبحت مقاومة سلمية
هذا لا يكفي ، يتم تداول كلمة مقاومة سلمية ذكية ، على اعتبار ان المظاهرات ليست ذكية ، والاعتصامات غبية ، وضرب الحجارة ليست سلمية ، الدعوة لمقاطعة اسرائيل غبية لان البديل الذكي الدعوة لمقاطعة المستوطنات
هنا وصلنا ، لكن هذه ليست نهاية الطريق فالعملية مستمرة ولكن على نار هادئة وبدون اثارة ضجة
هنا يتدخل المثقف ويستخدم مبضعه لإجراء جراحة استئصالية لوعي المجتمع
اننا نستجيب للمتغيرات في الواقع ونطور استراتيجيتنا النضالية بما يتناسب مع المتغيرات !!!! وعندما تسأله ما الذي تغير ؟؟؟ الاحتلال قائم ويزداد صلافة ، الظلم والاضطهاد يستشري ، وفشلت كل جهود السلام والمفاوضات ، وثبت ان عدونا لا يستجيب لكل نداءات السلام ، فما الذي تغير ؟؟؟؟ امام تلك الأسئلة يهرب الى المنطق التبريري والمصطلحات الفضفاضه مثل الموضوعية والذاتية ومعادلات الصراع وموازين القوى ومعسكر الأعداء والاصدقاء ويخلط تلك المصطلحات بطريقة تجعل المواطن العادي يقع في ارباك امام غموض مصطنع
ويتواصل منطق تبرير المثقفين هؤلاء
حتى نسحب البساط من تحت اقدامهم لم لا نستبدل كلمة مقاومة بال الاشتباك التفاوضي مثلا ؟!!!!
حتى كلمة اشتباك ليست ذكية بما يكفي الاشتباك تنعش الذاكرة ولشيئ عسكري .
ممكن ان نستبدلها الاختلاف الذكي
نعم نختلف ! ولم لا ؟؟؟ الاختلاف ظاهرة صحية وهي مقبولة في النظم الديمقراطية
اختلاف كلمة ثقيلة
تعارض اخف وطئة
تعارض سلمي ذكي
ربما هذا هو التعبير المقبول
من يحتج ؟؟؟؟ نحن متعارضين وبطريقة ديمقراطية وسلمية وذكية
هذا ما عاد يتناسب مع الوضع ننتقل
هذه المرة الاستيعاب الذكي
بدل الاختلاف معهم نريد ان تستوعبهم هذا يحرجهم وننقل الصراع الى مربع القوة لدينا
نحن الحضارة والثقافة والاغلبية والثقة بالنفس والتاريخ العريق لما لا نستوعبهم
شعارنا الاستراتيجي نستوعبهم بذكاء
نستوعب أطروحاتهم ، سياساتهم ، اهدافهم
الاستيعاب السلمي الذكي سعار واستراتيجية المرحلة القادمة
يكفي هنا للتدليل على مسألتين في غاية من الأهمية : التراجع في الاستراتيجية كمنهج تدريجي مدروس ومحددة آفاقه سلفا ، ودور المثقف المأجور في تبرير ذلك
يكفي ؟؟؟؟
لا يكفي ولكن الى هنا أستطيع الكلام ، بعد ذلك لم يأتِ وقته بعد ، لكنه سياتي ................