|
حتى عهد قريب.....
نشر بتاريخ: 01/02/2017 ( آخر تحديث: 01/02/2017 الساعة: 12:33 )
الكاتب: صادق الخضور
كثيرة هي مجالات التطوير التربوي التي ظلّت حتى عهدٍ قريب مندرجة في إطار التمنيات، لكن.... بواقعية، وبوضوح المسار، وبقيادة باقتدار، كان أن بات الصعب ممكنا، والمأمول متاحا، والحديث بطبيعة الحال عمّا يشهده الميدان التربوي من نجاحات تتوالى في ظل قيادة وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم جهود التطوير بإسنادٍ كبير من مؤسسة الرئاسة بقيادة سيادة الرئيس محمود عباس، والحكومة برئاسة دولة رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، في ظل وجود فريق فاعل في قيادة الوزارة وإدارييها وفنييها والمديريات والمدارس، وبحضور فاعل للجان متخصصة عكفت- ولا زالت- على مواصلة العمل، لتأخذ الرؤى موقعها المفترض على أرض الواقع عبر برامج عمل وخطوات فعلية، وهذا ما عكسته على سبيل المثال لا الحصر لجنة إصلاح التعليم.
فحتى عهد قريب.... كان الحديث عن تطوير نظام الثانوية العامة مما يندرج في إطار الصعب، لكن التطوير تمّ، وفق رؤية تستشرف آفاق الغد الآتي، وطبيعة النظام المنشود، واقترن التطوير باعتماد ملف الإنجاز والتجديد في آليات التقويم والتقييم، ليأتي الحديث عن نظام بات فعليا بديلا عن النظام القديم، حقيقة لا يختلف عليها اثنان: بأن الإقدام على خطوة كهذه حكمه حرصٌ على تجديد طال انتظاره. وحتى عهد قريب، كان الحديث عن تطوير المناهج، والبدء في تطوير الكتب المقررة مما ينضوي في إطار الحديث عن تطلعات، لكن التطلّع غدا واقعا بعد إنجاز كتب الصفوف الأساسية الأربعة الأولى، وبمضامين أرست دعائم الاهتمام بالمنظومة القيمية جنبا إلى جنب مع المحتوى المعرفي، وليس أدل على ذلك من وجود كتاب خاص بالتنشئة الاجتماعية والوطنية، ليشهد تطوير المناهج في عام إنجازا فاق التوقعات، صحيح أن البعض طرح بعض الملاحظات، لكنها في غالبها ارتبطت بالشكل لا بالمضامين، ثم ما لبث الجهد أن طال كتب الصفوق من 5-10، والعمل جار على استكمال الإنجاز، واقترن التطبيق بالتقييم وبالتغذية الراجعة من الميدان؛ في خطوة أرست شراكة نوعية. وحتى عهد قريب، ظل الحديث عن إحداث نقلة نوعية في واقع التعليم المهني والتقني محكوما برغبة في إحداث اختراق، وسرعان ما بدأنا نلمس أن اعتماد منحى التعريض بدءا من المرحلة الأساسية العليا شكّل نقطة انطلاق، وبذا تمّ تجاوز الحديث عن وجوب الاهتمام باهتمامٍ بات في حكم الواجب، والآمال المعقودة على هذا الصعيد كثيرة وكبيرة، وهي مما يحمل معه بشائر عهد جديد يتوخاه الجميع قاعدة للانطلاق في بلورة رؤى ومعالم جديدة لواقع هذا القطاع الذي يمس قطاعات الحياة كلها. وحتى عهد قريب، كان الظنّ بأن طرْق موضوع الاهتمام بالتعليم ما قبل المدرسي وبرياض الأطفال وربطه بالتعليم العام مجرّد حديث مجرّد، كذا كان الحال، ومع منح أولوية لهذا المحور بات من ركائز الاهتمام، وتوّج ذلك بقرار حكومي باعتماد المنحى، وبالبدء في تطوير المناهج. حتى عهد قريب، كان التركيز على إبراز الكامن مما يندرج في إطار أولوية ظلّت حبرا على ورق، حتى كان الاهتمام بإبراز الكامن، وبرعاية الإبداع، وبتوطين المبادرة والإبداع في النظام التربوي، فتوالت الإنجازات وظهرت إبداعات وقعت من دائرة اهتمام صنّاع القرار موقع الماء من ذي الغلّة الصادي، فكان فوز حنان الحروب، وطلائع الأمل، وتألق أطفال فلسطين في المسابقات العربية والدولية وغيرها من الإنجازات ترجمة فعلية للاحتفاء بالإبداع وبالمبدعين، وتوّج ذلك بإنجاز صندوق فلسطين للإ نجاز والتميز، وبذا تمّت مأسسة الاهتمام بالإبداع وبالمبدعين، وجاء الإعلان عن أفضل معلم فلسطيني ليكون خطوة على طريق توطين تكريم إبداعات معلمينا في سياق يتتناغم والدور الطليعي للمعلمين ولمديري المدارس في بلورة معالم سياق إبداعي يحتفي بالإبداع، ويكرّم سدنة مشروعنا الوطني بما يليق وحضورهم المقترن دوما بالسعي للأفضل. وحتى عهد قريب، كان التواصل مع المدارس في المناطق المهمشة ومناطق الاحتكاك جزءا من اهتمام، فإذا به يغدو موجّها من الموجهات التي تحكم العمل وركيزة من ركائز منح المدارس التي تعاني الأمريّن اهتماما يتناسب وما تمثلّه من وقوفها الدائم صدّا منيعا في وجه محاولات الاحتلال النيل من حق أطفالنا في التعليم، وسرعان ما اقترنت فعاليات تعزيز المدارس بسوسيا ودوما والمنطار وطانا وغيرها من المناطق التي عانت تهميشا أوجد تهشيما لبنية مؤسساتها، لكن المدارس التي حفرت وجودها في عمق الأرض أينعت صمودا يعكس المعنى الحقيقي للصمود بتواصلٍ شبه دائم معها والوجود الدائم في قلب أرضها وكأنها معادل موضوعي لما يسكن القلوب من حبّ فلسطين، وليغدو الانحياز لهذه المناطق بمدارسها وأهليها علامة فارقة وجوهر التأكيد الحقيقي على أن الانتصار لها من صنّاع القرار بات حالة تُعاش لا مجرّد تنظير. حتى عهد قريب، لم تنل الشراكة مع المؤسسات الوطنية والأهلية حظّها الكافي من التركيز، ليأتي الاهتمام بتوقيع الاتفاقيات الثنائية، وتحقيق التكامل على أرضية شراكة وطنية جامعة مانعة تولي جهود هذه المؤسسات اهتماما يتناغم وما تضطلع به من دور ريادي، فكان أن أفردت الوزارة حيّزا من الاهتمام المدروس بشراكة تفتح الباب على مصراعيه لتكامل منشود. حتى عهد قريب...كان الحديث عن توظيف التكنولوجيا والرقمنة محكوما بإطار تقليدي، برز التوسّع ورافقه تجديد، وبتجنيد مدروس لمشاركات المؤسسات الأهلية والخاصة تبدو الأمور مرشحة لتحقيق نتائج نوعية. وحتى عهد قريب ... ظل الحديث عن جهد خاص بالقدس وبالتعاطي المراعي خصوصية المدينة، مغفلا عديد الجوانب الممكن تبنيها لتعزيز صمود المقدسيين ومواصلة نظام التعليم الفلسطيني تشكيل درع حام لعروبة المدينة وفلسطينيتها، فجاء الاهتمام بالقدس والخطوات التي راعت خصوصية الوضع فيها ليكون بمثابة رسالة وطنية الأبعاد. حتى عهد قريب... توالت الخطوات وتتابعت، بتوازٍ مدروس وعمل ممنهج، والجهود ظلّت محكومة بإطار فلسطيني الجذور، عالميّ الحضور، حضرت فيه أصالة القيم مع مهارات القرن الحادي والعشرين والسعي لمواكبة الحداثة، والجمع بين المعرفي والمهاري والقيمي، وما كان لكل هذا أن يكون لولا قيادة معالي الوزير د. صيدم وجهوده التي واصلت الليل بالنهار، وعززّت العمل بروح الفريق، واستحضرت دوما الأهداف المدروسة؛ ما يجعل من الأهمية بمكان إعلاء راية الآمال بتوفير ضمانات الاستدامة لاكتمال حلقة تطوير غدا ممهورا بطابع الإصرار والتحدّي، وباهتمام بتنمية إبداعات الطلبة ليكونوا حرّاسا للبيدر. هو عهد ليس غريبا على ما من تشرّب روح العهد فغدا من حُماته، ولطالما ردّد كثيرون مقولة الرئيس الراحل أبو عمار رحمه الله "العهد هو العهد"، وثمّة من استلهم روح المقولة لتعبّر عن روح التحدّي كما أرادها الياسر، لتزداد الآمال بأن يكون التعليم وما يشهده من تطوير شمولي يجمع بين الأصالة والحداثة مرتكزا رئيسا للتأسيس لمشروعنا الوطني. حتى عهد قريب.... بين ما كان وما هو كائن ؛ العهد يتجدّد، والآمال تتضاعف والبناء على ما كان ركيزة، والثقة بالقادم تتزايد، فكل التقدير لمن أرسى نهجا، أرسل وهجا، عانق مهجا، فما تحقق في عام ونيّف وبما يوطنّه من ركائز لتطوير إضافي سيحقق حتما الإضافة المطلوبة، والرهان دوما على نبالة الإنسان في الإنسان، وعلى نفوس طامحة آمنت بأن التطوير ممكن إذا تشرّب روح التحدي والإصرار، لتبقى البوصلة مشيرة إلى حيث يجب أن تشير.... إلى فلسطين التي قدمّت أنموذجا تلو الآخر بأنها جديرة بالإنجاز، والإنجاز بها جدير؛ وأصل الحكاية قيادة حرصت على توظيفٍ واعٍ للجهود، وحرص على أن يكون الانتهاء من أي خطوة بداية خطوة جديدة، فالنهايات في عرف أي عهد ليست كالنهايات المألوفة إذ إنها تؤسس لبدايات جديدة...........هي متوالية محكومة بفضاء مفتوح... تماما كالطموح الذي لمّا يفارق أروقة الروح،............................... وللحديث بقيّة. |